٢_فُقْدَانٌ: مُوَاسَاتٌ.

300 27 5
                                    

الجُمُعـةُ، ٱلسَّادِسُ مِـن تِشـريـن ٱلأوَّلُ
سِـيؤول-كُـوريـا الجَـنُوبيـة
____________________________

عَلى تَمامِ السّاعة الثامنة مساءا، دلف غُرابيّ الخِصال إلى بيتِه ، لَمحَ زوجَ أحذيَّةٍ نسائِيٍّ أمامَ عتبةِ البابِ فإذا بابتسامة تشقُّ شفتيه، كيف لا وهوَ على مشارِف مُلاقاتِ غَالِيتِهِ بعدَ خِصامٍ طَوِيلٍ ذبحهُ.

"هـانيولـي!"
نده بصوته الأجش بينما ينزع حذاءه الريَّاضي بإهمال، ثم يستقيمُ تزامننا وتلاشِي إبتسامته البهيّة، حين لم يُلاقِي جوابًا من عزيزته.

كانَ ذَا أكتافٍ عريضةٍ، بشرةٌ بيضاءُ صافيةٍ، وملامح مُدمجةٌ مابين الحِدةِ واللّطافة نتج عنه مزيجٍ خياليّ.
ذو قوامٍ طويل، وبنية توحي وكأنّه فارٌّ من أحدِ قصص الأميرِ المصوَّرةِ.

تحمحم باستغرابٍ وقَد ساوَرهُ القَلقُ لوهلَةٍ، ثم سارَ نحو غرفته المشتركةٍ وزوجته، تاركا مفتاح سيَّارتِه فوق طَاوِلة الطعامِ عندَ الرّدهة.

قد غاب عن المنزل لثلاثة أيَّام، فقد كان برحلة نضمتها المدرسة التي يعمل بها كمعلِّمٍ للُّغة الإنجليزية هو وزوجته التي تكونُ معلمة إِحياءٍ بدورها، وقد رفضت أن ترافقه كونها متعبة في الأيام الأخيرة، ذلكَ دونَ الخِصامِ التَّافه الذي كان بينَهُما، فٱضطر أن يذهَبَ لوحدِه بعد أن رفضَت أن تعُود لمنزلهِ حتّى يعتَنِي بِهَا.

هو مُلزمٌ على احترامِ طلَباتها، فهي غاليِته التي لا يُحبِّ لمحَة الحُزنِ داخِل كِحليَتيها، حتّى لو كانَ خِصامًا سيُريحُها.

دلف الحجرة عاقدا حاجبيه لكون بابِها لم يكن مقفلا، لم يُكن ذالك من عاداتِها، فهي تحرِصُ على إقفال الأبواب دائما، وقد زاد قلقه حين وجد زوجته نائمة، و الأغرب أنها لا تنام ليلاً بسبب الأرقِ.

"هانيول؟!"
إقترب منها ببطئ قلِقًا، فيجثو بركبتيه بالقرب منها، ليتبدَّد خوفُهُ مُبتسما، فقد بدت عزيزته كطفلةٍ ببعثرة خصلات شعرها على بشرتها الحليبية، و وضعية نومها غير المريحة.

"هَيّا استيقضي حتَّى ننهِي الخِصامَ، لم يَعُد بمقدُوري ذلكَ"

همس بهداوةٍ، ثمَّ تلمَّس بشرتها بسهو يتأمَّلُها، فصُعِق من شدِّة برودتها، النوافِذُ مغلقَةٌ، علاوةً على أنّ الجو ليسَ بتلكَ البرودة، والمكيُّف ليسَ مشغَّلا، أتُراها لازالت مُتعبةً؟!

نُطفةٌ مِن أُخرَىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن