الَفُـصّـلَ أّلَأّوٌلَ

717 36 45
                                    

الفصل الأول بعنوان : سند.

أنت سندي في هذهِ الحياة لذا لا تكسر هذه الثقة التي بيننا فَينكَسر بذلك ظهري.

------------------------------------------------

بغداد : الخامسة وعشرون دقيقة مساءً، يوم السبت الثاني عشر من شهر يناير عام الفان وثمانية عشر، داخل أحدى الغرف الفسيحة ذات الستائر الحريرية ، السمائية اللون مطعم بلّون الصحراوي، مع الارائك الوفيرة ذات الالوان المتناسقة، جلس رجل بجانب زوجته قرب آلة التدفئة التي تمدهم بالحرارة اللطيفة خلال أجواء الشتاء الباردة .

كان الرجل يحتسي كوبًا من الشاي دون سكر، بينما إذناه تنصتان إلى زوجته بهدوء فقد أعتادت الأخيرة على أن تسرد عليه بالتفاصيل المُملة ماجرى لها أثناء غيابه في العمل .

وقد كان أستاذ تدريسي في جامعة بغداد، وكان هو يستطيب بسماع كلامها ولا يمانع أن تكلمت لمدّة ثلاث ساعات أو أكثر فهو مُصغٍ جيد علاوة على ذلك يحب أن يعلم ما يجري في البيت أثناء غيابه في العمل.

كانت الزوجة متوسطة القامة، متناسقة الجسد، حسنة المعشر تدل ملامحها على الطيبة المفرطة، كثيرة الخوف والقلق عندما تواجه أمرًا مفاجئًا، وكانت ترتدي دشداشة سميكة زهرية اللون تحتوي على شرائط بلون أرجواني من المنتصف وأيضا من نهاية الاكمام
بدأت الزوجة الكلام بحماس :
- هل تعلم يا أبا مهند ! أين ذهبتُ اليوم؟

ثم صمتت للحظات لترى حماسه بعدها عاودت الحديث قبل أن تسمع جوابه قائلة بغبطة:
- لقد ذهبتُ إلى السوق وقمت بشراء أغطية للسرير، وقمصان لمهند ...

وبعد أن أكملت سرد مشترياتها بدأت تحدثه عن الأشخاص الذي ألتقت بهم وهكذا أستمرت تتحدث حوالي ثلاث أرباع الساعة دون إنقطاع أو تعب، إلى إن انتبهت إلى الساعه فأطلقت صرخة خافتة ثم اعقبت :
- اه.. نسيت أمرًا هامًا بأن اشكوك إبنك فهذه الأيام مهند يتأخر كثيرًا في العودة إلى المنزل وعلاوة على ذلك عندما أهاتفه لا يجيب على أتصالاتي! وقد تأخر ثلاثة مرات إلى منتصف الليل في غضون هذا الأسبوع، كذلك أنا لا أراه يذاكر بتاتا.

رسم أبا مهند إبتسامة هادئة على شفاهه قبل أن يتكلم وقال :
- هدأي من روعك يا عزيزتي فمهند شاب ناضج علينا إلا نضغط عليه ونعطيه بعض الخصوصية حتى يكّون شخصيته بنفسه .

امتعضت المرأة من الجواب وأرادت أن تلقي خطابًا مطولًا ولكنها تراجعت في آخر لحظة فلم تجد بدُا من الكلام وأكتفت بالتمتمة مع نفسها .

في هذه الاثناء قدمتْ كل من بسملة وتبسُم بالتتابع فقبلت بسملة ذات الستّة عشر ربيعًا رأس والدها ثم جلست بجانبه بعد أن أفسحت والدتها مكان لها في منتصفهم بينما ارتمت الصغيرة التي تصغرها بسنتين في أحضان والدها فهي مهما كبرت سوف يرونها مازالت طفلة ويتحملون جميع دلالاها التي تنشره بين أفراد العائلة.

رُبِّ ضارة نافعة || تأليف د. الاء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن