{رواية عشق وانتقام}
"اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد صلاةً تحل بها عقدتي،وتفرج بها كربتى،وتمحو بها خطيئتي،وتقضي بها حاجتي،اللهم فرج هم المهمومين،ونفس كرب المكروبين،وأشفى مرضانا ومرضى المسلمين،وارحم موتانا وموتى المسلمين"
🔥البارت السادس والأربعون🔥
ترجلت من السيارة بثبات، ارتدت نظارتها الشمسية وهى تُهندم حجابها على كتفها بهدوء، تحركت ناحية الشركة ليُزيح لها الحارس الباب الرئيسي في ترحابٍ شديد، ابتسمت له مثلما فعلت مع الباقين من الموظفين بذاك الجزء الصغير التابع لإمبراطورية الصياد الكُبري، تابعت السير للمصعد تستقلُه فى هدوءٍ وسعادة لرؤيته اليوم وهو يؤدي واجباته العمَلية، اخيراً استقرَ المصعد أمام الطابق الذي تقصدُه لتخرُج منه مُتجهةً ناحية مكتبهِ بلهفةٍ للقائهِ بعد أيامٍ مضت بعيداً عن عيناها وقلبها، توقفت أمام مكتب السكرتيرة الذي يسبق مكتبه بخطوات مُردفة فى بسمةٍ كبيرة:
-الباشمهندس موجود؟
رفعت الأخرى عيناها لها لتجدها هى بذاتها أمامها، فوقفت فى احترام مُسرعة:
-أهلاً أهلاً بحضرتك يا فندم، حضرتك نورتى الشركة النهاردة، اهلاً ب...
قاطعتها فى ابتسامة صافية:
-شكراً لترحيبك الكبير دا بس كفاية كدا..
أردفت الأخرى فى حبور:
-لا ازاى يا فندم، حضرتك اول مرة تشرفينا هنا ول..
قاطعتها ثانيةً فى إيجاز:
-خلاص والله، مش عايزة أشغِلك عن شُغلك قوليلي الباشمهندس موجود؟
أجابتها ببسمة صغيرة:
-ايوة موجود، ثواني هبلغهُ بوجود حضرتك!
قالت الأخرى نافيةً:
-لا، انا هدخلُه بنفسي، عايزة اعمله مفاجأة..
ابتسمت لها فى قبول وجلست مكانها مرة أخري، بينما تنفست الأخرى الصُعداء فى هدوء ومن ثم قامت بفتح باب المكتب دون ان تدق أولاً، دلفت فى تعجب شديد من عدم انتباههِ لمن دخلَ عليه، وجدته مُندمج فى حاسوبه الخاص بالقرب من النافذة ويولي ظهره للباب ويتحدث بالهاتف، انكمشت ملامحها سريعاً فور سماعها حديثه المعسول مع اخري:
"حبيبتي، المهم انتى كويسه...والله غيابك فارق معايا قوى...بحس وانتى مش هنا ان فى حاجه كبيرة نقصاني...انا عارف الظرف صعب بس انتى قدها ياروحي...بُعدك مش هاين والله بس الظروف...طب حاولتى تغيرى اللى بيحصل...انا شايف ان كفاية كده بقى وارجعي...مكانك فاضي وده مضايقنى قوى..وحشتيني قوى"
هُنا فاض الكيل منها، وضعت حقيبتها ونظارتها التي انكسرت من شدة ضغطها عليها بهذا الغضب الذي ملأ قلبها قبل عينيها، لتقترب منه على غفوةٍ مُمسكة بالهاتف من على أذنيهِ بشدة اهتز جسده لأجلها، ورفعتهُ على أذنيها فى غضب من تلك المقصودة بحديثه قائلةً فى نبرة حادة:
-انتي مين يا مُهز..
لتصمُت فجأةً فور سماعِ صوتها تقول:
"والله وانت كمان وحشتني يا"أدم"".
هي تعلم هذا الصوت جيداً، فالتفتت إليه فى خجل ثم مدت يدها إليه بالهاتف فى هدوء ليلتقطه منها وتذهب هى لتأخذ أغراضها المعدودة وتتجه للخارج فى احراجٍ كبير حاوطها، لكنه لم يعطيها تلك الفرصة فقد اشتاقت عيناهُ لرؤيتها فأسرع يُمسك يدها جاذباً إياها مرة اخرى، ورفع هاتفه يردد فى إيجاز:
-طيب هكلمِك بعدين يا"مليكة" مشغول دلوقتى..مع السلامة...
اغلق الهاتف ووضعه بجيب بنطاله فى هدوء، ترك يدها وتحرك هو ليقفُ أمامها مباشرةً ينظر لعينيها لكن لم يجدها بسبب تلك الغمامة التى أخفت جمال لونها الذى يعشقه، أسرع يزيل تلك الدُّرَرْ فى حنان وهو يردد:
-ايه اللى حصل عشان اللؤلؤ ده يبان في عيونك؟
لم تُجيب بل اكتفت بالإفراج عن تلك اللألِأ للنزول على خديها المتوردتَين خجلاً مما فعلت، بينما هو أخذ بيدها ناحية المقعد ليجلسوا سوياً فى هدوء، سحبت يدها من بين بيديهِ وهى تُردد فى خفوت:
-أنا آسفة..
اجاب باستنكار:
-اسفة على ايه بس؟.
استكملت بنفس نبرتها وهي تُزيح دمعاتها:
-عشان اول حاجه دخولي من غير إذن، وعشان تاني حاجه اني موثَقتش فيك وفكرتك بتحب واحده غيري، وعشان تالت حاجه اللى انا عملته وبسببه كنت هقول كلام مش حلو لأختك فى الموبايل، بجد انا اسفة...
ابتسم على اعترافها اللطيف بما فعلت وكأنها أجرمت، امسك بيدها ثانيةً يقول فى صوتٍ رقيق:
-حبيبتي، اولاً انا ما اتعودتش منك على الاعتذار دا دايماً بتعملى اللى انتى عايزاه ومش بتعتذري وانا عايزك كده علطول..
قاطعته باندفاع:
-لا اما اكون غلطانة لازم اعتذر..
وضع يده على شفتيها لتصُمت مُستكملاً حديثه:
-سيبيني اكمل كلامي للاخر، ثانياً دموعك دى انا مش بحب اشوفها وبتمنى منك متعمليش كده تانى طول ما انا معاكى مش عايز اللؤلؤ دا ينزل من عينيكِ تانى مهما حصل، ثالثاً بقى ياستى كنت بكلم"مليكة" على حالة"تُقي" واخبارهم أي هناك، صحيح هي مع اخوكى بس برضه هى اختي مهما حصل..
ابتسمت بلطف قائلة:
-ماشي يا حبيبي، طيب هما اخبارهم ايه يعنى "تُقي" عامله ايه دلوقتى، تقريباً بقالهُم هناك كدا اكتر من عشرين يوم..
قال الآخر بحزن:
-والله هما تأخروا فعلاً، بس"مليكة" بتقول انها لسه مصدومة مش بتاكل غير بالعافية وحاجات بسيطة عشان العلاج وبس، وهى فشلت فى كل الطرق للضغط عليها هى و"فهد و مالِك" انا عارف ان الصدمة كبيرة عليها وأنها تتخطاها هيكون صعب قوى بس بجد ربنا يكون فى عونها..
نظرت للأرضِ بحزن لتذكرها ذاك اليوم القاسي عليها:
-طبعاً دا أصعب شيء فى الدنيا لما بتفقِد شخص غالي عليك وخصوصاً لو كانت مكانته أساسية فى حياتك، انا لما بابا مات وسمعت الخبر بنفسي من الدكتور وقبل ما اعرف بوجود أخ ليا؛ حسيت ان خلاص مبقاش ليا سند فى الدنيا وبقيت وحيدة وخلاص هكون مطمع لأي حد وكان أولهم عمي، لكن ربنا دايماً بيعوض ويجبر بخاطر المكسور والمجروح وعوضني بأخ سند وضهر بجد..ثم نظرت فى عينيهِ بنظراتٍ ذات معنى:وعوضني بأجمل رفيق للعمر أفضل احمد ربنا عليه فى كل لحظة في عمري..
رفع كفها مقبلاً إياهُ من الداخل بحنان، ثم أردف بهدوء:
-دا انا اللى احمد ربنا إنه بعتلي اجمل بنوتة فى الكون كله تنور حياتي بغمازاتها دي..
ابتسمت بخجل رافعهً يدها الاخرى لتُعدل من حجابها الذي لطالما جعلته ملجأً لها من سِهام عيناه وحديثه المُرققْ، قامت من مكانها مُتجهة نحو مكتبه تقول فى اهتمام:
:قولي ايه اخبار الشغل معاك واخويا مش هنا!.
أراح ذاعيهِ بجانبه على المقعد وهو يتابعها بنظراته التي هربت منها بسؤالها ذاك، ثم حك ذقنه الثقيلة بعض الشيء قائلًا بمشاكسة:
-بعيداً عن انك عطلتيني عن شغلي اللي اخوكى سيبهولي، وبعيداً برضه عن انك بتحاولي تغيري الكلام والقعدة بتاعتنا وهربتِ منها بسؤالك دا عالعادة يعنى؛ بس دا ميمنعش انى ممكن أبدي إعجابي الشديد بجمالك دا النهاردة..
حولت نظراتها إليهِ فى احراجٍ كبير مما وُضعت فيه ولكن أفاقت على صوته:
- انتى عارفه انك وحشتيني قوى يا"عبير"!
شبكت أصابعها ببعضٍ فى توترٍ ازداد عندما تحرك تجاهها فى خطوات هادئة بطيئة، ولكن استوقفه شيءٌ ما قائلاً:
-أي اللى كسر دي كدا؟.
نظرت ناحية ما يقصده فوجدت نظارتها التي كسرت جزءً منها بيدها وقالت بتردد:
-ا م ان مهو مهو انا كسرتها غصب عني!
جذبها بيده يحاول تركيب ذاك الجزء المنفصل عنها ولكن دون جدوى، فنظر لها بنبرة ضاحكة:
-للدرجادى اتعصبتي لما دخلتي وسمعتيني!
أومأت برأسها بالإيجاب ليكمل بنفس نبرته:
-طبعاً، عارفه المشكله بينا هتكون بسبب الرياضة اللى بتلعبيها دى هو اه انا معنديش مانع بس بجد هتكون دى مشكلتنا الوحيدة فى حياتنا اللى جاية وبكره افكرك!
ضحكت تلقائيًا على طريقة حديثه الاخيرة بصوتها العذب، فأسرع جاذباً إياها ناحيةُ بقوةٍ آلمتها قليلاً ثم ضغط على يديها ليتحكم فى ثباتها أمامه، ثم اقترب من أذنها يردد فى خفوت:
-وحشتني ضحكتك اللى بتقتلني دى..
تسارعت انفاسها فى سباق مع دقات قلبها الذى ظهر ضعفه الشديد فى هذا الموقف، اغمضت عيناها فى خوف مما سيحدث، انفاسه حاوطت وجهها الصغير الذى ربما دُفِنَ داخل حجابها الرقيق، تستمع لضربات قلبه المتسارعة بأعذُوبة جميلة، حاولت التخلص من قبضته ولكن فشلت كل محاولاتها فلم تجد غير تلك الوسيلة الوحيدة لإبعاده وهى البكاء فأخذت تبكي بشدة حتى استرشد الآخر نفسه ناظراً لها بصدمة على تحولَها قائلاً:
-اي اللي حصل، والله ما عملت حاجه!
ابتعدت عنه بسرعه وهى تُزيل دمعاتها مُرددة:
-انا غلطت لما جيت لوحدى، انا همشى ومش هتشُوف وشي تاني..
أسرع يقف أمامها قائلاً بدهشة:
-استني بس، ايه اللى حصل، طب انا اسف بس انتي وحشتيني بجد، ط طب طب بصى خليكى وانا مش هعمل حاجه تاني والله خلاص انا اسف..
رفعت عينها له قائلةً ببلاهه:
-انا قررت انى همشى يعنى همشى ومش بعيد كلامي مرتين ومش هتأثَر عليا برضه!.
نظر لها بغموض ثم تنحى جانباً يفسح لها الطريق للخروج بكل هدوءٍ، فقالت الاخرى بثبات مُزيف:
-ايوه كدا الاحترام حلو برضه..بعد اذنك يا بشمهندس..
وتحركت للخروج وقبل أن تفتح الباب التفتت اليه مرة اخرى مُرددة:
-اه على فكرة، انت كمان وحشتني قوي..
وخرجت من مكتبه بل وتابعت الخروج حتى غادرت الشركة بأكملها، بينما صمدَ للحظات بمكانه بعد اختفائها من أمامه ومن ثم انفجر ضاحكاً عليها ثم تحولت ضحكاته لأبتسامة عاشقة زينت وجهه الرجولي بل وأزهَرت قلبه المليء بعشق تلك القوية الضعيفة و الجميلة العنيدة ثم عاد لمكتبه مرة اخري لمتابعة عمله فى اهتمام وقلبه يُرفرف فرحاً من زيارتها تلك التي جعلت النشاط يحاوطهُ بشدة!...
*************************************
أيامٌ ثِقال مروا عليها ليس بمرورِ الكِرامِ أبداً، عيناها اختفي زَهوُهَا من كثرة البكاء، لولا أنها لم تتعافي جيداً لكانت منعت كل شيءٍ يمُدَّها بالطاقة للعيشِ فقط ليس لشيءٍ أخر، كثيراً ما حاولَ زوجها ورفيقتها فى تغيير حالُها ولكن كل المُحاولاتِ باءت بالفشل، ولكن اليوم بالنسبةِ لها كان مُختلفاً بعض الشيء لتذكرها ذكري ميلادها الأول بعد فقدانهم وأنها ستَعيشُه وحيدةً بدونهما، لكن ليس ذلك من الصعب على تلك الاخري التي جهزت كل شيءٍ يخص ذلك اليوم!.
جلست على المقعد بإرهاقٍ قائلة:
-خلاص يا"فهد" انا جبت اخري كدا!.
أجابها وهو يضع تلك الصينية من يده على الطاولة:
-معلش ياحبيبتي، انا عارف ان المجهود عليكي لوحدك بس لازم نكمل للاخر دى اخر فرصة عشان نخرج"تُقي" من اللي هي فيه دا..
أردفت بتأكيد:
-صح عندك حق، بس انا حاسة يعني أن الوقت بيعدي بسرعة قوى، احنا بقالنا هنا زى شهرين واكتر كمان وهى على نفس الحال، مش بتحاول حتى محاولة واحدة معانا!.
اجابها"مالِك" وهو يُقدِمُ عليهم بتذمر:
-معاكى حق فعلاً، انا مش عايز أقول زهقت بس انا فعلاً زهقت، حتى مش بتسمح لي أشاركها حزنها أو أقرب منها حتي أواسيها هو مش انا جوزها ياجماعه ولا ايه؟.
نظروا لبعضهم فى تعجب ثم ضحكوا عليه الاثنان ليردف هو بضيق:
-ايه بتضحكوا على ايه، على فكرة يا"فهد"انا عارف انك زيي بالظبط بس برضه الظروف اللي منعاك، انا مش زعلان بس لا دا انا مقهور وانا شايفها كده ومش عارف اتصرف!.
كادت"مليكة" بالتحدث لتُجيبه ولكن أخذت الأخرى تلك الفرصة منها بقولها وهي تقفُ على مَقربةٍ منهم:
-وانا جاهزة لمحاولاتك يا"مالِك"!..
ونظرت بعيناها من حولها لتري الزينة والطاولة المليئة بالطعام الشهي والحلوي تزينها، ابتسمت فى هدوء قائلة:
-كل دا عشاني؟!.
أسرعت رفيقتها ناحيتها بسعادة بالغة لرؤية تلك الابتسامة تزورها من جديد بعد غيابٍ طال عليها، أخذتها"مليكة" فى أحضانها وهى تردد:
-اخييييراً رجعتيلي..
عانقتها الاخرى فى حبور وهى تحاول منع دموعها من السقوط قائلة:
-بحاول زيكم عشان متزهقوش منى!.
تركتها الأخرى وهى تزُم شفتيها فى حرجٍ فقد سمعت حديثهم من الاول وقالت فى هدوء:
-انا عارفة ان الصدمة كانت كبيرة، بس برضه انا عارفه ان صاحبتي قدها وهتقدر تخرج منها قوية عشانا احنا او عشان حاجات كتير قوي يا"تُقي" وأولهم طبعاً"مالِك"..
نظرت ناحيته لتجدُه ينظر لها بهيامٍ شديد، تحركت ناحيته ووقفت أمامه تردد فى حرج:
-انا آسفه على تعبك معايا!.
اسرع يمسك يدها يجذبها لأحضانهِ باشتياقٍ فاق الحدود فقد اشتاق لسماع صوتها منذ فترة، دقاق وسكنت بين أضلُعهِ فى هدوء ثم بادلته العناق وهي تسترسل الدموع ربما تكون دموعها الاخيرة لتبدأ من جديد!..
اقترب الفهد من معشوقتهِ فى هدوء بعدما رأي دموعها تنهمرُ غلى وجنتيها دون وعي منها، ثم جذبها للخارج فى البلكون وتركوهم وحدهم، مدَّ يده يزيل دمعاتها الغالية قائلاً:
-مش بحب أشوفك بتبكي أبداً!
رددت فى تنهيدة كبيرة:
-انا مش مصدقة انها خرجت من الاوضه وانها اتكلمت معانا..
أجابها ببسمة صغيرة:
-محاولتها دى كويسه جدا، المفروض تكوني فرحانة مش بتبكي!
قالت بحب:
-مهى دى دموع الفرحة انى شايفاها كده قدامي..
ردد فى تعجب:
-دايماً أسمع الجملة دى بس دلوقتى بس فهمتها، هو ا انا مم ممكن يعنى اطلب منك طلب؟.
قاطعته مُغيرة لحديثهُ الذي فهمته على الفورِ قائله:
-ا احنا ا لا لازم نكلم ماما دلوقتى نفرحها باللى حصل دا!..
نظر لها نظرة جعلتها ترتبك أكثر، ثم عفا عنها عندما اخرج هاتفه ليطلب والدتها يحدثها كما قالت:
-الو ازيك يا طنط..
-ايوه ياحبيبي كنت لسه هكلمكُم دلوقتي، طمني اي الأخبار؟
-الحمدلله، كل شيء تمام دلوقتي.
-صحيح يا ابنى عيد ميلاد"تُقي" النهاردة حاولوا تعملوا اى حاجه معاها النهارده ولا هى لسه قافله على نفسها برضه؟
-لا اخباري سعيدة النهاردة احنا.......
-الحمدلله الحمدلله، والله فرحتني بالاخبار دي يا"فهد".
-البركة فى الانسة"مليكة" ومجهوداتها العظيمة..
-ههه كلكم اجتهدوا ياحبيبي، هى فين اديهالي اكلمها.
نظرت له بغيظٍ كبير ثم أخذت منه الهاتف مرددة:
-ماما وحشتيني قوووي.
-وانتي كمان يا حبيبتي، عامله ايه عندك والوضع اخباره اي؟
-اممم يعني ماشي الحال، صحيح بحس بوحدة كتير من غيرك بس وجود"تُقي" بيطمني برضه.
-عيب عليكى جوزك واقف جنبك وتلاقيه سمعك.
-لا متشغليش بالك، اخيراً النهاردة بس بقيت مبسوطه من يوم ما جيت هنا واخيراً اختي خرجت من اللى هى فيه إلى حدٍ ما يعنى..
-الحمدلله يا بنتى، الأيام اللى بتعدى مليانة حزن بتاخد من القلب حتت معاها وهى ياحبيبتي مش ناقصة الله يكون فى عونها، اديهالي اكلمها..
-اممم لا ا قصدى يعنى بلاش دلوقتى يا ماما انا هكلمك لما انا وهى نكون مع بعض مش دلوقتي..
-فى حاجه ولا إيه يا"مليكة"؟
-لا لا ياحبيبتي مفيش بس ا اصل يعنى هى وجوزها قاعدين مع بعض دلوقتى ومش عايزه أرخم عليهم يعنى!
أردف الآخر مُعلقاً وهو يلتقطُ منها الهاتف بسخرية:
-اه بس ترخم عليا انا عادى يا طنط مفيش مشكلة عندها!.
-هههه لا يا حبيبي كله الا انت طبعاً، بس معلش استحملها الشوية اللى فاضلين دول مش كتير..
-اه طبعاً هستحمل، بس بعدين هاخد حقي بطريقتي انا بقى..
-طيب يا حبايبي انا هسيبكم دلوقتى وهستنى تكلمونى تانى، وقول لمراتك انها وحشتني..يلا مع السلامة...
أغلق معها الهاتف وهو يهتف بابتسامة:
-والدتك دى ست زى السكر..
-طبعاً زي السكر وانا طلعالهَا طبعاً..
قالتها بتفاخر شديد تعجب منه كثيراً قائلاً:
-عشان انا للاسف حبيتك!.
زمت شفتيها فى عبوس شديد:
-للاسف!!
أنقذ نفسه مُردداً:
-ا قصدى يعنى انى حبيتك وبقيتي كل حياتي يا حياتي..
ابتسمت فى خبثٍ قائلة:
-اممم كنت عايز تطلب منى طلب صح؟
قال الآخر بحماسٍ شديد ونظرات عينيهِ تغيرت فجأة:
-ا ايوه يعني كنت عايز اعمل زي...
قاطعته وكأنها تذكرت شيئاً ما قائلة:
-اوبسسس دا انا نسيت الكيكة فى الفرن هلحقهَا بسرعه...
-اا م است اي دا اي دا بجد، ماشي يا"مليكة" كلها أيام بس وهرُدلِك دا كله أضعاف، شهرين مع بعض هنا تعبتي قلبي!..
هتف بتلك الكلمات وهو ينظر على ظلُها الذى اختفي تماماً من أمامه، ثم عدَّل َ هيئتُه بهدوء رجع إليه ودلف للداخل ليستكملوا ما بدؤه من ترتيبات لإحتفالٍ صغير بعيد ميلادها الأول بعد رحيل والداها فكيف سيمضي عليها هذا اليوم!؟..
**********************
"انا كنت فاكرة اننا هنعيش سُعداء بعد قرار ماما"فاطمة" بجوازنا كلنا، بس من اليوم دا وكل الحاجات الوحشة بتحصل معانا، ليه بيحصل كدا؟"
أرسلت"ملك" تلك الرسالة فى حوارها مع معشوقها على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي"الماسنجر" لتأتيها اجابتهُ بعد لحظات:
"على قدر البلاء تأتي القوة والصبر، دايماً أسمع الجملة ودايماً بحطها قانون فى أي وحشة بتحصل معايا من وانا صغير وقبل ما اجي مصر، اكيد ربنا مش بيعمل حاجه وحشه يا حبيبتي"
أكدَ"سعد" على حرصه لإرساله تلك الكلمات إليها ليبُثَ بعض الطمأنينة لقلبها حتي يحين اللقاء الخاص بينهم ويعُوضها عن تلك الاحداث الحزينة التى مرت عليهم:
"عارف، انا دايماً ببقى خايفه من حياتنا الجاية مع بعض"
"ليه كدا؟"
"عشان يعنى انت وحيد وممكن دا يأثر عليك لما تتجوز!"
"هو دا كلام تقُوليه يا"ملك""
"مش عارفه بقى انا بقول اي كلام وخلاص معرفش"
"لا ابداً حبيبتي دايماً كلامها معقول بس مش عايزك تفكري كدا تاني"
"انا من غير"مليكة و تُقي" بكون مش عايشه بكون جسد من غير روح"
"بس انا معاكي علطول"
"انا عارفه دا طبعاً بس وجودهم بيطمني اكتر، متزعلش مني"
أدرك أنها تتحدث بدون وعيٍ منها فوجودها بدونهم حتماً سيجعلها تردف بما لا يُعقل من الأحاديث كما وضحت له رفيقتها قبل سفرها:
"وهزعل ليه؟."
"يعنى ممكن تزعل عشان مش معترفة بوجودك معايا!"
"انتى طول ما انتى جنبى مش هزعل ابداً"
"إنت بتحبني يا"سعد؟"
"هو دا سؤال ولا استفسار؟"
"لا سؤال طبعاً!"
"طيب هجاوبك،.."
أخذ الكثير من الوقت ليُجيبها على سؤالها هذا فأرسلت:
"كل دي اجابه!؟؟؟"
ليُرسلَ إليها من الكلمات ما جعلها تتيقنْ أن كلمة حب لم تعُد ف قاموسه ابداً:
"لو هقول بحبك يبقى انا كداب، انا دلوقتى بحس انك حتة مني، مجرد ما بشوفك بحس انى ابداً مكنتش وحيد، انا بيكى حياتي بقت مليانة سعادة، بوجودك معايا فى اى مكان بحس بامان، وقت ما أكون بسمع صوتك بحمد ربنا الف مرة على عوضُه ليا بعد سنين الغربة والوحدة دى كلها، انا مش بس بحبك يا"ملك" انا بعشق تفاصيلك كلها، بحس اني مالك الدنيا بإيدي وانتى معايا، كفاية كلمة بحبك منك عليا بتسعدنِي عمر كله"
"......."
"اي الاجابه معجبتكيش ولا اي؟"
"شكراً إنك في حياتي بجد🥺"
"اااه انا اللى بشكرك انك نورتي دُنيتي كلها بوجودك فيها♥️"
"اممم بتعمل اي؟"
"لسه واصل القصر كنت فى الشركة وخلصت وجيت، طبعاً مفيش حد معايا غير"أدهم واياد" ودول اهبل من بعض الاتنين"
"ههههه ليه كدا بس المفروض انهم بيساعدوك!"
"عارف طبعاً بس"اياد" لسه صغير وطول مهو قاعد عمال يكلم خطيبته فى التليفون وبيذاكر معاها ومفيش شغل، وطبعاً"أدهم" بيحاول يغطي مكانه بس اصلاً مش قادر ينجز شغله هو الاول وانا زهقت منهم"
"اممم معلش يا حبيبي، انت قدها طبعاً"
"طبعاً بوجودك يا حبيبتي"
"اممم طيب روح بقا انت اتعشي ونتكلم شويه بالليل قبل ما تنام"
"ماشي ياقلبي، خلي بالك من نفسك لحد ما اكلمك، هتوحشيني"
"حاضر يا حبيبي، وانت كمان..سلام"
أغلقت المُحادثة معه لترى تلك الاشارة الخضراء تُزين صورة صديقتها فتدخل فوراً لتتصل بهما فقد اشتاق الرفاق لبعضهم البعض وتحتفل معهم كما أخبرتها"مليكة" بعيد ميلاد رفيقتهم الثالثة وكأنها معهم بنفس المكان!..
******************************
يومٌ جديد على الجميع، الكل فى الانتظار، الجميع في لهفة مُشتاقة، الجميع فى سعادة شديدة لرجوعهم بعد غيابٍ طال ثلاثة أشهُرٍ، يتواجد الجميع في قصر الصياد على أهُبةِ الاستقبال لهم باشتياق، يمُر الوقت كالسلحفاة ببطءٍ عليهم، حتى حان وقتُ اللقاء...
وصلت السيارات للقصر و دلفوا للداخل، ليهبِطوا منها معاً مُتجهين للداخل، تمسكت بيد رفيقتها وهي تحاول اظهار القوة والابتسامة لعودتها لبلدها ولكن بعد أن أصبحت وحيدة، حاولت"مليكة" تهدئتها ببعض الكلمات الحانية بخفوت وهي تُربتُ على يدها برفق ويمسك زوجها يدها الأخرى بحنان لخطواتها البطيئة بعض الشيء، اقتربوا من باب القصر فذهبت"فاطمة" مُسرعة قُبالتها تحتضنُها بشدة قبل أن تصل للداخل لتبكي الاخرى بحضنها بُكاءاً بكي الجميع على أثرة، بعدها تم الترحيب بهم
و دلفوا داخل القصر....
