1.
"كونوهامارو-سينسي، جئنا لزيارتك!"
فُتح باب غرفته في المستشفى. أول من ظهر كان أوزوماكي بوروتو، وهو خالِ الوفاض، رغم أنّه عادةً يتمُّ إحضار باقة أزهار أو هديّة.
"بوروتو! أنت صاخب! هذه مستشفى، التزم الهدوء!" وبّخته أوتشيها سارادا، زميلته في الفريق، وهي تتبعه إلى الغرفة، ضامّة باقة من أزهار الكرز إلى صدرها.
"كيف حالك يا كونوهامارو-سينسي؟" دخل ميتسكي آخراً بمزاج رائق وهو يحمل كيسًا ورقيًا.
كان يومه الأول في المستشفى لكنّ كونوهامارو شعر بالملل الشّديد. كاد يبتسم لرؤيته طلابه المحبوبين لكنّه كبح تلك الابتسامة. "مهلاً! مهلاً!" قال بصرامة، "ماذا عن مهمتكم؟"
"لا توجد مهمات اليوم! لذلك استيقظنا باكراً للحصول عليها!"
"على ماذا؟"
"يقصد هذا!" أخرج ميتسكي علبة من الكيس الورقي، مطبوع على غلافها اسم متجر الحلويات التقليدية الأكثر شهرة في القرية، خاصة بكعكة دايفوكو الفراولة التي يبيعها. ينتج المتجر أربعمائة منها فقط في اليوم، لذلك كان من المستحيل أن تحصل عليها ما لم تكن في الطابور قبل فتح المتجر!
"دايفوكو الفراولة! اصطففنا ثلاثتنا للحصول عليها!" قالت سارادا بسعادة وهي ترتّب فروع أزهار الكرز في إناء.
أخذ بوروتو العلبة الخشبية من ميتسكي وفتح الغلاف. داخلها كانت حبات دايفوكو الفراولة مصفوفة وملفوفة بورق الواشي.*
"فعلتم هذا من أجلي؟" شعر كونوهامارو بشيء دافئ في صدره. "سأصنع بعض الشاي" اقترح ميتسكي، "أين المطبخ؟"
"آه لا عليك، سأفعل ذلك." حمل كونوهامارو عكازه من حافة السرير ونهض مستندا إليه "إنه لأمر محبط للغاية أن أكون هنا طوال الوقت. من دواعي سروري الخروج من هذه الغرفة."
عندما غادر، قام تلاميذه بسحب الكراسي المستديرة المكدسة في إحدى الزوايا وجلسوا عليها.
"لازلت لا أصدق أن نينجا بمهارة كونوهامارو سينسي قد تأذى لدرجة أنه طريح الفراش في المستشفى." تنهّدت سارادا.
أومأ ميتسكي برأسه، "من حسن الحظ أنّه لم يتأذَّ أيٌّ من الركاب."
شغّلت سارادا التلفاز، على الشاشة ظهرت فتاة ذات شعر ذهبي في مقابلة في نشرة أخبار منتصف الصباح.
"من هذه؟" سألت سارادا.
"هيمينو ليلي. ألا تعرفينها؟" اتسعت أعين بوروتو.
"أنا لا أشاهد التلفاز إلاّ نادراً. من هي؟ شخصية تلفزيونية؟"
"نجمة. أصبحت مشهورة حقًا مؤخراً، تُعرض على الشاشة طوال الوقت." أثناء حديثه، التقط بوروتو إحدى دايفوكو الفراولة ونزع عنها الورقة. كما لو أنه أعطاهم الضوء الأخضر، مدّ ميتسكي وسارادا أيديهما والتقطا كعكة أيضاً.
تلك الفتاة نجمة؟ حدّقت سارادا في التلفاز بذهول وهي تنزع غلاف الدايفوكو. الفتاة التي ظهرت على الشاشة ظريفة حقاً، كانت ترتدي حذاءً أبيض وفستانًا قصيرًا به الكثير من الأشرطة لأن يكون عمليًا، وشعرها ذهبي مموج يصل إلى كتفيها. على الرغم من كونها في الخامسة عشرة من عمرها على الأقل، إلاّ أنهاّ تعمّدت التحدّث بطريقة لطيفة وبريئة، ما جعلها تبدو أصغر من ذلك.
نجمة... لا أهتم بهذه الأشياء. لكن أتساءل ما نوع الأغاني التي تغنيها. أخذت سارادا لقمة من الدايفوكو وإذا بها تقفز كما لو أنها أصيبت بصدمة كهربائية. "ما هذا؟! إنّه لذيذ للغاية!"
أومأ ميتسكي، "إنه كذلك بالفعل!"
"ممم، إنها لذيذة! لكنني أفضّل الزينزاي* التي تصنعها أمي." قال بوروتو ومدّ يده للحصول على دايفوكو آخر.
آه، دايفوكو الفراولة هذه رائعة. لذيذ... لذيذ... أرسل ذوق الكعكة الطيّب سارادا إلى عالم الأحلام، أرادت أن تحصل على واحدة أخرى لكنها قالت أنه عليها انتظار عودة كونوهامارو. بعد ثانيتين، أعادت التفكير ومدّت يدها مرة أخرى.
دوّى صوت الموسيقى من التلفزيون. على ما يبدو، كانت ليلي تؤدي أغنيتها الجديدة: "Marchmallow Heart"
نظرت سارادا إلى عنوان الأغنية المعروض على الشاشة فشعرت بألم خفيف في رأسها.
مضاءة بأضواء ملونة، حرّكت ليلي وركيها وهي تغني:
مارشميلو ♪ مارشميلو ♪
خذ المارشميلو ♪ هيا! هيا!
اذهب! اذهب! ♪ اذهب إلى ♪ الجحيم والملاك ♪
"تباً ما هذا؟!" صرخت سارادا، غير قادرة على التحمل أكثر. "سارادا، اخرسي!" قال بوروتو منزعجًا. "هذه مستشفى. يجب أن تكوني هادئة!"
"مـ-ما... ألا تزعجك هذه الكلمات إطلاقاً؟ الجحيم والملاك وخذ مارشميلو هيّا، هيّا؟ إنها بلا معنى!"
"أنا لا أهتم بالكلمات" أجاب بوروتو وابتلع الدايفوكو خاصته دفعة واحدة. يبدو أنه يهتم بالأكل أكثر من الأغنية.
"ليس وكأنني أهتم أو شيئاً كهذا،" احتجت سارادا، "لكنني أتضايق عندما يضعون مثل هذه الكلمات السخيفة على التلفزيون."
نظرت بغضب إلى الشاشة، كانت ليلي متحمّسة في أدائها وهي تردد "مارشميلو بوفي، بوفي، بووفاا"
"راه! هذا لا يحتمل! لا أستطيع الاستماع إلى هذا أكثر!"
أخذت سارادا جهاز التحكم عن بعد وأطفأت الشاشة.
"أعتقد أنّها أغنية ممتعة!" قال ميتسكي وهو يرنّم ألحانها.
لا أفهم الفتيان. لا بأس، هذا الدايفوكو لذيذ حقًا. أخذت قضمة أخرى من دايفوكو الفراولة.
كانوا يتجاذبون أطراف الحديث إلى أن عاد كونوهامارو. استند على عصاه بيد وباليد الأخرى حمل صينية فناجين.
"أوه؟! أكلتم دون أن تنتظروني؟" ضحك كونوهامارو وسلّم لكلٍّ من طلابه كوبًا من الشاي.
"هل عثرتم على شيء بخصوص الرجال الذين هاجموا قطار الرعد؟" سأل بوروتو وهو يحتسي شايه. "سبب الهجوم مثلاً؟ لابدّ أنهم ارتكبوا جرائم عديدة، أليس كذلك؟"
"لا شيء يذكر." أجاب كونوهامارو، "كل ما نعرفه هو أنهم كانوا يرتدون ملابس أرجوانية. ولديهم ثقوب كبيرة في آذانهم."
"ثقوب؟" سأل ميتسكي مرتاباً. "تقصد مثل ثقوب الأقراط؟"
"هممم... وفقًا للفريق الطبي الذي فحص الجثث، كان لكل منهم خمسة ثقوب في آذانهم تمتد من شحمة الأذن إلى الغضروف."
"أيعني هذا أنهم جزء من مجموعة ما؟ أي علامة مميزة كعصابات الرأس عندنا؟"
"لا يمكنني الجزم بذلك" هزّ قائد فريقهم كتفيه، "هذا مجرد انطباع حصلت عليه من قتالهم، لكن... لا أعتقد أنهم يشكلون تهديداً من ناحية القوة القتالية. بخلاف رئيسهم، كانوا في مستوى التشونين. الجزء المحيّر بشأن هؤلاء الرجال هو..."
"أنهم لم يترددوا في التضحية بأنفسهم؟" خمّنت سارادا.
"بالضبط." أومأ كونوهامارو برأسه، "لقد اختاروا الموت مع رفاقهم على أن يتم القبض عليهم وإجبارهم على الإدلاء بالمعلومات. محاولة أخذ مثل هؤلاء على قيد الحياة أمر صعب. أصعب من قتلهم."
"ما يزعجني هو أخذهم عناء استخدام القنابل في حين كان بإمكانهم استخدام النينجوتسو." قال بوروتو.
إن كان هدف هذه المجموعة الغامضة هو هجوم عشوائي على القرويين، فقد يكون هناك ضرر جسيم في المستقبل إذا لم يتخذوا إجراءات مضادة في أقرب وقت. إن حدث تفجير في المدينة الجديدة في منتصف النهار حيث تكون مكتظة بالناس...
لم يكن هناك ما يكفي من المعلومات أمامهم ولم يعرفوا إلى أي مدى كان الموقف طارئاً. لم يجدوا ما يمكن أن يقال أكثر، فعمّ الصمت في حجرة المستشفى.
"لأتناول دايفوكو الفراولة إذن!" قال كونوهامارو بحماس، محاولًا رفع معنوياتهم. رفع الغطاء لكن العلبة كانت فارغة. "ماذا؟!"
تفحّص العلبة أربع مرات أخرى ولكن بغض النظر عن عدد المرات التي نظر فيها، لم يكن شيء هناك.
"أنتم! ماذا حدث للدايفوكو؟" قال بصوت مرتعش، ناظراً إلى تلاميذه. "تناولت اثنتان فقط" قال ميتسكي. "لم أتناول سوى ثلاث." قالت سارادا. "لم آكل سوى أربعة إذن؟" استنتج بوروتو.
"هذا مجموعها!" أطلق كونوهامارو عليهم خناجراً بعينيه، "لم يكن هناك سوى تسعة منها!"
"حسنًا ، كما تعلم..." شعرت سارادا حقاً بالذنب لكن الدايفوكو كان لذيذًا للغاية، لذلك لم تندم على تناوله. "سنذهب لإحضار المزيد."
"لا شكراً. إن كان لديكم الوقت لذلك فالأجدر بكم أن تستغلوه لتتدربوا..."
"متى ستخرج من المستشفى، سينسي؟" سأل ميتسكي لتغيير الموضوع.
"بشأن ذلك..." عبس وجه كونوهامارو فجأة ووقعت عيناه على الجبيرة على كاحله الأيمن. "الإصابة في حدّ ذاتها لا تشكل مشكلة كبيرة، لكن أعتقد أن القنبلة كانت تحتوي على سم يسبّب الشلل. لذا يجب أن أبقى هنا حتى يقوم الترياق بعمله. ثلاثة أسابيع."
"ثلاثة أسابيع؟" ردّدت سارادا بقلق.
"ما الذي سيحلّ بفريقنا خلالها؟" سأل بوروتو.
"صحيح. بخصوص ذلك..." نظر كونوهامارو إلى الباب وابتسم. "لدي بديل سيتولى فريقكم نيابة عني."
"بديل؟" سأل ميتسكي.
"لا تقلق." أعطاهم كونوهامارو نظرة مطمئنة. "إنه قوي جداً. حسنًا، إنه قوي بشكل مخيف!"
"جدّياً؟!" عصر بوروتو قبضته من الإثارة. "أنا موافق!"
"إذن من هذا البديل؟" سألت سارادا التي نفد صبرها من الاستعراض التشويقي الذي كان كونوهامارو يقوم به.
دوّى صوتٌ هادئ ومنخفض من أحد أطراف الغرفة: "أنا."
عرف التلاميذ من هو حتى قبل أن يلتفتوا إلى الباب ليروا ساسكي، ووجهه خالٍ من التعابير كالعادة.
"مستحيل!" صرخت سارادا. بابا؟ معلّمنا؟! حلّقت فوق القمر، لكن سرعان ما تمالكت نفسها، "هاه. إذن ستكون معلمنا يا أبي؟"
"همم." أومأ برأسه. "اتضح أنه عليّ البقاء في القرية لبعض الوقت."
"جدياً؟ رائع!" رفع بوروتو ذراعيه بابتسامة كادت تشق وجهه إلى قسمين. لمعت عيناه ولم يحاول إخفاء فرحته. بجانبه، ابتسم ميتسكي بخفوت، وعلى وجهه ملامح مليئة بالترقّب.
______
*دايفوكو الفراولة كعكة يابانية قشرتها مصنوعة بالأرز ومحشوة بالفراولة.Ichigo daifuku
*زينزاي: تحلية يابانية تشبه المربى
Zenzai
*واشي: (أو واغامي) هو ورق مصنوع بطريقة تقليدية يدخل ضمن التراث الياباني
أنت تقرأ
Sasuke Shinden: Shitei no Hoshi - ساسكي شيندن: المعلم والتلميذ النجم
Short Story🔹الترجمة العربية الكاملة لرواية: ساسكي شيندن المعلم والتلميذ النجم. 🔹كتابة: جون إيساكا (Jun Esaka) تحت إشراف ماساشي كيشيموتو عن المانغا الأصلية (ناروتو 1999-2015/بوروتو 2016). 🔹رسم الغلاف: ماساشي كيشيموتو (Masashi Kishimoto). 🔹تاريخ أول إصدار (...