أفكر .. لولاك
لو لم يبح عن عبيرك عيب
لو أن اشقرار صباحي .. لم ينزرع فيه هدب ..
ولولا نعومة رجليك ..
هل طرز الأرض عشب ؟
تدوسين أنت ..
فللصبح نفسٌ .. وللصخر قلب
ترى يا جميلة ، لولاك ، هل ضج بالورد درب ؟
ولولا اخضرارٌ بعينيك ثر المواعيد ، رحب
أيسبح بالضوء شرقٌ .؟
أيبتل باللون غرب ؟
أكانت تذر البريق الرمادي ، لولاك ، شهب ؟
أكانت ألوف الفراشات في الحقل ، طيباً تعب؟
لو أني لست أحبك أنت ..
فماذا أحب ؟كان الصباح في منزل عائلة آركان مختلفاً كلياً عن ذاك الذي طرزته الأحقاد و فُجرت فيه قنابل موقوتة بمقيات موعود ليس بعيد..كان بسيطاً هادئاً بعد أيام إقتنص المرض والقلق الفرحة والراحة من ساعاتها...كان الصباح الأول الذي ينام فيه الثلاثة بعمق لا تشوبه شائبة فحتى مع بقايا الكثير من الألم عند دينيز من جهة ذراعه الجريحة إلا أن هدوء المنزل التام و البعيد كل البعد عن ضوضاء المشفى في الأيام الماضية ساعده كثيراً على الإستغراق في النوم بشكل أعمق و لعدد ساعات أطول
حتى هزمت خيوط الشمس أولى العيون الناعسة بإقتحامها لإجفان البرتقالية ذات حجري التورمالين و التي حاولت في البداية مكافحة الشغب التي تقتفره تلك الأشعة بالتقلب للجهة الأخرى من الفراش و لكنها سرعان ما استسلمت معترفة بجسارة ضوء الشمس لدرجة أكبر منها و فتحت عينيها على مهل حتى إكتملت لها الرؤية و إتضحت معالم هذه الغرفة ذات الألوان الزرقاء و الأثاث اللسيط ذو الالوان الزاهية.في بادئ الأمر بدأت الطبيبة الحمراء تدلك جمنيها بأناملها بكسل و يدها الآخرى تجمع الشعر الواقع على عينيها لتعيده إلى مكانه و هي لازالت لم تفهم أين نامت و ما تلك الغرفة الفسيحة و لمَ حقيبتها موضوعة هنا حتى رمت بعينيها للجهة الأخرى فوجدت نفسها تطالع الممر الخاص بغرف النوم في منزل دينيز
نعم، هي في منزل دينيز.. باتت هنا ليلة أمس بتوصية من جولاي و قلبها في الوقت نفسه بهدف تمريضه و من هذا المنطلق تماماً نهضت تاركة فراش غرفة الضيوف و سارت حتى أغدى جسدها مسنوداً على حافة الباب و هي تفكر كيف توازن بين رغباتها و الشعور بالحرج.. أفلو خرجت الآن للإطمئنان عليه ستصبح متطفلة تقتحم خصوصيات الآخرين و تجرح حرمة منزلاً ليست إلا ضيفة فيه أم أن معرفتهم المسبقة بوجودها في المكان جعلتهم يكونون على جاهزية لتجولها فيه ؟
و بعد تفكير دام لحظات قليلة قررت أن تلتزم بأخلاقيات الذوق العام و تبقى مكانها حتى يستيقظ إحدى أفراد المنزل و تتحرك بعدها بحريتها فعادت لترمي بجزئها العلوي على الفراش مغمضة العينين تاركة قدميها ملامسة للأرض بينما أناملها الرقيقة تلتف حول خصلاتها ثم تفلتها و تلف خصلة أخرى بشرود حتى قطع حالة الرتابة المحيطة بها طرقات بسيطة على باب غرفتها المفتوح ثم تبعها صوت جولاي المرح الواقفة على حافة الباب من الخارج
- صباحك خير يا صغيرتي النشيطة..كدت أنفجر من ملل الجلوس وحدي
ترفع أدا رأسها فوراً من فوق غطاء الفراش لتبصر ملامح السيدة الناعمة بخطوط السن التي تحيط عينيها حينما إبتسمت بودية شديدة جعلتها تنزلق من فوق الفراش و هي تقترب نحوها محاوطة وجنتيها بلطف مغمغمة بتدليل
- صباح الخير يا حبي
في المقدمة رفعت جولاي أناملها لتوقف أيادي الطبيبة الحمراء عن تحريكها لوجهها ذهاباً وإياباً و كأنها تدلل طفلة لم تتجاوز العامين ثم قالت بمزاح بعدما أمسكتها من معصمها ليخرجا سويا من الغرفة إلى الممر
- كفي عن تدليلي هكذا...لم أكن أتخيل أن
دينيز أثر بك كثيراً...على أية حال سأنزل لأعد القهوة و نتحدث بعدها
تطير إيماءة من رأسها البرتقالي تقابلها الأم بإبتسامة سريعة ثم تهبط درج الطابق العلوي تاركة المجال خلفها لتلك الواقفة في الردهة وحيدة و التي سرعان ما تعرجت خطواتها نحو غرفة دينيز المظلمة التي لا ينيرها إلى نور الشمس الهارب من خلف الستائر بخطوات خجلة
رائحة عطره تغزو أجهزة تنفسها بمجرد دخولها الغرفة و تزداد تلك الرائحة المميزة تغلغلاً فيها حينما تميل لتضع هاتفها على طاولة متعلقاته الشخصية ذات المرآة
و للحظة من الزمن يختفي خجلها فتقترب أناملها الرقيقة كي تمسك بعبوة عطره السوداء ثم تخلع غطائها و تقربه من أنفها لتستشنقه بعمق أكبر مغمضة العينين قبل أن تغلقه و تعيده إلى سابق عهده مجدداً و بعدما تتجول عينيها بفضول في الغرفة و كأنها لم تغفو فيها من قبل...لغرفته طابع شديد التميز...ألوانها تمتزج برقي مريح للعين رغم ميوله الواضحة للألوان الداكنة ...مرتبة لحد كبير يكشف تفاصيل شخصيته كما بها صوراً لوالديه تحاوطه و هديتها على طاولة الفراش..حتى حبه للقراءة واضح في وجود مكتبة مُعلقة على الحائط...و بين كل هذا ينام هو بعمق على فراشه الوثير بأريحية واضحة على وجهه
و بشكل ما وجدت نفسها تُقاد إلى هناك حيثما ينام أميرها داخل عرينه..تُمسك بالغطاء المبعثر من كثرة حركته و تعيد فرده على جسده ثم تجلس على حافة الفراش بجواره واضعة كفها تحت ذقنها متابعة إياه بإبتسامة شغوفة
تتابعه و هو يحرك رأسه على الوسادة مرات دلت على شعوره بوجودها حتى مع إنتصار رغبته في النوم عليه في نهاية المطاف..تنزلق عيونها العسلية نحو كف ذراعه الجريح الراسي على صدره بينما ثنى ذراعه الآخرى تحت رأسه..و للمرة الثانية يتوارى توترها خلف ذلك القلب الصارخ داخل صدرها و تترك أناملها تمر ببطء على مفاصل أنامل يده بعيون بها مسحة من الألم
- متى سينتهي آثر هذا الجرح من ذراعك و ذاكرتي ؟
تفاجئها يده التي إلتفت حول أناملها كما إعتادا فتبتسم بلطف خاصةً و هي تشعر به قد ضغط على كفها أكثر و كأنه يتأكد من مدى حقيقية وجودها ثم يكمل نومته مرة أخرى و تعود هي مشاكستها مجدداً فتجمع شعرها الساقط على عينيها على الوراء ثم تميل بجذعها و تقترب بخفة من زواية فمه تقبله برفق ظناً منها أنه لايزال نائماً و لكنها تتفاجأ به يبادلها قُبلتها ثم يعود لإلقاء رأسه على الوسادة بكل براءة هامساً بنبرة ماكرة
- Günaydın..Sen burada miydin ?
" صباح الخير...هل كنتي هنا ؟ "
بالرغم من أنه لم يسألها عما فعلته منذ لحظات و لم يظهر شيء في عينيه يدفعها للتبرير إلا أن شعورها بالخجل الشديد من ضبطه لها جعلها تتعلثم في تبريرها لما قامت به بينما كانت أناملها الرقيقة تتشاجر مع خصلات شعرها محاولة ضبطها
- B..Ben şey..şey santım
" أ..أنا شيء...إعتقدتُ شيء "
سحب نفسه برفق في أعقاب حديثها لكي يستند بظهره إلى الفراش ثم حرك كلتا كفيه بلطف شديد ليبعد عن وجهها الممتقع بحمرة الخجل شعرها من الجهتين تحت صمتها التام والمطلق ثم مال جهة تلك الشامة الموجودة أسفل شفتيها متكلماً بفصاحة معاكسة لتعلثمها تماماً
- كنتِ تظنينني لن أشعر بك...أليس كذلك ؟
و قبل أن تجيبه شعرت بشفتيه تُقبل شامتها الموجودة بجانب شفتيها بعمق ثم أبتعد ببطء عنها مُلتقطاً هاتفه ليرى كم أصبحت الساعة قبل أن يقول مندهشاً من هذا الكسل الغريب الذي أصابه فجأة
- كم نمت...أنظري إلى الساعة!
و كأن كلماته هي الإذن المنتظر لعقلها كي يعود للعمل بوتيرته الطبيعية من جديد فتقفز فوراً من فوق الفراش و هي تقول بحرج في نفس الوقت الذي كانت تتمشى فيه قدميها نحو طاولته لإلتقاط هاتفها من فوق طاولة متعلقاته
- أكيد إنتهت والدتك من القهوة من زمن و تنتظرنا..أقسم أنني سأبرأ نفسي و أخبرها أنك أنت من أخرتني
لا ينطلق في الأفاق لحديثها رداً فتنشغل بفتح هاتفها المحمول...تجد إشارة لها في إحدى التغريدات على تويتر...فتفتحها معقودة الحاجبين خاصةً مع إكتشافها أن الناشر شخصاً لا تعرفه
تقرأ التغريدة مرات ولا تستوعبها...حالة من البرودة الشديدة تلم بجميع أعضاء جسدها...برودة تنغز قلبها و نبضاته تغير موقعها كل ثانية...غشاوة من الدموع البلورية تغطي عينيها مانعة عنها الرؤى و الصداع يضرب يضرب رأسها بجام قواه كقطار مجري فوق قضبان السير...شعور يتصاعد بالإختتاق يحاصرها...شعور جعل جميع أعصابها ترتخي...صوت ضربات قلبها و جملة " أدا ألتوناي نتاج علاقة غير شرعية " يصم الآذان فلا تسمع حرفاً من نداء دينيز المتكرر شيء...حالة من الإهانة تقتحم كرامتها و تفتتها مع نعت أمها بالنزوة..شعور بالغرابة يتوجه من داخلها...من صاحبة تلك النغريدة و بأي حق تتهمها إتهام مشين كهذا؟ لا تعرفها هي أكيدة أنها لا تعرفها...هي حتى لا تعرف شيء!
- أدا...
صوت دينيز الواقف خلفها أحدث صدى بعيد داخل صدرها جعلها ترتجف دهشة ولا تستدير...هي لازالت داخل شفة الجحيم تتلظى...لازالت متجمدة على وضعها لا تفعل شيئاً...لازالت أعصابها تتراخى حتى أسقطت الهاتف من يدها مرتطماً بالأرض محدثاً في صدرها الرجفة الثانية دون أن تبدي أي ردة فعل آخرى...تشعر بكل رجفة منهم ترميها من فوق قمة صعدتها بعد عناء...سقط مجدها المهني....حتى دينيز و والدته قد تخسرهم هما أيضاً
- حبيبتي ماذا حدث؟
يمسح دينيز على ظهرها مراراً بحنو بالغ فستدير بعيونها الباكية و وجهها شديد الشحوب كالموتى و شفتيها المرتجفتان تجاهه..ترفع أناملها المرتعشة مشيرة إلى الهاتف محاولة نطق ما قرأته ولا تستطيع...لا تقتنع أن هذه هي من يتكلمون عنها أساساً
- أنا...أنا إبنة
و قبل أن تعيد عليه ما سمعته أنقذها عقلها من هذا العناء عندما طوى وعيها جناحيه و هرب بعيداً لتسقط عندئذٍ فاقدة الوعي تماماً بين ذراعيه التي أحاطها بهم فوراً غافلة عن كل ما يلي تلك اللحظة من صرخات دينيز بإسمها
...............................................................
أنت تقرأ
Aşk Adası
Romantizmالمحبون هم أكثر الناس حماقةً في العالم و لكنهم فقط لا يرون الحماقة التي يقترفونها فهم يخطئون في حق أنفسهم حين يظنون بان هناك شيئاً في الحياة يحمل إسم الحب و في الواقع الحب ليس إلا كذبة اخترعها الشعراء لبيع كلماتهم البلهاء للمراهقين السُذَّج لكسب الم...