تحدثت والدة"مالِك" بهدوء:
-انا شايفه ان إننا نعجل بالفرح ياجماعة بقا..
اجابتها والدة"ياسين" بتأكيد:
- ايوة انا كمان بقول كده، يعنى بما إن امتحانات العرايس قربت نعجل بالفرح علطول بعد الامتحانات، واهو برضه عشان"تُقي" متبقاش لوحدها وتروح بيت جوزها يعنى..
قالت"فاطمة" قاصدة حديثها لتتلقي ردة الفعل بتردد:
-انا شايفة اننا نستنى شويه، وبرضه "تُقي" هى اللى تقرر امته نعمل الفرح وقت ما تكون هى جاهزه!.
تحولت النظرات إليها، منهم المؤيد لهذا الرأي ومنهم من يعترض، الجميع ينتظرُ رأيها الأخير الآن هو الأهم، فاراحت الجميع بكلماتها المُوجزة:
-وانا موافقة ياماما نعمل الفرح بعد الامتحانات على طول...
ضغطت رفيقتها على يدها المُرتعشة وهى تُسرد تلك الكلمات وكأنما قالتها رُغماً عنها، فنظرت لها بابتسامة ضعيفة ظاهرةً لها، قامت"فاطمة" من مكانها ناحيتها ثم جلست جانبها بعدما تنحت"مليكة" مكانها لتجلس ثم أخذت يدها بين كفيها تُربت عليهم بحنانٍ اعتادت عليه معهم، وقالت لها بهدوء:
-لو انتى مش عايزة دا يحصل مش هيحصل ابداً يا"تُقي"!
-لا ياماما انا بجد عايزه دا يحصل، يعنى ا كفاية تأخير على الفاضي وهما شهرين فاضلين على الامتحانات ونخلص ونعمل الفرح على طول..
ابتسمت لها مُرددة:
-انا مبسوطة منك اوى عشان مسمحتيش للحزن يفوز عليكى، صحيح معاكى حق فى دا بس انتى لسه صغيرة يا حبيبتي والفرحة كلها قدامك لسه ما اخدتيش من الدنيا كتير..
-وانا هكون مبسوطه اكتر وانا مع"مالِك" وعيلتُه وكمان لما كل اخواتى وحبايبي دول يفرحوا،اا عشان يعنى زي ما بيقولوا الحي أبقي من الميت...
قالت تلك الكلمات وهى ترتمي فى احضانها مُردفة أخر كلماتها بدموعٍ حارة، اقترب منهم زوجها فى حزن على حالها وجلس بجانبهم ثم امسك بيدها برفق فخرجت من أحضان"فاطمة" بهدوء، رفع يداه يزيل دمعاتها قائلاً فى حب:
-انا بتمنى اقدر اعوضك واكون ليكي كل حاجه وربنا يقدرنى..
ابتسمت له فى هدوء مُشيرة ناحية"عبير"قائلة بتساؤل:
-هو اا مفيش اكل عندكم ولا أيه يا بيرو؟..
اجابتها مُسرعة وهي تهُب ناحية المطبخ بسعادة:
-حالاً حالاً يلا يا دادة....
***
استوووووووووووب🤚🤚🤚
نكمل الحلقة القادمة😝😝😝
انتظروووووني فى اخر احداث رواية#عشق وإنتقام♥️🔥
بقلمي/عبير سعيد♥️الملاك الصغير♥️
بيرووووووووووووووووووووو🔥♥️
أنت تقرأ
رواية عِشْقْ وانْتِقَامْ ♥️بقلمى/عبير سعيد✍️👑
Mystère / Thrillerنبذه مختصره💕💕 لكل واحد فينا حكاية فى حياته💝 هكذا تحتوى هذه الرواية حكايات كتيره مع ابطالنا وغيرهم من الشخصيات 💖كل واحد فيهم عايش حياة مختلفه عن التانى ولكن هيجمعهم رابط قوى وهو الصداقه💕 وطبعاً ما بتخلاش الحياة بينهم من العند والمشاكسة والتحديات...