Twenty Memories ( Cottage Girl )

سوف اتأخر !!!

دخل ضوء الشمس من سقف غرفتي الزجاجي
هبط بعضه على وجهي فاستفقت كلي امل على انه يوم جميل خال من التفكير والهلوسات
مازلت تحت تأثير هلوسات البارحة
نزلت لطابق السفلي متفادية النافذة
حضرت قهوتي الصباحية كالعادة وذهبت الى الشرفة التي حفضت المنظر الذي تطل عليه
كان ذلك المنظر نفسه كل يوم حتى مواقع الغيوم  لسنوات لم يتغير اي شيء كانت نفس الطيور تزور المكان نفس الاشجار التي بقيت على حالها هرمة كبيرة نفس منظر شروق الشمس على الخامسة صباحا
يال العجب اتسائل هل دقة تركيزي وهلوساتي جعلتني لا الاحظ ما تغير منذ سنوات ام ان المنظر بقي ذاته حقا
تناولت رشفة قهوة مرة اعادت عقلي لراسي واعادت تركيزي
لمحت خدوشا على خشب كوخي لم اراها من قبل حاولت العودة بذاكرتي الى الوراء لكن لا جدوى بدأت اغوض في اعماق عقلي الباطن
وجدتكي اخيرا
انها اخر ذكرى لي مع والداي المرحومان
كان ابي يعلمني لعب الكرة
وبعد ان تعلمت جلب لي ابي كرة سوداء مزركشة بكافة الالوان سميكة جدا جعلني اركلها حتى تلامس خشب الكوخ
هي المسؤولة عن تلك الخدوش
في ذاك اليوم كنت فرحة جدا لاني استطعت ان اركلها بتلك القوة وكانت اخر مرة ارى فيها الفرحة اصلا
بعد تاكد ابي من اني تعلمت اللعب بالكرة ذهبنا لمتجر في المدينة لاشتراء دراجة كهدية لي وفي طريق عودتنا وقع حادث غير متوقع  والديا كلاهما سقطا من جرف عميق
اسودت السماء وهطل المطر وهبت الرياح حزنا عليها وعلى طيبتهما التي فارقت الحياة
هكذا فقدت والداي وانا لازلت ابلغ من العمر فقط ست سنوات
عدت الى المنزل جريا مكسورة الخاطر بعد تاكدي من موتهما
ولم اذرف اي دمعة من شدة الحزن اظن انها ازمة نفسية او ما شابه
من بعد تلك الحادثة عشت اربع عشر سنة وحدي في تلك المنطقة النائية في ذالك الكوخ البالي ورغم ذالك درست وعملت وجابهت الدنيا ومن فيها وها انا الان عشرينية ذات عمل رائع ومدخول كافي للعيش في افضل الظروف لكني فضلت ان اكمل حياتي في هذا الكوخ الذي يحمل كل ذكرياتي
هل تعلمون لماذا
لاتذكر كل قطرة مطر ايقضني صوتها
فبحثت عن والداي خوفا فلم اجدهما لاتذكر صورة امي التي كانت تجول في البيت يخجل القمر من محياها مبتسمة
لاتذكر كيف علمني ابي ان اخطو اول خطوة حافية على التراب المبلل ومعاتبة امي له
لاتذكر ذالك الفاس الصغير الذي اشتراه ابي لي لاساعده في اكمال بناء الكوخ وانا لازلت في الثالثة من عمري
لاتذكر اول كعكة حضرتها مع امي كانت بطعم التوت البري
رائحتها مزالت تعم الاجواء
لاتذكر كل ما يتعلق بطفولتي وشبابي البائسين ولا انساهما ولا انسا اصلي وفصلي لان الانسان بطبعه ينسى
وبذكر النسيان
فهذه اول مرة منذ اربع عشر عام اتذكر يوم وفاة والداي لاني كنت احاول محو ذلك من ذاكرتي لا تلقائيا
غصت فالتفكير مجددا
كيف لا وهذا المكان السحري الذي اعيش فيه ينعش الذهن
هذا الكوخ الذي بناه ابي بقلبه قبل يديه وزينته امي باتسامتها قبل زينتها
ورممته ضحكاتي عندما كنت طفلة وها هو يراني انهار امامه ومزال صامدا بذاك الخشب القديم والاثاث الرث لكن رغم ذالك انا اعشقه ولا انوي مفارقته الا بعد مفارقتي الحياة
رن منبه الساعة التاسعة وقت بدا الدوام لو غصت في التفكير اكثر سوف اتأخر ساذهب للعمل بدرجاتي المتواضعة واترك البيت في امانة قطتي الصغيرة من حقها هي ايضا ان تعيش بعض الراحة والهدوء والوحدة !!