الخيار الصعب

47 3 0
                                    

قصة
عصفور المطعم التركي

الجزء الثالث
الخيار الصعب

خرجت ملاك من الغرفة مذعورة منهارة مما سمعته من كلام أحمد .
رمت بنفسها الى صديقتها وهي تجهش بالبكاء .
احتضنتها مريم لتخفف عنها اثر الصدمة والالم .

خرج احمد مزعوجاً من الغرفة ثم غادر الدار متذمراً وهو يلعن حظه وسوء الطالع والمصير

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

خرج احمد مزعوجاً من الغرفة ثم غادر الدار متذمراً وهو يلعن حظه وسوء الطالع والمصير .
كل هذا يحدث وسط ذهول زياد وغيرته التي بدأت تتآكله وهو يرى اخلاص ملاك وحبها الجارف لأحمد .
سال لعابه لمنظر ملاك وهي منهارة وتبكي وقد انشغلت عن ان تستر نفسها  وسط هذا الحدث الذي اصابها بالذهول .

بدأ زياد يحدث نفسه  .
يا ربي كم هي جميلة حين تتكلم وتتشكى .
كأن في تصرفاتها رفعة الاميرات ودلالهن .
كلماتها الموزونة وصوتها الذي جملته البحه الحزينة .
كأن صوتها اصبح لحن شدي يخرج من ناي حزين .
استمرت ملاك بالبكاء ومجرى الدموع يتلألأ على وجنتيها وقد تساقط على نحرها ومرمر صدرها المكشوف .
كان شعاع الضوء الساقط على قرص وجهها وصدرها وانعكاس الدمع الذي تلألأ كبلورات من الذهب والماس مبعث لرغبة شيطانية جامحة استفاقت في نفس زياد لأفتراسها ومطارحتها الغرام .
راح زياد يمني النفس المريضة بالرغبات واطلق العنان لخياله الجامح ان يداعب جسدها المكشوف بمفاتنه الساحرة.

من خلال عيونه التي تكاد تخرج من محاجرها لتنهش جسدها المكشوف .
احست مريم وهي تحتضن صديقتها بما يدور في خلد شقيقها زياد .

غطتها بعبائتها وطلبت من زياد الخروج واللحاق باحمد الى ان تستقر حالة ملاك .
خرج زياد ممتعضاً من كلام شقيقته لأنها قطعت عليه سلسلة خيالاته .

لحق بصديقه أحمد .
ادركه في منتصف الطريق وبدأ يهدئه بعد ان ثار بوجهه .

احمد - الم اقل لك انها سترفض .

زياد - ستقتنع يا صديقي مع مرور الايام .

احمد - انا اعرف ملاك .. سوف لا تقتنع ولو بعد مرور الف عام .

زياد - لا تهتم ستعود المياه الى مجاريها .. المهم وصلت الرسالة لها .
اذهب انت الان الى البيت وسأجعل مريم تقنعها خلال ايام بفكرة السفر.

مرت الايام وحالة احمد تسوء ولا تستقر .
وملاك ثابته على موقفها لا تقبل ان يبتعد عنها حبيبها .
بدأ أحمد مقتنعاً بفكرة السفر اكثر من أي وقتٍ مضى بعد ان راجع نفسه والفرص البديلة المتاحة له خلال الايام التي اعقبت اللقاء .
وجد انه لا بديل له عن السفر من أجل العمل .
كان يحدوه الامل انها مسألة وقت ثم يعود جامعاً مبلغ من المال ليتمكن من الزواج .

وفي احد اللقاءات التي جمعته بصديقه زياد اقترح الاخير عليه مقترحاً بعد أن عجز هو وشقيقته مريم من اقناع ملاك .

زياد - دعنا نحسم الموضوع ونضع ملاك امام الامر الواقع .

احمد - ماذا تقصد بكلامك هذا .

زياد - نسافر خلسة دون ان تعلم .. وبمرور الأيام سترضخ وتتقبل فكرة سفرك مرغمه .

احمد - ماذا تقول يا زياد .. كيف تريدني ان اخونها واسافر من دون موافقتها .

زياد - هذه ليست خيانه .. لماذا دائماً تضخم الامور .. صدقني عندما تعود وجيوبك مملوءة بالنقود ستفرح بعودتك وتبدأون حياة جديدة .

احمد - انا لا أخفيك اصبحت لا اعرف الخطأ من الصواب ولا أعرف ما اريد حسناً .. إفعل ما تراه صائباً .

زياد - احسنت .. هذا هو القرار الصحيح ..
إذن دعنا نحضر اوراقنا الثبوتية في الصباح  ونراجع دائرة الجوازات .

احمد - حسناً كما تريد .. ستجدني جاهزاً في الثامنة صباحاً .

زياد - اذن الى اللقاء .
عاد احمد الى بيته مسلوب الارادة تلفه دوامة من الهواجس والاشجان .

دخل على غرفة امه العجوز جلس عند حافة السرير الذي استرخت عليه .
ابتسم بوجهها الذي خطه تعب السنين بتجاعيده المتشابكة التي تحكي مواويل الحزن والأنين .
قبل يدها ثم نادى على شقيقه الاصغر مجيد .
فاتحهم وهو حزين بموضوع السفر .
وطلب من امه ان تدعو له بالتوفيق .
حين سمعت امه الخبر كاد ان ينفطر قلبها من الشفقة على ابنها البكرالذي لم يرى الراحة يوماً .
أما شقيقه الاصغر فكان لا يفقه شيئاً من موضوع السفر .
فأكتفى بأبتسامة عريضة بوجه اخيه الأكبر.
غادر احمد غرفة امه وراح الى غرفته لينام استعداداً لموعد الصباح .

في اليوم التالي اكملوا مراجعتهم لدائرة السفر وأصدروا جوازاتهم .
ثم اتفقوا مع احدى سيارات النقل المتوجهة للاردن وحددوا اقرب موعد للسفر .
في الليلة الموعودة للسفر اخبر زياد شقيقته أن تخبر ملاك في الصباح بعد ان يكونا قد غادرا المدينة وابتعدا .
لم تكن مريم مرتاحه من هذه المهمة الصعبة لأنها تعرف مدى الصدمة التي ستتعرض لها ملاك .

حزموا حقائبهم وغادرا في فجر احد ايام الشتاء الباردة الممطرة .

كان احمد داخل السيارة التي اقلتهم ينظر الى شوارع مدينته وازقتها النظرة الاخيرة وكأنه يشاهد عيون ملاك في كل زاوية من زوايا المدينة وفي كل شارع من شوارعها الفارغة من الناس والمارة .
كانت الدموع تنهمل من عينيه وهو ينظر من وراء زجاج السيارة وزياد جالس بجانبه ممسكاً بيده ليهون عليه .

عصفور المطعم التركيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن