سألوني الناس عنك سألوني
فغمضت عيوني خوفي للناس
يشــوفوك مخبا بعيوني
وهب الهوا و بكاني الهوى
لأول مرة ما بنكون سواو تحت سيطرة هذا الوجوم المتخوف على إستيرا ذات العيون الخضراء لم يكن أمام أحبالها الصوتية المرتعشة خياراً إلا السماح للسيدة العجوز بالدخول بينما أصابعها قد إمتدت منذ ثواني قليلة كمستهل لمصافحة باردة لم تعتادها من طرف يوماً
- تعالي...تفضلي بالدخول يا زوجة عمي
للصدق لم تكن ملامح جولاي المتهكمة تنبأ بأنها ستنتظر منها الإذن بالدخول أساساً فقد سبقتها خطوات قليلة ناحية الأريكة جالسة فوقها بثبات ينشر التوتر في صدر الشابة التي إتخذت من حافة السرير المقابل لجولاي مقعداً لها و رفعت أناملها لكي تزيح خصلات شعرها من فوق عينيها و تجمعها بقوة في
واحدة من حيلها الدفاعية التي إعتادت عليها منذ الصغر إستعداداً لإشهار دفاعاتها أمام أي إتهام سوف توجهه لها جولاي
- منذ أن جئت على هذه الدنيا و أنا أملك بصيرة كزرقاء اليمامة...منذ أن أصبحت أماً و حملت أبني على ذراعي وأنا أهون عندي أن أقُتل ولا أراه مكسوراً...في كل مرة غلبته الحياة لم يكن بيدي...حتى عُميت بصيرتي و وثقت بكِ...أدخلتك بيدي هذه إلى عالماً لم يكن لكِ مكاناً فيه و وثقت بمن لم تقدر أهمية هذه الثقة...خدعني قلبي حينما رفق بكِ وأعمتني سعادتي بعودة أسرتي للنبض فبحثت عنكِ..رحبت بوجودكِ بينا..بأخر أفراد عائلة آركان...أنا و بيدي تلك من أفسحت لكِ مجالاً لتفريقهم...بإعطائك ثقة لم تُحسني إستخدامها كنت السبب لأول مرة في إحزان أبني و بكاء فتاة مسكينة لا ذنب لها
و بالرغم من صراحة حديث السيدة العجوز لهذه الدرجة لم يكن الشيء الذي رغبت به عندما فكرت في الذهاب إلى إستيرا و لومها على ما إفترقته إلا أن شعورها بأن شريكة في الذنب مثلما هي شريكة في البراءة دفعها إلى إلقاء اللوم على صاحبة العيون الخضراء و كأنها تبرأ ذمتها من الجريمة.
و لكن قبل أن تتهي كلماتها الحانقة شعرت بإستيرا تصيح غاضبةً و هي تشير بيديها إلى صدرها بعصبية…لماذا لا يفكر أحد فيها هي ولو لمرة..؟ أدا المسكينة و دينيز المدلل...وأين هي؟ لماذا يجب عليها أن تكون هي البجعة السوداء في حكايتهما..؟ لماذا يلبسونها عباءة الساحرة الشريرة ؟ بأي منطق يحكمون..؟ أفراق بين دينيز وبين حرباء لا تستحقه أهون وأقرب للمنطق أم فراقه هي التي لا ترى في حياتها غيره ؟ أي غشاوة تغطي رؤيته ليصبح جاحد القلب لهذه الدرجة بل و ينقل الأمر إلى أمه ؟ بأي منطق يضعون تلك الشيطانة في مكانة أكثر منها علواً و هي من كانت معه ينفطر قلبها حزناً عليه في الوقت الذي كانت الحمراء لا تدري عن وجوده على الأرض شيئاً..؟ بأي عقل يفكرون لينصرون حباً زائفاً إستغلت في أدا مهاراتها كطبيبة نفسية لتوقع بأبن عمها في حبها ولا يصدقون أن تعشقه مهما فعلت..؟ لماذا عليها أن تكون خارج إطار الصورة دائماً طالما أنه يستبدل النساء الساكنة في صدره.. ؟
تغالبها الدموع فترتجف أناملها المشيرة إلى صدرها ثم تصيح و قد سقط عنها قدراتها على الصمت أو تزيين كلماتها بطبقة زائفة من الثبات
- لم أسمعك تذكرين أسمي في كل هذا...أين أنا من هذا الحديث...؟ آتى بهوليا فقبلتي بها وأدا كذلك...و لكن إستيرا..لا، لا مكان لها...لمَ هاا.. ؟ لمَ..؟ لماذا عليّ أن أفكر بمشاعر الجميع دون الإلتفات إلى مشاعري...أين مشاعري من هذه الحسبة؟ أين ما أريده أنا؟ لقد تمنته هوليا وإستغلت قصصها الغبية وراء لوحتها للإيقاع به و لم تلوميها...لقد تمنته أدا و إستغلت ضعفه الذي أعمى عينيه واستخدمت ألاعيب الأطباء النفسيين الحمقاء للإستيلاء على حبيبي و مع ذلك تلومينني أنا..لماذا عندما أحاول الإقتراب منه الآن تعاقبونني وكأنها جريمة..؟
في الواقع لم تكن الفتاة كلماتها تخرج على هيئة حديث بقدر ما كانت تخرج على هيئة هذيان و كأنها شاردة تحاور صورتها في المرآة أو تبرر سلامة نيتها فيما فعلت لشبح أدا الذي بات لا يفارق أحلامها و لكن صوت جولاي الغاضب الذي هب في وجهها منزعجة من فظاظة حديثها وإبتعاده عن الآدب والإحترام لفراق السن الكبير بينهم صُنف بمثابة فرماناً أجبرها على تجرع الباقي من كلماتها
- Estira...Kendine Gal..Lafına dikkat et
" إستيرا...عودي إلى رشدكِ...إنتبهي إلى كلامك "
سمعت ما قيل و لم تفهمه...أدركت نبرة الوعيد والتهديد في صوت جولاي ولم يتوقف هذيانها عن التدفق...لم يعد في مقدورها تصنع البراءة واللعب من وراء الأقنعة...لم تعد تطيق الحديث المبطن..لايزال حبه لأدا يعميها...لازالت أحبالها الصوتية ترجف تحت سيادة القهر فلا تأبه لكم سيخرج حديثها فظاً
- أرجوكِ أفهميني..هو لم يختارها بمحض إرادته الحرة هو ذهب لها كارهاً للحب فإستغلت ضعفه وأوقعته في حبالها.. أي وقاحة تملك لا أفهم أنا! أهذا القسم الذي أقسمت عليه يوم تخرجها؟
كانت تتكلم و الكلمات يتطاير مع شظايا الكراهية كما الرصاص و عينيها الخضراء تصب الغضب و كأنه حمماً بركانية لبركان دائم الثوران..كانت تكفي نظراتها لتفضح نواياها الحقيقية...وإظهار الحقيقية التي عمى العاشقان الإثنان عن رؤيتها بحجج واهية عديمة القيمة... نعم هذا الحل الوحيد أمامها لحل تلك المُعضلة...هي من أدخلت إستيرا إلى عالمهم و عكرته و هي من ستعيد لهما الصفو كان اللقاء الأول لهما من إقتراحها و سيكون تصالحهما من صنع يديها
هذا ما فكرت و هي تخرج هاتفها المحمول من حقبيتها ببطء و تفتح مسجل الصوت دون أن تنتبه لها هذه التي مازالت تغرق الطبيبة الحمراء بجميع أنواع السباب الذي تعرفها ثم عندما اطمأنت العجوز لبدايتها للتسجيل عادت لتدسه في الحقيبة و تغمغم بعدها متسائلة بتوجس
- كنتِ تعرفين بوجودها في الجامعة و كنتِ تعرفين أنها ستقع في الحيلة يا إبنتي و رغم ذلك...
و على الفور رنت ضحكات صارخة من شفاه إبنة عم شاه السمر و هي تؤمى برأسها مرات متتالية ثم شردت للحظات في ليلة تكريمها تستعيد كل لحظاتها...ليلة النصر الأكبر...تاريخ بداية سعادتها الأبدية...بداية العد التنازلي لتزويجها بها...دموع الصهباء حينها روت قلبها فأثلجته... صوت خطوات دينيز الراحلة المعزوفة الأروع في التاريخ!
- عندما ذهبت إليها في المرة الأولى تصنعت القوة ببراعة فائقة...و لكن ما إن آتى الموضوع إلى نقطة الإختيار بينها وبين هوليا توترت للحظات...حينها عرفت أن هذا هو الحل المنتظر...تشكيكها به هو فرصتي الوحيدة.. لهذا تقصيت حولها حتى ما علمت بندوتها في الجامعة..بعدها كل شيء كان من صنع القدر..جاء دينيز مكالمة هاتفية وإضطر للخروج..حتى جهل دينيز بوجودي جاء في صفيبأنه جعل رد فعله يتأخر...هرولت نحوه علني إستجديه...و بعدها بدقيقة واحدة فقط حدث ما أردت وأسهل مما تصورت!
و كما كان تذكر ما حدث ليلة تكريم البرتقالية ذو أثر على إستيرا كان صاحب أثر أكبر وأكثر إختلافاً بالنسبة للأم ذات العقد الخامس من العمر فهي لم تنتشي نصراً مثلها...و لم تشعر بالتفاخر كلما مر على رأسها ما حدث...حتى ما يمر على رأسها ليس مشابه فهي لا يعنيها أبداً ما شعرت به إستيرا...بقدر ما يؤلمها الشعور بالذنب…لا يهمها بتاتاً كم سعدت الفتاة بدوران عجلة حظها بقدر ما يكسرها بكاؤه بين أحضانها لهذا ما إن سمعت إستيرا تهمس بكلمة القادم حتى قاطعتها قائلة بهدوء مفتعل و كلمات يتطاير منها الوعيد كما الزجاج بشكل لم يكن صعباً أبداً تخمين من أين آتى دينبز بطريقته الممتزجة بالهدوء والغضب بعدها
- القادم هو أنك ستبتعدي عن أبنائي..أتمنى أن تجدين ما يسكن قلبك و يعرف قيمتك و لكن بعيداً عن أدا ودينيز
و على الفور نهضت جولاي دون إنتظارها لرد الفتاة المتذمرة على كلامها و تبعتها إستيرا إلى الباب بلا إكتراث لأياً مما هددت به حتى إذا ما أغلقت الباب ورائها حتى إنزلقت بظهرها عليه و هي تقول شاردة الذهن مبتسمة الثغر حالمة النظرات رغم كل الرفض المحاطة به
- إنتظروا حتى أتدخل وأصلح ما أفسدته الشيطانة الحمراء ستصبحون جميعكم مدينون لي
……………………………………………..............
أنت تقرأ
Aşk Adası
Romanceالمحبون هم أكثر الناس حماقةً في العالم و لكنهم فقط لا يرون الحماقة التي يقترفونها فهم يخطئون في حق أنفسهم حين يظنون بان هناك شيئاً في الحياة يحمل إسم الحب و في الواقع الحب ليس إلا كذبة اخترعها الشعراء لبيع كلماتهم البلهاء للمراهقين السُذَّج لكسب الم...