04

606 32 1
                                    

ثلاث سنوات من الحزن والألم تمر برمشة عين كأن ما حدث كان بالأمس أو كأنه كابوس مخيف إقتحم حياتهم ودمرها لازالت مشلين تعيش دور أختها وبدأت تدريجيا تعتاد ذلك فقط كي ترى أمها بصحة جيدة فذلك الخلل الذي أصاب دماغها قد يودي بحياتها إلى التهلكة إذا تعرضت مجددا لأي صدمة، تقف مشلين أمام المرآة تنظر في ملامح وجهها التي قد تغيرت لدرجة كبيرة، فشعرها الطويل الذي كان ينساب بين كتيفها قامت بقصه ليصير قصيرا إلى حد ما وتلك العيون التي كانت ترتسم عليها ملامح البراءة أصبحت في منتهى القسوة والحدة حتى شفاهها التي اعتادت الإبتسامة دائما أصبحت عبارة عن شفتين مستقيمتين لا تتحركان إلا أثناء الحديث. ترتدي مشلين ثيابها وتخرج بعد إطمئنت على أمها وتتوجه  إلى الجامعة  ذلك المكان الذي أصبحت تكرهه أشد الكره بعد أن كان في يوم من الأيام أجمل حلم تسعى لتحقيقه، فقد تخلت عن الدراسة لمدة سنتين متتاليتين إلا أنها عادت للجامعة بعد إلحاح طويل من صديقتيها هند ومايا وجارتها أم هند التي وعدتها أن تتكفل بالإعتناء بفاديا لغاية عودة مشلين من دوامها كل مساء.
تصل مشلين للجامعة وتنظر في الأرجاء لتجد صديقتيها يلوحان لها بيديهما فتذهب متجهة لهما لتصطدم بفتاة ثلاثينية جميلة الملامح ممشوقة الخصر كانت تحمل في يدها مجموعة من الكتب والأوراق والتي تسقط من يدها، مشلين بغضب: إفتحي عينيكي أيتها الصعلوكة ألا تنظرين أمامك؟ ترفع الفتاة رأسها ببطئ ناظرة نحو مشلين بغضب  دون أن تتفوه بكلمة، في هذه الأثناء تركض كل من هند ومايا نحو مشلين بهلع وإرتباك لتقول مايا بصوت مضطرب: نحن نعتذر يا آنسة نتاليا هي لم تكن تقصد ما قالته. تنظر نحوهما مشلين نظرات غاضبة ثم توجه نظرها نحو تلك الفتاة وتقول بغرور: بلى لقد قصدت كل كلمة قلتها. تنظر لها نتاليا بحدة وتقول: أعدك ستدفعين الثمن غاليا وترحل، هند بغضب: تبا يا مشلين ستقعين في ورطة بسبب عنادك إنها الدكتورة المسؤولة عن تخصصك بمعنى أنكي سترينها كل يوم وتدرسين عندها وقد تسبب لكي المشاكل بسبب هذا الموقف. ترد عليها مشلين بذلك الغرور الذي إعتادته منذ ما يقارب ثلاثة سنوات: فليكن لن تستطيع أن تفعل شيء أقل ما يمكنها فعله أن تتسبب في طردي من هذا المكان اللعين وهذا ما أرغب فيه بالفعل. مايا بترجي: أرجوكي يا مشلين هذا أول يوم لكي هنا لا تفتعلي المشاكل وركزي على حلمك في أن تصيري طبيبة مشهورة لا تنسي أنه حلم لارا أيضا، تتجمع كل التعابير الحزينة في وجه مشلين إلا أن تلك القسوة التي إكتسبتها تمنعها من الضعف لتقول بجمود وقسوة: لابأس لن أفتعل المشاكل سيكون كل شيء بخير. تبتسم الفتاتان برضى وتقول مايا: إذن وقبل أن يبدأ دوامك دعينا نصطحبك في جولة لتتعرفي على  الجامعة، تكتفي مشلين بإبتسامة باردة وتذهب مع صديقتيها.
يمر الوقت سريعا وتذهب الفتاتان للقاعة التي تدرسان فيها وتذهب مشلين نحو القاعة التي تدرس فيها. تجلس بملل وسط تلك الحشود وقد بدأ ذلك الضجيج وتلك الأصوات الصادرة من الطلاب تزعجها إلا أنها تحاول أن تتماسك، في هذه الأثناءتأتي فتاة شقراء قصيرة القامة نوعا ما يبدو على ملامحها التكبر والغرور رفقة صديقاتها وتقف على مقروبة من مشلين وتقول بتعجرف: أيتها الفتاة هذا مكاني إذهبي وإجلسي في مكان آخر. تنظر لها مشلين ببرود وتزيح نظرها دون أن ترد عليها مما يثير غضب تلك الفتاة فتقول بصوت عالي: هل أنتي صماء ألم تسمعي ما قلته؟ يصمت جميع من في القاعة في هذه اللحظة ويلتفتون جميعهم نحو مشلين والتي لا تزال جالسة بثبات وبرود قاتل لتقول بسخرية: الصمت عن الأحمق جوابه. ينفجر الجميع ضحكا ويصفر بعض الشباب ويصيحون مبدين إعجابهم برد مشلين. تحمر وجنتا الفتاة وتنقض على مشلين محاولة ضربها لكنها تقع في شر أعمالها إذ أنها تأخذ نصيبها من الركلات والصفعات من مشلين لتتدخل بعض الطالبات ويبعدوهما عن بعضهما البعض وفي هذه الأثناء تدخل نتاليا فيعم الصمت في كل الأرجاء فجميعهم يعلمون مدى صرامتها ويحترمونها رغم صغر سنها، نتاليا بغضب: أنتي وهي أخرجا من حصتي.  تحاول تلك الفتاة المدعوة لارا أن تتكلم مترجية نتاليا ألا تطردها لترد عليها نتاليا بغضب: لا أريد أن أعيد كلامي مرتين. تخرج   لارا وهي في حالة من الغضب الذي كسى ملامحها عكس مشلين التي تقف بثبات وجمود وتلقي على الأستاذة نتاليا نظرات باردة ساخرة وترحل ليزداد غضب نتاليا وسخطها على هذه الطالبة الجديدة والتي لا تعرف حتى إسمها.
ترى كيف عساها مشلين أن تتأقلم مع هذا المحيط الجديد، وهل سيتسبب لها هذا الموقف الذي تعرضت له مع نتاليا في المشاكل  أم سيكون الأمر مختلفا؟

الفاتنة المتمردةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن