نفق مظلم

244 3 0
                                    

قصة
عصفور المطعم التركي

الجزء الاول
نفق مظلم

تبدأ أحداث القصة في عام 2002 أي قبل إحتلال العراق بسنة وثلاثة أشهر .

تدور الاحداث حول حياة أحمد الشاب العراقي الذي يحمل في قلبه كل معاني الحب والاخلاص لوطنه وحبيبته الجميلة "ملاك" .
ابنة منطقتهِ الشعبية ذات الثمانية عشر ربيعاً الصادقة بمشاعرها والتي عاهدته على أن تكون له وليس لغيره ولا يمسد شعرها الاسود الطويل سوى انامل يديه .
وإن عينيها السوداوتين الواسعتين لا تبتهجان الا لرؤية وجهه ومحياه .

هذا الحب المبحر في قارب متهالك وصغير تلاطمته رياح عاتية وامواج هائجة ولكنه كان في كل مرة أَكبر من غضب البحر وعنفوانه .
قد تكون مباديء احمد الثابتة والقيم الانسانية التي تربى عليها هي الشراع الذي كان يتحدى كل تلك العواصف وينقذه في كل مرة من جنون البحر وهيجانه .

بالرغم من هذا الحب الجميل الطاهر لم يكن احمد سعيداً في حياته لانه كان يعيشُ ظروفاً صعبة .
كان يعاني من ازمة نفسية بسبب عدم حصوله على فرصة عمل في وطن كان كل شيء فيه يتجه للانهيار والدمار .
والبلد واقع تحت سلطة دكتاتورية رعناء .
فلا مستقبل واضح المعالم .
وبلده في ضياع تحت ضغط الحصار .

 هذا الحصار الذي اثر على احوال الناس وتسبب باوضاع اقتصادية مريرة جداً

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

هذا الحصار الذي اثر على احوال الناس وتسبب باوضاع اقتصادية مريرة جداً .
إذ لم يكن بمقدور اغلب الشباب شراء ثياب جديدة .
فكان بعضهم يذهب للخياط ويطلب منه ان يقلب ثيابه البالية على الوجه الآخر ليمد بعمرها ويعود لارتدائها مرة ثانية من جديد .

وسط كل هذا العبث وهذه المعاناة إعتاد احمد ان يقضي نهاره متسكعاً في شوارع المدينة .
يلتقي بمعارفه واصدقائه ليتشاركوا نفس الهموم والمشاكل .

أما في المساء يجلس وحيداً في مكان منعزل على ضفة شاطيء المدينة ليسرح بخياله بعيدا .
متأملاً كيف السبيل للخلاص من هذا الوضع البائس .
ولكنه كان دائماً ما يصطدم بنهايات مسدودة ولا يرى أي بصيص أمل في آخر المشوار .
دارت الايام وهو يأنُّ تحت هذه الضغوط وانعكاساتها على حالته النفسية .

لم يكن لأحمد متنفساً في هذه الحياة سوى صديقه المقرب زياد .
يذهب اليه ليشاركه الهموم ويزيح عن كاهله بعض من هذا الحمل الثقيل .
يبحثون معاً في كل ليلة عن السبل التي  تخرجهم من هذا الوضع البائس والمرير .
فزياد كان يعاني من نفس المشاكل في العيش والحياة .
ولكنه يختلف عن أحمد بشخصيته وطباعه  .
فكان يتميز بقوة الشخصية والإقناع ولديه ملكه في التكيف مع الاوضاع مهما ساءت الظروف .
وينتهز بسرعة اي فرصة تمر به .
فكانت مبادئه لا تصمد امام أيّ مغريات .
ودائماً ما كان يبرر لنفسه هذا السلوك بأنه مسؤولاً عن اعالة والده المقعد وامه العجوز وشقيقته الوحيدة مريم التي هي صديقة مقربة جداً الى ملاك حبيبة احمد .

وسط هذه الأجواء والأُلفة بين الاصدقاء الاربعة كانت تترتب لقاءات أَحمد وملاك في بيت زياد كلما سنحت الفرصة .
فكانت تلك اللقاءات مرتع لمشاعر مختلفة مختلطة من الفرح والحزن تتخللها في احيان كثيرة الدموع ولوعة البؤس والشكوى .
اما شفاههما حين تلتقي بالقبل كانت لا تعرف الرضاب ولا طعم الشهد الذي طالما تغنت به قصائد الحب والغرام .

اما شفاههما حين تلتقي بالقبل كانت لا تعرف الرضاب ولا طعم الشهد الذي طالما تغنت به قصائد الحب والغرام

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

بل كانت مالحة الطعم بقدر الدموع التي تنزل همله من مدامع الحبيبين .

وحين تفترق تلك الشفاه يشاهد احمد وجه ملاك وقد اضحت لوحة فنية رائعة يملؤها الحزن والخجل الفطري .
يبدو كل جزء من اجزاء وجهها الجميل قد عبّرَّ عن  قصة للغرام مملوءة بالانوثة الطاغية التي تقفز بها من حالة الآدمية الى ضفاف الملائكية .

إمعان احمد في وجه ملاك الحزينة ورؤيته لدموعها الصامتة التي تنهمل على صفيح خديها الخمريين وانسياب شعرها الاسود من بين اصابع يديه وهو يحتضن قرص وجهها الجميل بين يديه كانت كفيلة تلك المشاهد أن تصل به الى حد الثمالة .
فكانت تلك المشاعر والاحاسيس تزيد من لهفة احمد المجنونة للاقتران بحبيبته والوصول بها الى بر الامان قبل ان يتمكن البحر من ابتلاع قاربهما الذي تتلاطمه الامواج من كل مكان . 
ولكن ما هو السبيل ..
وكيف يتمكن احمد من تغيير واقعه المرير ..
انه محتار ولا يعرف سبيلاً للخلاص ..
فكان زياد وسط تلك الارهاصات متنفسه الوحيد ..
يستنجد به ويشكو له ألّمه لعل الحيلة تسعفه أكثر منه فيجد الحل .
كان زياد عندما يستمع لحديث صديقه المفعم بحب ملاك تبدأ مشاعر الغيرة  والحسد تتآكله من الداخل وتتركه فريسة للألم والحسرات ..
لانه كان يخبيء في قلبه حباً واعجاباً وولعاً بملاك الرائعة الجمال .
كان يحاول خنق هذا الشعور وإخفاءه عن صديقه احمد .
ولكنه في كل مرة كان يفشل ويجد نفسه غارقاً بهذه المشاعر والاحاسيس .

واتعس حالات زياد التي تكاد تصل به الى حالة الجنون هي حين يختلي احمد بملاك في بيته بغرفة الضيوف .

في تلك الاجواء يبدو قلقاً ولا يثبت في مكان واحد .
فكان يبدأ بالمشي على اطراف اصابع قدميه ليتصنت عليهم من وراء الباب .
او يتخطى ذهاباً وجيئةً من امام الشباك ليختلس النظرات لعله يجد ما يشبع فضوله .
حتى ان شقيقته مريم  كثيراً ما كانت تأنبه بسبب هذه التصرفات الصبيانية .
فكان يتعذر بالبراءة .
وانه بعيد عن ما يدور في ذهنها من مشاعر الغيرة .

عصفور المطعم التركيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن