أربعون عاماً مضَت وحالة أغلب من في المحشر سيئة للغاية، إذ زادت حرارة الشمس باقترابها، ولشدّة حرارتها أصبح العرق يجري من أبداننا جريان الماء من مصباته! أمّا الأرض فتكلمت، وأخبرت من في المحشر أنها أُمِرت بعدم السماح لعرَق العباد أن ينفذ فيها ، مما زاد ضجيج أهل المحشر واستيائهم . واشتدت حرارة الشمس أكثر وأكثر بركوبها فوق رؤوسنا، وهي ليست كشمس الدنيا ، بل أشدّ وأقسى وتنفذ أشعتها إلى الأعماق، ولا يمكن التستر أو التهرب منها.. وبلغ العرق لدى البعض منا حتى قدميه، ومنهم من بلغ ساقَيه، ومنهم من بلغ بطنه، والبعض الآخر إلى رقبه، وازداد الصراخ والعويل وما من مغيث... خطر على فكري أمر الشفاعة، ولكن شفاعة في هذا الوقت ولجميع أهل المحشر تحتاج إلى شفيعٍ يكون أهلاً لها، وذي درجةٍ عالية من المنزلة والقرب من الله! ويبدو أني لست الوحيد الذي طرق في فكري هذا الأمر، إذ رأيت أهل المحشر يتوجهون إلى ذوي الأنوار المشعة، فاتجهت أنا أيضاً نحو أحدهم، وطرحت عليه أمر الشفاعة لنجاتنا من هذا الموقف، فقال: أنت تعلم أنني لستُ ذا درجةٍ عالية في المقام حتى أتمكن من الشفاعة لنفسي ، فضلاً عن غيري . وماذا نفعل ، وإلى أي وجهة نتوجه؟ علينا بالأولياء المخلصين . ألستَ أنت منهم ؟! كأنه تحسر على أمر ما ثم قال: إنني من الأولياء المخلِصين لله ، وأعلى من مقامي الأولياء المخلَصين الذين استخلصهم الله لنفسه بعد أن رأى صدق إخلاصهم له. انطلقنا مع هذا الولي و جمعٍ غفيرٍ معنا إلى أحد أولياء الله المخلَصين.. وكنتُ ألاحظ خلال مسيرنا ما تبقى من أهل المحشر، فرأيتُ ذوي الأبدان العارية والصور القبيحة لا يتجرؤن على الذهاب معنا، بل لشدّة خجلهم وذهاب ماء وجههم نكسوا رؤوسهم ، وبعضهم من ذوي الدرجات السفلى لا يتمكنون من القيام، فضلا عن المسير، فتراهم قد غرقوا في عرق أهل المحشر ، وهم في كل مرّة يخرجون رؤوسهم ثم يدخلونها، وهذا هو حالهم، وأول مراحل عذابهم . إقتربنا من أحد أولياء الله المخلَصين ، إذ دلّنا عليه نوره المشع الذي طغى على أنوار الأولياء الذين كنا برفقتهم.. دنَونا منه أكثر وأكثر حتى بانَ بياض وجهه، وتألق ضياء صورته وهيبة وقفته و... يا إلهي ماذا أرى ! أحقيقة هو أم خيال !
يتببببببببع
أنت تقرأ
امواج القيامه
Spiritualتتكلم عن قيام الساعه ويوم الورود والحساب ودخول الجنه والنار وشفاعة اهل البيت الجزء الثاني من كتاب فوق اجنحة البرزخ للكاتب عبدالرزاق الحجامي