الجزء 06

561 36 1
                                    

كأن القدر أعادكي لي وتسللتي من جديد لقلبي فإحذري أن تفارقيني مجددا فلن أقوى على النسيان أبدا، تمضي مشلين أول يوم لها في الجامعة رفقة لارا والتي أصبحت مصدر راحة لها فهي كلما تنظر لها ترى وجه أختها فيها  فهي تملك نفس نبرة الصوت ونفس الملامح و التصرفات. تسرح مشلين قليلا وهي جالسة مع لارا ومجموعة من الفتيات يتبادلنا أطراف الحديث لتغادر لعالم الذكريات  حيث تخبئ أجمل لحظاتها  مع توأمها، تقوم إحدى البنات والتي تدعى فرح بتوجيه الكلام لمشلين والتي لم تنتبه لها ولم تسمعها أصلا فيثير هذا غضبها فتقول: لارا ما بال صديقتك الجديدة لا ترد؟يبدو أنها لم تحب الجلوس معنا، تخرج مشلين من شرودها فترد ببرود مليء بالكبرياء: كيف لا يعجبني ولارا تجلس هنا. فرح بعصبية: لما أنتي مغرورة لهذا الحد؟
ترد عليها مشلين بسخرية: حبيبتي أنا هكذا وإن لم يعجبكي طبعي فالعيب في عيونك أنتي ليس بي أنا، تقاطعهم لارا محاولة تلطيف الجو: لا بأس يا صبايا كفاكم تضخيما للأمور مشلين ليست مغرورة هي فقط لم تعتد عليكم لأنها لازالت جديدة هنا، تضحك فرح بصوت عالي وتقول: هههه ووااوو أنظروا من يتحدث لارا تدافع عن مشلين، أنسيتي أنها قامت بضربك منذ قليل؟ تتصاعد الدماء في رأس مشلين من شدة الغضب وتصرخ على فرح: إسمعي يا أنتي إياكي أن توجهي مثل هذا الكلام لأختي وإلا فلن يعجبك ما سيحدث. تتدخل لارا وتسحب مشلين من يدها  وتغادرهم والإبتسامة لا تفارق شفاهها  ، لارا بإبتسامة: أنا حقا في قمة السرور يا ميشو. ترد عليها مشلين بتعجب: ألم تنزعجي من شجاري مع صديقتك؟ ترد لارا بفرح: أبدا بل أعجبني ذلك لأول مرة أحدهم يدافع عني، تصمت قليلا ثم تقول أرأيتي كل صديقاتي أغلبهم يرافقوني من أجل مصالحهم ليس إلا.  مشلين بعدم فهم: كيف ذلك؟ تصمت لارا قليلا وتقول: أبي يمتلك أكبر شركة أزياء في البلد وأنا الإبنة الوحيدة له لذلك فإن الفتيات يرغبن في رفقتي ليس إلا، أما الآن  فقد أصبح لي أخت وأنا حقا جد سعيدة بذلك. تنظر لها مشلين مطولا وتقول: أنا أشد سعادة منكي سأخبرك بسر لكن ليس الآن، تكتفي لارا بتحريك رأسها كعلامة على الرضى وماهي إلا لحظات ويرن هاتفها  لترد عليه ثم تغلق الخط وتقول: حسنا يا أختي لقد وصل السائق ويجب أن أعود للبيت لكن ما رأيك أن أقوم بتوصيلك للبيت؟ ترفض مشلين الذهاب معها وتخبرها أنها  ستعود مع صديقتيها هند ومايا لترد عليها لارا بعبوس مصطنع: حسنا لكي ذلك لكن تأكدي غدا سيكون عليكي العودة معي أنا إتفقنا؟ تبتسم مشلين وتقول: إتفقنا. تطبع لارا قبلة على خد مشلين وتذهب في هذه الأثناء تأتي هند ومايا نحو مشلين وهما تبتسمان لتقول مايا بضحك: ماهذا يا ميشو أصبح لكي معجبات يقبلنك منذ أول يوم، ترد عليها مشلين: هذه لارا يا مايا، تصمت الفتاتان  لعدم قدرتهما على الرد فقد خذلتهم الكلمات فهما يشعران بالأسى على صديقتهم مشلين،في هذه اللحظة تنتبه مشلين لحزن مايا وهند فتقول ملطفة للجو: ماكل هذا الحزن يا فتيات دعونا نعود للبيت لابد أن أمي تنتظرني فأنا لم أتأخر عنها كل هذا الوقت منذ ثلاثة سنوات. ترحل الفتيات كل منهما لبيتها بعد يوم طويل لم يكن بذلك السوء الذي كانت تظنه مشلين.
تدخل مشلين للبيت لتجد أمها في قمة التوتر فقد بدى على وجهها علامات الخوف وهذا ليس بجيد. فاديا بعصبية: أين كنتي يا لارا لم تأخرتي لهذا الوقت؟ مشلين بحزن: أمي لقد أخبرتك أنني ذاهبة للجامعة ولم أذهب لأي مكان آخر،  فادية بعصبية: أكان عليكي العودة للجامعة يا لارا  أهي أهم مني؟ ألم أقل لكي ألا تبتعدي عني أبدا أو ترغبين في تركي كما فعلت مشلين أختك.  تبكي مشلين بحرقة فهي غير قادرة على التحمل أكثر وتقول: حسنا يا أمي لن أذهب مجددا إطمئني، تقول كلماتها وتدخل غرفتها صاعقة الباب خلفها لترتمي على السرير غارقة في دموعها التي لم تفارقها منذ رحيل أختها في هذه الأثناء تدخل فادية وتجلس بجانب مشلين وتمد يدها تمسح الدموع من عينها وتقول: حبيبتي أنا آسفة فقط خفت عليكي سأموت لو أصابك شيء ما. ترتمي مشلين في حضن أمها تبكي كأنها ترغب في إنهاء كل الدموع التي استوطنت عيناها لتهدئ بعد قليل فحضن أمها هو المكان الوحيد الذي تجد فيه راحتها. فادية بصوت حنون: هيا يا حبيبتي غيري ثيابك وتعالي فقد حضرت لكي الكيك الذي تحبينه. تبتسم مشلين وتقول: كيك بنكهة الشوكولاتة أليس كذلك يا أمي؟ فاديا بإبتسامة: لا فهذا ذوق أختك لقد حضرت لكي كيك بنكهة الفراولة كما تحبينه أنتي، تفتح مشلين عيونها بإتساع لأن أمها هذه المرة لم تخطئ كما اعتادت،فادية بحزن:أعلم يا عزيزتي أنكي مشلين ولستي لارا وأنا آسفةيا إبنتي لأنني جعلتك تتخلين عن نفسك و تصبحين لارا فقط لكي لا تشعريني بالحزن  لكن منذ الآن ستعودين مشلين كما كنتي يا عزيزتي.تصمت قليلا ثم تكمل هيا يا عزيزتي بسرعة فالكيك في إنتظارك.مشلين بسرور: حاضر يا أجمل أم في الكون ثم تقبل خدها وتذهب لتحظى بحمام دافئ يزيل عنها التعب ثم تجلس مع والدتها تتناولان الكيك والقهوة ومشلين لاتكف عن الثرثرة تحكي لأمها عن كل تفاصيل يومها.وتحكي لها عن لارا التي قابلتها اليوم فتطلب فاديا منها أن تحضرها معها للبيت كي تتعرف عليها.
ينتهي ما تبقى من اليوم ويحل الظلام ناشرا سواده في الأرجاء لتخلد مشلين في نوم عميق شاعرة بالسرور لأن حال أمها تحسن وأصبحت تناديها بإسمها وكذلك لعثورها على لارا تلك التي أصبحت أختا لها.
هناك عدل في هذه الحياة فكل ما يسلب منك يعاد لك بطريقة أو بأخرى لكن يستوجب علينا أن نصبر دوما فبعد الصبر حتما يأتي الجبر.

الفاتنة المتمردةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن