جسارة المتحابين

177 20 19
                                    

احبك علي فطرتي .. كما يأمرني جسدي و ذاكرتي و سلالتي .. احبك بكل فحولة الرجال و علي ايقاع اشارات المرور و لذعة العشق علي وسادتي .. احبك علي نغمات هدير البحر العميق .. و اوتار صوت الربابة .. و انفاسك الحارة حين تخترق عبائتي ..
لازالت قدميها تضرب بسرعة في برك مياه راكدة متناثرة على طول طريقها إلى الأمان...لازالت ترجف خائفة من ذنب إدعت سابقاً أنه لا يخيفها..و إن لم تندم على ما فعلته و إن وثقت في محاميها فها هي رغم كل هذا تبدو في أوج توترها و هي تنعطف وراء إنعطافات الطرق بلا هدى حتى تجد نفسها إندثرت داخل واحدة من الأزقة الضيقة المكتظة بالمارة بشكل يجعل العثور عليها أمراً أقرب إلى المستحيل بين هذا الحشد الجماهيري الكبير
حينذاك بدأت رويداً رويداً في إخراج هاتفها..خلع شريحة هاتفها القديمة و دس واحدة غيرها قبل أن تجرى إتصال هاتفي مع محاميها بهادير
- أنا بعيدة بشكل كبير الٱن..ما هو التالي في خطتنا ؟
و لكن على العكس تماماً لم يكن بهادير بنفس الطريقة المتحمسة في الحديث أبداً بل إنه من جهته هو كان يعرف عواقب ما قامت به وما قد يتبعها من كارثة قضائية و لا يملك أمام عنادها إلا التشبث بزمام الأمور عل وعسى أن ترجعها كلماته الغير مبشرة عن أفكارها الخرقاء
- خطوتنا القادمة هي الركود لفترة ليست قصيرة بل حتى الإبتعاد عن إسطنبول بأكملها حتى تدبير إخلاء سبيلك... أساساً أخبرتك أن أمر الهروب المبكر هذا حماقة قد تزج بي و بك في السجن لمدة لن تقل عن الثلاث شهور...دعينا لا ننسى أنك لازلتِ على ذمة التحقيق في إختراقك خصوصيات الفتاة
و لكنها لا يبدو أنها كانت تصنت إليه بصدق أو تعي حقيقة ما قد يؤدي إليه أي خطوة غير محسوبة النتائج منها من كوارث مفجعة..لم يكن في عينيها شيء ٱخر يركض أمامها إلا لذة النظر لوجه إبنة مدمر حياتها و هي جثة هامدة فقدت مثلها قيمة الحياة... فقدتها حرفياً
هي لا تعرف كم من الضرر تركت حقنتها داخل أوردة ضحيتها و لكنها باتت تعي بعدما صدمها بهادير بأن ضربتها لم تكن قاضية كفاية لكي ترتقي بها لتعداد الموتى
و لهذا لا يمكنها الٱن بحجة الخوف الذي لم يذر قلبها منذ قررها بالإنتقام أن تتراجع الٱن...هي تعرف أن أدا الٱن غائبة عن الوعي حبيسة فراش..ضائعة داخل ضعف جسدها المسموم و لا يحميها إلى طاقم طبي هزيل قابل للرشوة..لا مجال لفرصة أعظم من أن يكون عدوك يحتضر كي تستطيع طعنه بأضعف الأسلحة فتكاً و أنت تدري أنه لن يقاومك...لن يقدر أن يقاومك!
- بهادير ، أظنني تناقشنا بما يكفي..لا وقت لدي لأنتظر الإفراج... كلانا يعرف أن خطبيها لن يبقيها تحت الأعين بمجرد خروجها من المشفى
لا يعنيها تأففه الواضح من الجهة الأخرى و تنتظر بصبر إشراقة شمس حلوله الجهنمية المعتادة...تنتظر و كفيها يأرجحان بطاقة الائتمان المصرفي الخاصة بها و التي لم يتم تجميدها حتى الٱن سواء من جانب الشرطة أو من جانب الورثة
- أفضل الحلول أمامي الٱن أن تنتقلي مؤقتاً إلى أزمير حتى تهدأ الأوضاع الأمنية و بعدها نقرر كيف ستعثرين عليها
كان يعرف أنها لم تقتنع حتى و هو يسمعها تذعن متضررة إلى مطلبه و تستأذن في الإغلاق..و قد كان محقاً تماماً فيما ظنه لأنها لم تقتنع بتاتاً بالفعل و لكنها إستنفذت من كلماته الجبانة المتريثة ما يخدم تهورها فكانت أولى محطاتها نحو التخفي هو الدلوف إلى إحدى الدكاكين القديمة المنزوية على قارعة الطريق و لا تعرف عن بضائع متوفره لديها إلا الملابس القديمة المستعملة
- أستسمحك عذراً يا سيدتي..هلا سمحتي لي بإلقاء نظرة سريعة على ما لديكم من ملابس...؟
في بادئ الأمر كانت تحادث ذلك الجسد البدين القصير المنحني تحت الطاولة باحثا عن ضالة ما
و بهيئة عريضة كتلك و شعر رمادي أشعث و وجه حاد القسمات لربما لم تشق طريقها البسمة إليه على الإطلاق لم تتوقع كاراجول أن المستمع لها إمرأة إلا مع سماعها لصوتها الخشن يصيح فيها
- أظنك تريني أبحث عن شيء...ليست كارثة أن تنتظري لبضع ثوان
حسناً ، حتى هذا الصوت ليس صوت إمرأة..إلا إذا كانت هي الأم المستلهم منها الساحرات الشريرات في قصص الأطفال
أيجب عليها التراجع و الإعتذار منها و بدأ التنقيب عن حانوت ٱخر ؟
و لكنها لم تلحق للأسف لأنها قبلما أن تقرر الهرب رسمياً دُهشت بتلك السيدة قد أقضت مهمتها و وجدت إبرة الحياكة اليدوية التي كانت تبحث عنها و بالتالي فقد تفرغت لها
و من دون حرف واحد حتى مالت بجذعها العلوي و فتحت جهة من جهتين الخزانة منثرة منه الكثير التراب و محدثة بسبب فتحه صرير مزعج و أخرجت منه طقم كلاسيكي لا تضاهي رقته قذارة المكان و بشاعته متممة بضحالة و نبرة تجعلك يقيناً أنها لا تمت للترك بصلة

Aşk Adasıحيث تعيش القصص. اكتشف الآن