أنا الضائع في أحداق العين
أنا الذائب بين ثنايا الشفتين
أنا من ترك شوقه يحرقه بنار الجفنين
أنا من فقد حروفه و ضاع صوته...
أنا من قتل بسهام رمشينBir süre sonra
بعد فترة
في مساء يوم الثالث عشر من فبراير و في ليلة هادئة لا يقطع سكونها إلا صوت الرياح الليلية التي ترتج لها النوافذ و تتراقص على أثره الستائر و رغم ذلك كله كانت الرياح لازالت ناجحة في العبور إليها و مراقصة تلك الخصلات الهاربة خلسة من كعكتها المبعثرة رامية بتلك الخصلات في نهاية المطاف فوق عينيها في حركة قابلتها أدا بتحريك أناملها و إعادة تلك الخصلة إلى أقرانها في الخلف بإرهاق بينما كفها الٱخر يدلك ببطء بطنها الساكن داخلها طفلها الثالث ذو الثلاثة أشهر
و بالرغم من أنه ليس حملها الأول بل سبقت وأن أنجبت تؤاميها المدللتان نوراي و جولاي ذوات الست سنوات الٱن إلا أنها تلك المرة لا تستطيع إستعياب شعورها بالأحباط و ذلك الشعور المؤلم في معدتها في كل مرة يسافر دينيز إلى أي رحلة عمل.
بل في الحقيقة الأمر لا يتوقف عند هذا الحد و تفقد أيضاً مع رحيله شهيتها على الطعام فلا تكاد تأكل إلا كي يتناول الفتاتان طعامهن أما عندما يحل عليها الليل مثل الٱن و بعدما تطمئن على أن صغارها قد غفوا بأمان فلا يكن لها ٱنذاك جليس إلا ذكرياتها!
فقط في تلك اللحظة التي تغمض فيها عينيها و تسترخي فوق المقعد تشعر بتبخر الحاضر أمامها و بدلاً منها تظهر في مخليتها صورة الماضي رويداً رويداًFlashback
كانت تلك هي المرة الأولى التي تخطو فيها ذات الرأس البرتقالي ضاربة بكعبيها الأرض عابرة من باب منزلها الجديد متعدد الطوابق و الذي من المفترض أن يصبح عش الزوجية السعيد الخاص بها بعد أيام هذا إذا رضت عنه بالطبع
- هل أعجبك...؟
كان هذا صوت دينيز القادم من خلفها بعدما أغلق الباب من خلفه و حاصر بذراعيه خصرها من خلف طابعاً قُبلة متأنية فوق وجنتها
- .لو لم يعجبك...يمكننا إيقاف التعاقد و رؤية منزل غيره
صحيح أنه كان واضح فوق قسمات وجهها علامات الإعجاب الشديد بمعمار المنزل شديد الرقي بهيئته الخارجية ذات النوافذ الزجاجية و الحديقة الضخمة ذات الأشجار أو بطرازه الفسيح من الداخل بمساحته الواسعة و أثاثه الهادئ الذي تغلب عليه التناسق والبساطة
- لا ، إنه مذهل...هادئ و راقي جداً...
تسمع صوت خروج أنفاسه المرتاحة فتجتاحها إبتسامة محبة و هي تقارن بين هذا المنزل الكبير عديد الطوابق مترامي الأطراف و منزليها السابقين ذوات الغرفتين فقط.... هذا المنزل الذي تخطو فيه أولى خطواتها لأول مرة في حياتها لا تشعرها مساحته بالضياع رغم كبرها...لا تضايقها أبداً أطرافه المترامية ولا المساحات الخالية من الأثاث...تشعر بأتساعه يتسرب إلى روحها فتشعر بحالة من السلام تدعوها إلى الإسترخاء برأسها على صدره هامسة بإعجاب.
- لا أستطيع التنفس كلما فكرت أنها أيام و سندخل إلى هنا يداً بيد
و على ذكرها لكلمة يد فبيد فسرعان ما حاوط القبطان يدها قاصداً الإتجاه نحو السلالم صاعداً بها إلى الطابق الثاني حيث تقنط غرف النوم الخاصة بهما و التي قد صممها بالكامل على الطراز الذي تحبه من الألوان الفاتحة الهادئة و الفراش الوثير و مدفأة و مكتبة معلقة لكتبهم المفضلة و في الطرف البعيد من الغرفة وُضعت أريكة متوسطة الحجم أمامها طاولة للشاي و لكن من بين هذا كله علقت عينيها على هذا الفراش شاعرة بأزير من الكهرباء يسرى على طول عمودها الفقري و هي تفكر فيما قد يطلب منها بعد أيام...متى سيطلبها منها ؟ هل ستجرؤ أن..أن تتمم زواجهما ؟ لو تحججت و رفضت مرة فإلى متى سوف يستمر صبره..؟ و ماذا سيكون ردة فعله حين يطفح كيله..،؟
و تزامناً مع جفاف ريقها رعباً من هذه الأسئلة التي بددت سعادتها البالغة تماماً شعرت به يلمس كتفها بخفة و قد إستشعر أخيراً شرودها العميق لدرجة أنها لم تسمع كل النداءات التي سبقت هذه اللمسة
- حبيبتي ، هل تسمعينني ؟
و لأول مرة منذ زمن بعيد ترتجف بقوة من لمسته...بقوة كانت كافية كي يلاحظها هو و لربما لهذا السبب قرن حاجبيه تعجباً و سارع بإحاطة وجنتيها بكفيه قائلاً بقلق ظهر جلياً في عينيه التي مسحت وجهها الذي بات شاحباً على حين غفلة مردفاً بصوت حنون.
- أدا ، يا عمري..هل أنتِ بخير..؟
- كيف يهرب المرء من أفكار عقله..؟
هكذا تسائلت و هي تحملق فيه بعينين على وشك البكاء و شفتين يرتجفان من فرط التوتر قبل أن تضع رأسها المدجج بالأفكار على كتفه الأيسر و هي تغمض جفنيها تاركة يداه تتجول ببساطة فوق شعرها و لم تؤثر دهشته من حالتها على مدى لطف لمساته و لا على عقله الذي إستطاع إيجاد طريقة مثالية لإسعادها بعد تفكير دام لحظات
- Gel , Sana bir şey göstermek isterim
" تعالي ، أريد أن أريكِ شيئاً "
و لأنه كان يعرف أنها على الأرجح لن تطاوعه و هي تحت سيطرة هذا الوجوم الغريب فلم يتردد أبداً في أن يحاوط يدها بيده من جديد و يسحبها خلفه في سكون حتى ذلك الجهاز المغطى بستار أسود كاحل الذي لا يبزر لاي معلومة حول ماهية الشيء المختبأ تحته و لكنها على الأقل إستشفت أنه شيء كبير الحجم
و لكنها لم تتوقع إطلاقاً مهما طافت و جالت و صالت بخيالها أنه عندما يزيح دينيز ٱركان الستار عن مفاجأته ستكتشف أن الضيف الذي لم تراه في الغرفة بفضل مخاوفها هو..بيانو!
نعم ، باتت الٱن تملك بيانو قرمزي اللون ضخم يبهرها تمازج لونه الدموي مع الأبيض..ليس هذا فقط بل أنه نحت أسمها في الركن المخصص لوضع نوتة الموسيقى بخط ذهبي مزخرف..أهذا أنه لم يشتري بيانو من أجلها فقط بل طالب بتصميمه لأجلها!
كيف تصف سعادتها الٱن هي لا تعرف...لم يعد عقلها يستوعب أصلاً.... لم يبقى في المعاجم وصف...لم تبقى في اللغات تعابير...هي أمية تماماً عن ترجمة سعادتها الٱن...هي تحبه فقط...لا...حتى هذا لم يعد يكفي!
تدور ناحيته بجسد مرتجف...تحدق فيه بعيون يتقافز منها الإمتنان متسابقاً خلف دموعها...يداها المرتجفة من فرط التأثر تخفي عنه إبتسامة تراقصت في عينيها...و يذوب هو بين كل هذا فيخرج صوته ضائعاً
- كنت قطعت عهداً على نفسي...أن يكون هناك بيانو ملكك... واحداً لا يتكرر مرتين!
في الحقيقة هو قال هذا محاولاً أن يكسر الصمت الذي فرضته هي عليهما حينما سرقت مفاجئته عقلها و لكنها حتى بعد إعترافه لم تتچمكن من الحديث...أنه لا يساعدها أبداً على إسترداد عقلها المسلوب بهذا الشكل بل هي لم تستطع أن تفعل أي شيء تعقيباً على حديثه غير التحديق المنبهر بينه وبين البيانو و كأنها تحاول التحقق إن كان أياً من هذان الإثنان حقيقياً
و عندها تيقن هو أنه لن يتم كسر الصمت ببساطة كما ظن قرر أن يعترف بباقي أجزاء مفاجئته المخفية فقال مردفاً و هو يحك مؤخرة رأسه بخجل خفيف
- و طلبت مساعدة إيليف لمعرفة تصميم البيانو المفضل لكِ..أتمنى أنها لم تخدعني
حينئذ علمت الفتاة أنها بات عليها أن تكسر جبرية الصمت التي فرضتها على نفسها و لكنها لم تتحدث بل حركت ذراعيها و أحتضتنه...لم تكن تعانقه فحسب...كادت تعتصر جسمه لو كانت في نفس بينيته الجسدية...كانت تعانق أحلامها من خلاله..تعانقه بقدر كل ذرة فرح يرتج لها جسدها حد الإرتجاف الٱن...تعانقه بقدر أحلامها بهذا البيانو في أحلامها..تضمه بقدر عدد مرات العزف في صحوة خيالاتها
كان قد أطمئن قلبه على نجاحه فيما عزم عليه منذ أن دارت نحوه بتلك العينان الباكية فرحاً...تأكد تماماً حين عانقته و لكن من طرفها هي لم تجد هذا كافياً لهذا أخفضت شفتيها مُقبلة كتفه الأيسر مغمغة
- لو أعتدت على هذا سأسبب لك المشاكل لاحقاً.
كانت تعرف أنه سمع همسها المازح من إبتسامته التي شعرت بها بين خصلات شعرها حتى وإن لم يجيبها إلا بسحبه لكفها و الخروج من الغرفة إلى الغرفة الملاصقة لها
تلك الغرفة الفسيحة الغير مطلية ولا يوجد بها أي قطعة أثاث واحدة حتى و التي بفضل هذا الخواء الساكن فيها لم تستطع تحديد ماهيتها جي
- ما هذه الغرفة...؟ و لما بقيت على هذه الحالة ؟
كانت في هذه اللحظات قد سبقها دينيز بضع خطوات داخل الغرفة بينما بقيت هي بجوار الباب لربما لهذا السبب لم يلاحظ أبداً عليها نتيجة كلامه المرح
- تلك غرفة الأطفال...فكرت في تركها هكذا لتتخيليها أنتِ ثم نصممها سوياً عندما يحين الوقت
في الواقع لم يكن في نوياه من الحديث أي شيء يشعرها بكل هذا القدر من التوتر و لكن من جهتها هي فبمجرد أن أنتهى من حديثه حتى شعرت بكامل جسدها ينتفض رعباً و ضربات قلبها تهز جدران رئتيها سارقة منها الأنفاس و قد سد الخوف مجرى ريقها تاركاً حلقها من خلفه في جفاف تام و
رغم الحريق الناشب في وجهها من شدة التوتر فقد كان باقي جسدها كله مسجوناً في صقيع كهفاً من الثلج لدرجة كانت أكبر بكثير من أن يحد منها مجرد فرك كفيها ببعضهما
- دينيز ، أنا لا أريد الإنجاب...ليس فوراً!
ترى صدى كلماته في مرٱة عينيه حينما يلتفت إليها بتلك النظرة الغريبة التي لم تستطع تخمين إن كانت غاضبة منها أم متأسفة لحالها و خاصةً حينما تابعت مقلتيها ريقه الذي بلعه بصعوبة و لأنها فهمت على الفور أنه لم يرضخ لهذا الطلب فقد سارعت نحوه فوراً بعينين متوترة
- دينيز..هل غضبت مني...؟
و لكن على عكس توقعاتها و بخفة شديدة تفاجئت به يسحبها لتقف أمامه محدقة بشغب مشاكسة تنتظر الشجار..و لكنه لم يتشاجر بل رفع كفها و أرساه على قلبه لكي تشعر بضرباته الغير منتظمة في باطن يدها
- لو علمتي كم يحبك هذا القلب لتأكدتي أنني لن أجبرك على هذا الأمر مهما طال
يسمع زفراتها المرتاحة فيبتسم..يشعر بها تقبض على معصميه بخفة محاولةً أن تستطيل في نفس اللحظة التي دنى فيها منها مترقباً فيتفاجأ بها تُقبله بخفة هامسة
- أنا أحبك جداً يا دينيز...حقاً!
أنت تقرأ
Aşk Adası
Romanceالمحبون هم أكثر الناس حماقةً في العالم و لكنهم فقط لا يرون الحماقة التي يقترفونها فهم يخطئون في حق أنفسهم حين يظنون بان هناك شيئاً في الحياة يحمل إسم الحب و في الواقع الحب ليس إلا كذبة اخترعها الشعراء لبيع كلماتهم البلهاء للمراهقين السُذَّج لكسب الم...