لما رأى احمد بالصدفة ملاك وهي تستقل احدى سيارات الموكب المهيب وبنفس الوقت كانت قد لمحته واقفاً على طرف الرصيف . كانت تلك ثواني قد مات فيها الزمن وتوقف ولم يعد في الوجود نبضاً الا في تلك العيون .
عاد احمد الى البيت تجره خطواته لا يعلم الى اين ولا من اين ولكنه يعلم ان شيئاً ما قد حصل جعله يتلاشى في الهواء وكأنه سافر عبر آلة الزمن برمشة عين .
دخل غرفته غارقاً في بحر الذكريات تلفه الحسرات يخنق انفاسه صمت مطبق .
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
بدا لاول وهله سيفرد اوراقه على طاولة الشوق استعداداً لان يرفع راية بيضاء في حرب يعلم هو قبل غيره انها خاسرة فهو يقاتل بجيشٍ ضرير .
ولكن ربما كانت العزة بالاثم تمنعه من ان يعلن الاستسلام . او كان خائفاً من الصد والامتناع . او كان يتوقع ان تترفع عنه وهو الفقير .
مرت الايام وهو يكابد الوان العناء
خلال تلك الايام كانت الدولة مقبلة على اجراء الانتخابات في يوم الثاني عشر من الشهر الخامس من سنة 2018 .
وفي اليوم المحدد خرجت نسبة قليلة من الناس لتنتخب .
اما الاكثرية كانت ناقمة على النظام السياسي الفاشل الذي حكم العراق منذ 2003 وادى الى انهيار الدولة وفشل الاقتصاد وتفشي البطالة .
كانت ملاك من اول الفائزين بمقعد في مجلس النواب العراقي .
في عملية انتخابية كثر فيها التلاعب والتزوير على مستوى العراق كله .
بعدها جرت ولادة عسيرة لحكومة برئاسة عادل عبد المهدي وهو سياسي اسلامي شيعي . توافقت عليه كل الكتل واحزاب السلطة الفاسدة فسلمته قيادة الدولة ظاهراً وراحت تعيث في الارض فساداً خلف الكواليس .
وبسبب كل هذه الارهاصات والمشاكل التي حصلت في العراق .
بدأت بوادر حركة احتجاجية في بغداد والمحافظات الجنوبية من شباب رفعوا هم الوطن فوق ظهورهم وعلى جنبات قلوبهم الغضة الفتية .
يجاهرون بالسلمية في سبيل استرجاع وطنهم المسلوب ووضعه على السكة الصحيحة .
طالبوا ببناء دولة المؤسسات والحياة الكريمة للناس .
ورويداً رويداً تحولت الحركة الى انتفاضة شعبية سميت "انتفاضة تشرين" كانت شرارتها الاولى قد انطلقت في الاول من شهر تشرين الاول من عام 2019 .
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
تناقلت وسائل الاعلام انتفاضة الشباب الثائر بمشاهد بطولية قل نظيرها في التاريخ الحديث .
كان احمد خلال هذه الفترة منطوياً على نفسه يعيش انعكاسات مشاعر حبه وهيامه بحبيبته ملاك فكان معزولاً في غرفته يقضي جل وقته بقراءة الكتب .
وقد حاول بكل طريقة ان يستثمر رأس المال الذي لديه ليشغل نفسه عن هذا التفكير لانه عرف ان هذا الضغط الذي يرزح تحته سيسبب له الانهيار .
ولكن لسوء حظه لم يجد الفرصة المؤاتية بسبب عدم استقرار الامور الامنية والاقتصادية في البلد .
خلال انعزاله كان يتابع احداث الانتفاضة اول بأول عبر شاشات التلفزيون وكان من المعجبين جداً ببطولات هؤلاء الشباب المتظاهرين وتطلعاتهم فكان يتلمس ضالته في عيونهم وفي طهرهم وسلوكهم ومنهجهم .
تحت كل هذه الارهاصات تولدت لديه قناعة تامه انه لا بد له ان يسافر الى بغداد .
ليستطلع على ارض الواقع افكار هؤلاء الشباب فتياناً وبنات وعجائز وشباب ويرى ويمتع نظره بالنصب الشامخ الذي اصبح رمزا للثوار وهو المطعم التركي .
