الـفـصـل السـابـع عـشـر

75 3 0
                                    

الـفـصـل السـابـع عـشـر بعنوان : هل أنت بخير.

في لحظة ما ستلاحظ جميع خط حياتك يمر أمام عيناك في لحظات .
----------------------------------

لاحظ جمال السيارة السوداء من نوع جيب أمريكي المسرعة بشكل ملفت للنظر، ثم أنتبه إلى سائق العربة وانفرجت مقلتيه عندما تعرف على سائقها، حيث كان الدكتور ضامر الذي كانت عيناه تستعر شررًا وملامح الحقد تتأبط شرًّا !

داس ضامر على البنزين حتى يزيد من سرعته لكي يدعس مهند الذي كان سلفًا يعلم أنه الابن الوحيد للدكتور جمال والذي حصل عليه بعد مدة من الانتظار فهذه المعلومة كان أغلب الاستاذة المقربون لفرع الأمراض يعلمونها، لذا صك على أسنانه وخاطب جمال في ذهنه كأنه أمامه في حلبة مصارعة لا يفصله عنه سوى بضعة أنشات يستمع إلى تهديده:
- جمال هل تظن إنك نجوت مني وانتصرت؟ مثلما سلبت أغلى شيء في حياتي وطردتُ بسببك من وظيفتي وتسببت بالعار لي.... الم تسمع بمقولة قطع الاعناق ولا قطع الأرزاق؟ أنا أيضًا سوف أسلب أغلى شيء لديك وهو إبنك!

عندما أحس جمال بنوايا ضامر الخبيثة وشعر أن حياة مهند في خطر محدق، وإن ملك الموت يرفرف فوقه بنصلهِ الحاد اللماع يحاول قطفهُ كزهرة ربيعية ينتشلها أحدهم من جذورها عنوة، وقتها شعر أن قلبه سقط في مكانه.

خلال لحظات أقل من الثانية شاهد حينها شريط حياته في السنوات التي قضاها مع ابنه من لحظة ولادته إلى عناقه أمام باب الفرع عند خروجهما من القسم، ظهرت أمام عينه كأنها فلم سينمائيّ مصور كما يحدث للإنسان عند سكرة الموت! أو ربما عندما يعلم أنه الفراق؟

كرد فعل لا ارادية نابعة من غريزة أبوية، وجد جمال نفسه بجانب أبنه مباشرًة، حتى أنه لا يعلم كيف أن أقدامه الضعيفة والتي يشكوا منها في الغالب من ألم المفاصل والرماتيز قد أوصلتاه إلى مهند بهذه السرعة المُدهشة، حملهُ بتلقائية بكل يُسر وسهولة كأنه طفل لا زال في عامه الأول، حمله بسرعة ورشاقة وأبعده جانبًا عن الخطر ولكن.. ولكنه لم ينجو من الضربة التي قد رمته بعيدًا على بعد عدّت أمتار على البلاط الصلب .

بقى مهند متسمرًا للحظات متوسع البؤبؤين، يحاول أن يستوعب ما حدث أمامه؟ وهو يرى والده كيف هوى نحو الأعلى ثم سقط صريعا على الأرض الجرداء يتخبط في دمائه، عندها هرول نحوه وجثى بسرعة لا شعورًا على والده وحمله بيد مرتعشة، أحتضنهُ بهلع وهو إلى هذهِ اللحظة لا يعلم كيف حدث ذلك؟

نظر صوب أباه الذي أبتسم لهُ بوهن وتغيير لونه تدريجياً وبسرعة، ثم رفع جمال كف يده بصعوبة بالغة، شطر وجنّة مهند الناصعة، تحسسها براحة يده كأنهُ يريد أن يتأكد هل أنقذه بشكل صحيح؟

عقبها تحدث بالكاد والدم يخرج منه بغزارة :
- هل أنت بخير ؟

أراد أن يكمل ويقول هل تأذيت ؟ هل تشكو من أي ألم؟ هل أصابك مكروه إلى مئات الأسئله التي أراد أن يبوح بها خوفًّا من فقدانه في لحظة أدراكهِ نوايا ضامر في ضربهُ إياه، ولكنه سقط في سبات عميق دون النطق سوى بهذه الثلاث كلمات، والتي كانت كافية من الاف الكلمات التي تبرهن خوفه عليه ومقدار حبهُ له.

رُبِّ ضارة نافعة || تأليف د. الاء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن