الجزء 16

515 28 0
                                    

ليتها لم تغفو في تلك الدقيقة وليت عيونها ما عرفت للنوم مكان، لقد إتسيقظت على فاجعة أليمة فاجعة لم تكن أبدا بالحسبان. تركض مجموعة من الممرضات رفقة نتاليا وطبيب مساعد نحو غرفة فادية لتصحو مشلين من غفوتها شاعرة بالخوف والتوتر فالوضع لا يطمئن، يمر بعض الوقت وتخرج نتاليا بوجه شاحب وملامح حزينة، تركض مشلين نحوها وتسألها بخوف: كيف حال أمي؟ تنزل نتاليا رأسها للأسفل وتقول: لقد فارقت الحياة. تصرخ مشلين صرخة مدوية وتبدأ بتوجيه ضربات لنتالية صارخة عليها: لقد ماتت أمي أنتي من قمتي بقتلها أيتها المجرمة أنا أكرهك أكررررررهك، تقف نتاليا مثل التمثال لا تبدي أي ردة فعل فهي تدرك الحالة النفسية التي تمر بها مشلين في هذه اللحظة. تأتي إحدى الممرضات وتقوم بإعطاء مشلين حقنة تحتوي على منوم لتسقط بذلك مشلين بين أحضان نتاليا والتي تأخذها لإحدى الغرف وتضعها فوق السرير لتنام قليلا.
مر الوقت ببطئ شديد تفتح مشلين عينيها بعد ما يقارب الساعتان فتجد الجميع متواجد هناك وقد طغى عليهم ملامح الحزن تنظر لهم بملامح باهتة ولا تنطق بحرف رغم محاولات الكل في جعلها تتكلم في هذه اللحظة تتدخل نتاليا وتطلب من الجميع أن يخرجوا لبعض الوقت لتظل هي و مشلين لوحدهما. تبدأ نتاليا في التحدث محاولة بذلك جعل مشلين تتجاوز الصدمة التي تعرضت لها فتقول: ملشين ردي عليا لا يمكن أن تكوني بهذه القسوة والبرود هيا أبكي أو أصرخي، إفعلي أي شيء فقط لا تصمتي هكذا. تكتفي مشلين بالنظر نحو الفراغ ولا تنطق بحرف واحد. تبدأ نتاليا في الضغط على مشلين أكثر قائلة: لقد خسرتي أمك يا مشلين لم يعد لديكي أحد أنتي وحيدة هياا أصرخي لا تصمتي هكذا. في هذه اللحظة ترتمي مشلين في حضن نتاليا وتدخل في نوبة بكاء، تضمها نتاليا لصدرها بقوة وتهمس: أبكي ياعزيزتي أخرجي كل شيء بقلبك. تهدأ مشلين بعد قليل لكنها تتمسك بكلتا يديها بجسد نتاليا التي لازالت تضمها لتشعرها بقليل من الأمان، تأتي الممرضة في هذه الأثناء  وتذكر نتاليا بمواعيد فحص المرضى. تتمسك مشلين بملابس نتاليا بقوة أكبر وتقول: أرجوكي لا تتركيني. تنظر لها نتاليا بحزن وتقول: إهدئي يا حبيبتي لن أتركك أبدا. تخبر نتاليا الممرضة أن  تجعل دكتورة أخرى تقوم بفحص المرضى وتبقى هي طيلة الليل رفقة مشلين والتي كانت تارة تبكي وتارة تصمت وتتجمد ملامحها كأن الكلام فر منها.
صباح يوم جديد تقف مشلين قرب قبر أمها رفقة صديقاتها وجارتها أم هند ونتاليا ما يقارب الساعة تقترب أم هند من مشلين وتقول: هيا يا عزيزتي يجب أن تعودي للبيت أنتي قوية لا تنهاري هكذا. تكتفي مشلين بتحريك رأسها كعلامة رضى وتمضي معهم لتعود لبيتها ذلك المكان المظلم الذي لو إحترق كل العالم كي ينيره لن يستطيع ذلك. تجلس مشلين في غرفة والدتها بعد أن طلبت من الجميع أن يرحل لتختلي بنفسها وتنهار باكية وهي تضم صورة أمها لصدرها وتقول بصوت مجهد وباكي: أكان عليكي الرحيل هل كان الإبتعاد عني بهذه السهولة؟ لم فعلتي ذلك يا أمي لماااا؟ الجميع يعلم مدى قسوتي لكنكي أنتي الوحيدة التي تعلمين كم كنت خائفة أختبئ وراء تلك القسوة. أنتي الوحيدة التي كنت أحس بالأمان معها. أنا الآن خائفة يا أمي  أرجوكي عودي وخذيني معك لا أريد البقاء لوحدي. في هذه الاثناء يرن جرس البيت عدة مرات تقف مشلين بسرعة راكضة نحو الباب فقد إنتابها شعور أن أمها عي التي أتت لأجلها، تفتح الباب بسرعة لتجد نتاليا واقفة فتنظر لها بغضب وتصرخ قائلة: ألم أقل للجميع أن يرحل؟ ألم تسمعيني عندما قلت أني أريد البقاء لوحدي؟ نتاليا بحزن: أتريدين أن أذهب؟ ترد عليها مشلين بغضب: نعم إنصرفي إذهبي الآن. تنظر لها نتاليا مطولا وتقول: أفعلي ما شئتي لكني لن أذهب. مشلين بعصبية: قلت إرحلي هيااااا. تقترب نتاليا منها أكثر حتى يلتصق جسدها بجسد مشلين وتقول: لن أذهب. تفقد مشلين أعصابها وتقول بهستيريا: هيااا إذهبي ستموتين لو بقيتي معي، إرحلي فقط كل من يدخل حياتي سيموت،الكل سيرحل وأبقى لوحدي من جديد. تبكي نتاليا على حال مشلين ووضعها الذي إزداد سوءا وتقوم بضمها بقوة قائلة: اشششش إهدئي حبيبتي أنا هنا ولن أتركك أبدا. تهدأ مشلين بعد نوبة من البكاء والصراخ وتجلس رفقة نتاليا في الغرفة دون أن تقول شيء فقط تكتفي بالنظر نحو الفراغ بملامح شبه باردة كأن الزمن قد سلبها آخر أمل في أن تعود مشلين لطبيعتها الأولى تلك البنت التي كانت مليئة بالحياة يوما ما.

الفاتنة المتمردةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن