الجزء 17

577 31 1
                                    

مر شهر منذ وفاة فادية تلك الأم التي لن يعوض غيابها أحد فقد تركت فراغ في حياة مشلين لم يستطع أحد أن يملؤه. عادت مشلين لحياتها الطبيعية وأكملت دراستها كأن شيئا لم يكن، لكن الشيء الوحيد الذي تغير فيها هو برودها وقسوتها التي إزدادت فأحيانا عندما يتأذى القلب يصبح قاسي لا يلين فبالرغم من محاولات كل من هند ومايا ولارا ونتاليا في أن يخرجوها من جو الكآبة إلا أنها لم تبدي أي رد فعل بل أصبحت أشد قسوة وقوة وبرود. عادت نتاليا لمزاولة مهنتها الأساسية وهي التدريس في الجامعة فقط كي تحظى بقرب مشلين تلك الفتاة التي أصبحت تشغل كل تفكيرها، رغم أسلوب مشلين البارد معها  وتعاملها السطحي ألا أن هذا لم يشكل فارقا بالنسبة لها فحل ما يهمها أن ترى تلك المتمردة أمامها يوميا وأن تطمئن عليها.
تبدأ نتاليا في تقديم درسها كالعادة بنفس ذلك الوجه البشوش والمبتسم وتنظر بين الحين والآخر نحو مشلين نظرات سريعة فهي تخشى أن تطيل النظر إليها فتفضحها أنفاسها المرتبكة أو دقات قلبها التي تتسارع فجأة دون سابق إنذار، يمر الوقت بسرعة ويرن الجرس معلنا نهاية الحصة فتغادر كل من مشلين ولارا لتجلسا معا في الكافيتيريا، تنظر لارا نحو مشلين نظرات طويلة وتقول: ميشو أود أن أحدثك في شيء مهم لكن عديني أن تجيبيني بصدق. ترد عليها مشلين بتعجب: أعدك طبعا لكن ماهو هذا الموضوع؟ ترد عليها لارا قائلة: حسنا سأخبرك لكن لا تقاطعيني حتى أنهي كل كلامي. مشلين ببرود: أوكي. تنظر لارا في عيون مشلين وتقول: أرى في عيونك حزن كبير وسر تحاولين إخفاؤه عن الجميع. مشلين بتساؤل: سر؟؟ ترد عليها لارا: نعم سر لكني تمكنت من إكتشافه تصمت قليلا ثم تكمل أتنكرين أنكي تحبين نتاليا؟ تتغير ملامح مشلين وترتبك وتقول: لا أحبها من أين جئتي بهذا الكلام؟ لارا بتأفف: مشلين لا تحاولي أن تخفي الأمر عني أتظنين أنني لم ألحظ نظراتك لها أو لم أنتبه على ملامحك التي تتغير فجأة إذا أحد ذكر إسمها أمامك. أرجوكي يا أختي أعطي لقلبك فرصة لا تحاولي قتل الحب بنفسك. مشلين بعصبية: توقفي عن هذا الهراء يا لارا أنا لا أحبها. لارا بشك: أقسمي بذلك وسأصدقك، ترتبك مشلين وتقول: لن أقسم ولا يهمني إن صدقتي أو لا. تبتسم لارا وتقول بضحك: أنتي حقا مجنونة يا ميشو عيناكي فضحتكي الآن فلا يهم ما سيقوله لسانك، شيء آخر  أبشرك نتاليا أيضا  تحبك، لكن الفرق الوحيد بينكما هو أنها هي تبذل قصارى جهدها لتشعرك بحبها عكسك أنتي التي تحاولين أن تشعريها أنها لاشيء بالنسبة لكي. مشلين بإرتباك: هي لا تحبني هي تهتم بي فقط لأنها تعلم أني أمر بفترة سيئة من حياتي. تضربها لارا على كتفها وتقول: أنتي حقا عمياء ألم تنتبهي لنظراتها لكي أثناء تقديمها للدرس، لا تتغابي يا مشلين أنتي أذكى من هذا حبيبتي. تشعر مشلين بسعادة تلمس قلبها عندما تخبرها لارا أن نتاليا تحبها لكنها مثل العادة تحاول ألا تبدي أي ردة فعل وتنفي حبها لنتاليا كأنها ترغب في أن تحتفظ به لنفسها وتجعله سر بينها وبين قلبها فقد أصبحت تخاف أن تحب أو تعتاد على أحد جديد فيرحل ويتركها يوما ما. في هذه الأثناء تأتي كل من هند ومايا ويجلسا رفقة مشلين ولارا لتتحدث مايا بتأفف: اووووف تبا لكل هذا. ترد عليها لارا: مابالك أنتي أيضا؟ مايا بضجر: أود ضرب هند بطريقة تجعلها تفقد ذاكرتها للأبد. تضحك كل مشلين ولارا عليها لتقول هند بعبوس: جربي ذلك وسترين ما سأفعله بكي أيتها الحمقاء. مايا بغضب: لقد طلبت منها أن نمضي اليوم سويا ونتفرغ لبعضنا البعض لكنها تقول لي: لا يمكنني مواعدتك اليوم. تضحك مشلين وتقول: أنتما حقا مناسبتين لبعض كلاكما مجنون بطريقة مضحكة، لا تقلقي يا مايا هند ستواعدك هي فقط تتصرف بدلع معك. تمسك مايا قلبها وتقول بضحك: اااه قلبي ماذا فعل بي حب العذاري أحبها وأحب دلعها هذا. تضحك مشلين على مايا لكنها تصمت فجأة عندما ترى نتاليا قادمة بإتجاههم. نتاليا بإبتسامة: مرحبا صبايا أيمكنني شرب قهوتي معكم؟ ترحب البنات بها وتقول لارا: بالطبع يا دكتورة نتاليا هذا يسعدنا جدا. تقف مشلين مغادرة وتقول: أستأذنكم سأقوم بشيء مهم وأعود. في هذه اللحظة تتغير ملامح نتاليا ويحمر وجهها وتقول: لا بأس يا مشلين لا تذهبي أنا من ستذهب أعتذر عن الإزعاج. ترحل نتاليا شاعرة بالإحراج دون أن ترد على لارا وهند ومايا اللواتي يطلبن منها ألا تغادر، تنظر مايا نحو مشلين وتقول: تبا لبرودك يا مشلين أكان عليكي أن تتصرفي هكذا معها؟ مشلين بعصبية: أنا لم أقصد أن أحرجها هي من فهمت الموضوع هكذا هذا ليس ذنبي. تنظر لها لارا بطرف عينها وتقول: حقا لم تقصدي؟ إذن إلحقي بها وإعتذري منها. مشلين بغضب: لما يتوجب عليا أن أعتذر أنا لم أخطئ. لارا بحزن: ميشو لا تتصرفي هكذا أرجوكي أتدركين أنكي جرحتها الآن؟ تشعر مشلين بتأنيب الضمير فهي لم تقصد إحراج نتاليا بل أرادت أن تبتعد خوفا من تفضحها ملامحها التي تتوتر كلما إقتربت نتاليا منها فتقول: حسنا سأذهب وأخبرها أني لم أقصد الإهانة لكني لن أعتذر. تضحك كل من لارا ومايا وهند عليها وتقول مايا بضحك غامزة إياها:لا تعتذري صالحيها بطريقة أخرى. تكتفي مشلين بتوجيه نظرات نارية لها وترحل متجهة لمكتب نتاليا بخطوات مترددة، تقف قرب الباب وتمد يدها ببطئ وتدق الباب فلا يأتيها رد، ترتبك مشلين أكثر وتدق الباب من جديد، تفتح نتاليا الباب لتجد مشلين واقفة أمامه تنظر لها نظرات سريعة وتقول: تفضلي. تدخل مشلين للمكتب وتنظر طويلا نحو نتاليا والتي كانت تزيح نظرها للجهة الأخرى محاولة إخفاء بريق عيونها الذي يدل على أنها كانت تبكي منذ قليل. نتاليا بتساؤل: أهناك شيء يا مشلين؟ تحس مشلين لأول مرة أنها فعلا كانت قاسية مع نتاليا فتقول: أنا فقط أود أن أعتذر عما حدث منذ قليل لأنني لم أقصد ذلك، تقاطعها نتاليا بغضب: لم تقصدي ماذا بحق السماء؟ تحاول مشلين الرد لكن تقاطعها نتاليا قائلة: لا داعي لتبرير يا مشلين أعلم أن وجودي بالقرب منكي غير مرغوب فيه وأعدكي أن أبتعد عنكي قدر المستطاع. تنزل هذه الكلمات على مسامع مشلين مثل الصاعقة فتنظر نحو نتاليا بعيون متسعة لتتحول نظراتها من نظرات قوية إلى نظرات مجنونة فتسمح لنفسها لأول مرة أن تتصرف بذلك الجنون الذي كانت تخشى أن تتصرف به. ترتمي مشلين في حضن نتاليا وتنقض على شفاهها تقبلها دون أن تعطي فرصة لنتاليا لتستوعب الأمر لتتسارع أنفاس مشلين وتزداد قبلاتها جنونا وشراسة وعنف، في هذه اللحظة تسقط كل حصون نتاليا لتستسلم لتلك المتمردة وتبادلها القبلات بنفس الجنون والتهور، تمد نتاليا يدها ملامسة  بحرية جسد مشلين لأول مرة  وتطبع قبلاتها في كل مكان معلنة تملكها لتلك الفاتنة المتمردة التي قد أتعبتها منذ زمن طويل، يستمر الوضع لوقت طويل لتنفصلا عن بعضهما البعض لاهثتان كأنهما كانتا في سباق مع الوقت، تقترب نتاليا من مشلين وتقول بصوت لاهث: أنا أحبك يا مشلين.
ترى ما موقف مشلين من حب نتاليا؟ وهل ستعترف هي أيضا بحبها لها أم لا؟

الفاتنة المتمردةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن