رصاصة في الصدر

16 2 0
                                    

قصة
عصفور المطعم التركي

الجزء السادس عشر
رصاصة في الصدر

مرت اشهر كثيرة والوضع السياسي بالعراق من سيء الى اسوء .

احمد خلال هذه الفترة كان معتكفاً بغرفته لا يطيق الخروج منها أو الاختلاط مع الناس .

الامور كلها لا تبعث على السعادة او الخير او حتى التفاؤل .

ليس له متنفس سوى ان يسرح بروحه العليله كل مساء .

يجلس على جرف شاطيء المدينة كما كان يفعل ايام تعبده بمذهب الحب والغرام في محراب ملاك .

يطلق لروحه العنان لترعى وتلعب فوق ذلك المرج الذي كان في يوم من الايام أخضراً قبل ان يصبح ركام .

يستذكر ملاك ولياليها الملاح وكعادته ينتظر الى ان تطلع نجمة الصباح .

ثم يعود لغرفته يمشي ناعس الخطوات سارحاً بالخيال .

تتبعه روحه اينما ذهب كأنها حمل وديع يتدلى من رقبته جرس صغير .

الرفاق يتصلون بين الحين والآخر يتداولون اوضاع الثورة وكيف الخلاص من هذا المصير .

بدأت الثوره مرة اخرى تستفيق ومن مناخيرها تنفث الحريق .

كأن السيوف التي أغمدوها في ظهرها تجار الدين لم تزدها الا عزيمة على النهوض والمقاومة من جديد .

كانت مجاميع الثوار من كل المحافظات تنتظر من احمد شارة الانطلاق .

تأمل احمد حاله وما آلت اليه الامور .

اذن لا مناص من ان يخوض معركة اخرى ويا ليتها تكون الاخيرة .

حزم حقيبته من جديد واخرج من الدرج ظرفاً فيه كل ما يملك من المال ثم خرج من غرفته حاملاً حقيبته الصغيرة بيده .

نادى على شقيقه ليعطيه كل ما يملك وقد يكون هذا الوداع الاخير .

شقيقه :- مذهولاً
ما هذا الظرف وماذا فيه .

احمد :-
انه المبلغ الذي جمعته من عملي في الاردن .

شقيقه :-
وماذا افعل فيه .

احمد :-
انه لك ولاولادك ادخلهم في احسن المدارس وعلمهم احسن تعليم .

شقيقه :- بعد ان فتحه
ولكن هذا كثير .

احمد :-
خذه لم اعد احتاج اليه

شقيقه :- مستغرباً
لا تقول هذا الكلام يا أخي .

احمد :-
انا مسافر الى مكان بعيد وقد لا اعود .

شقيقه :-
ماذا تقول ؟ اين تريد ان تذهب ؟ الم يكفيك طول السفر والترحال ؟ الم يأن الأوان لان تستقر .

احمد :-
دعني ارحل لعلي اجد في ترحالي ما يفيد .

احتضن شقيقه ونادى على اطفال اخيه الصغار رفعهما الى صدره واخذهما بالاحضان وقبلهما ثم استودع زوجة شقيقه .

رحل احمد الى مصير مجهول كانت روحه تائهه لا يعرف ماذا يريد .

تجمع الثوار في بغداد كانت نفوس الشباب تغلي وقرأ احمد في عيونهم التحدي والاصرار .

كان احمد يساير آمال الثوار وتطلعاتهم لذلك كان دائماً يسبقهم بخطوة لانه لا يملك شيئاً ليخسره .

انطلقت التظاهرات وكان احمد رأس الحربة في الحراك وبدأت الثورة من جديد .

 هذه المرة شاركت فيها كل فئات الشعب واندفعت الناس باعداد كبيرة لاقتحام المنطقة الخضراء ومراكز الاحزاب

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

هذه المرة شاركت فيها كل فئات الشعب واندفعت الناس باعداد كبيرة لاقتحام المنطقة الخضراء ومراكز الاحزاب .

البعض كان يحمل السلاح والبعض الآخر كان يقتحم بالاجساد المجردة .

كان احمد اعزلاً في طليعة المقتحمين لبوابات مجلس النواب ودارت في ساحاته معارك ومواجهات عنيفة واطلاق نار كثيف من الحرس والحمايات فسقط عدد من رفاق احمد بين شهيد وجريح .

وسط كل هذه المواجهات والاحداث السريعة بدأت سيارات الدفع الرباعي التابعة لاعضاء مجلس النواب والمسؤولين تنسحب من المكان وتهرب مسرعة .

كان احمد يواصل تقدمه نحو بناية المجلس ملفوفاً بعلم العراق ومعه الثوار تحت ازيز الرصاص الكثيف .

اصيب احمد باطلاقات نارية في صدره وفي فخذه الايمن سقط على اثرها في الشارع مضرجاً بالدماء .

عصفور المطعم التركيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن