١ | العذراء والمَتاهة.

24.9K 984 875
                                    

روايتي محمية بموجب قانون حماية الملكية الفكرية، لا اسمح بانتهاك فكرة الرواية او اقتباسها او التعديل عليها،
او اقتباس اي جزئية. ولا اسمح باي اقتباسات من الرواية. ولا اسمح بوضع روايتي على اي صفحة او موقع دون اذن مني.

_

كل الحُقوق محفوظة لي .
-

--

الفصل الأول. »وبين قطيع الذّئاب كُنتُ الفريسة«

-

قد كان أول يوم لي في الثانوية ويا ليته لم يكن.

-


شعرها الغجري الكثيف يستولي على جسدِها ويأسِرُه كما يأسِر العسَل الطّبق، يعكس أشعة الشمس وتتأرجح تجعيداتُه بغرور تأرجُح السنّابل إذا ما هزّتها الرياح العاتِية. عيناها اللّتان تحتجزان حقولاً من الخُضرة الربيعية بداخلهما كغابة استوائية مطيرة انعكَست عليها الشّمس وأشرقَتها وجفّفتها، تُطالِعان في الأُفق.

وتسمرّت مبهورةً مُأخوذةً بالبناء الضخم الذي يكاد يلامس الأفق البعيد .. تصمِيم فخم دقيق، وطراز حضاري متين، وجوه أنيقة مُترفَة يليق بها التّرف، سيارات ودراجات نارية فاخِرة، أجسام تتمختَر وتتمايل أخصارُها كخاصّة أمهرِ العارضين، أو أكثَر ابتذالاً بقليل، يافِعون فتياناً وفتياتاً، يبدون لَها شامِخين ذوي كبرياء عالٍ يرمون بِتواضعها وبساطتِها عُرض الحائط، تبدو بينهُم كالغزالة إذا ما اقتحمت عرين الوُحوش عن طريق الخطأ، وكالقِديسة إذا ما تدحرَج المُدنّسون ضحكاً في حضرتِها، هِي وبطريقةٍ مُريبة، أضحَت هُنا.

شخصُُ مِثلي، ما عساه يفعل في مكان كهذا ؟

" أهذه ثانوية أم ناطحة سحاب ؟ "

وقالت تقضم شفاهَها السفلى بتوجس، وشعَرت بأطرافِها وهي تبرُد، وما هي في مكانة اجتماعية فذّة معروفة تخولُها الدخول إلى واحدة من أرقى الثانويات في المدينَة، وما هِي بابنة شخص معروف اجتماعياً كي تغوص في مُستنقَع الرفاه هذا، ونبض قلبُها بقوّة، وشعرَت بالفخر، لأنّ جُهودَها الدراسية وسهرَها حتّى اسودّ ما يقُطن أسفل عينيها، قد أجدى ثِمارَه، وإن تخرّجت بل ونجحَت بعلامَة مرموقة تُنافس هذه الثانوية في فخرِها وكبريائِها، فمُستقبلها المِهني سيكون مُبهراً لامِعاً دون أدنى شك.

و سارَت عبر البوابَة تُفاسِر النّاس بوجهٍ مُحرَج غير واثِق، تنانير قصيرَة، ومساحِيق التّجميل تسطع على الوجوه سطُوع القمر في السّماء، الشّباب بهيئاتِهم المُتغطرسة وإيماءاتِهم المُتكلفة، أحذيتهِم وإضافاتِهم التي بدَت من أغلى الماركات العالمية، واستمدّت شُعور النّقص من جديد، فالطُلاب من مُختلف الأجناس، لكِنهم يشكلون ثلاثيات ورُباعيات في انسجام فذ، وقهقهاتهم وثرثراتُهم تصِلها كإيقاع مُزعج مُستفِز، وعلا صدرُها مالِئةً إياه بأكبر قدر من الأكسجين علّ نبضاتِها تنتظِم وتذّعن.

رائحة الرّبيعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن