أول من استقبله حين نزل كان جده الذي قبّل جبهته، ناظرا له بحنية وبلا تصديق. يبدو أن أنيليو بذاته غير مصدق أن حفيده ماثل أمامه.
صافح الوزراء، وأبناء العائلات الكبرى، وفي كل مرة كانوا لا يكفون عن ذكر شبهه الشديد بأبيه.
كان أنسيل يبادل التحية والابتسام بدوره، في حين كان الوزراء الأربع الكبار يحدقون إليه بلا تصديق
"من أين نزل علينا هذا؟"
" لقد قاموا بخداعنا كل تلك السنوات، أقاموا بتخبئته؟"
"لقد كان أمامنا طيلة الوقت"
ثم توقفوا عن الكلام وتجمدوا في مكانهم بأنظار مفزوعة حين حدق إليهم أنسيل، وأشاح ببصره عنهم حين لمحوه للذي أمامه
قال أحدهم جافلا "ما كانت تلك النظرة؟ أحسست وكأنني اخترقت"
"هل يعقل أنه يعلم شيئا؟"
"لقد أتى لتوه، أمامه الكثير"
صمتوا جميعا حين اقترب أنسيل منهم مبتسما "سررت بلقاء الوزراء الأربعة الكبار، الجميع يدعوكم بأعمدة المملكة الأربع"
"هذا لا شيء يذكر جلالتك، فعلنا الواجب"
فابتسم أنسيل وقال "وعلى عملكم الدؤوب ذلك لدي هدية لكم"
أطفئت الأضواء، وركز ضوء وحيد على أنسيل الواقف على المنصة لتتجه جميع الأنظار ناحيته.
توتر خفيف بدأ يصيبه، إنها كلمته الأولى أمام جمع من كبار وسادة المملكة، تذكر نصيحة أخبره بها إنخاها حين كان خائفا ذات مرة من خطاب سيلقيه في الصف.
"أعرفك جيدا، إنك دائما ما تختار شخصا معينا وتوجه حديثك له، لكن ذلك لن ينفع إذا اخترت أن تكون الحاكم. في كلمتك الأولى قف واقفا وأظهر الثقة، وزع نظرك على الجميع.
لا تكترث لما يعتقدونه عنك، والحديث على أية حال دون الإكتراث لما يرضيهم، تحدث بعفوية ولا ترتبك، طالما ما تقوله ليس خطأ، طالما هو الحق، انطق به وإن لم يعجبهم."
"ولا تنسى الإبتسام"
ابتسم أنسيل، وقال واقفا باستقامة "أنا أنسيل أليخيو أنيليو، سررت بالتعرف عليكم جميعا اليوم.
طيلة ثلاثين عاما الماضية من حياتي تم إعدادي لليوم الذي سأكون فيه الحاكم للمملكة.
على الرغم من إعطائي الخيار كما قيل لي من قبل والدي، وأن بإمكاني أن أرفض، إلا أنني اخترت أن أكون الحاكم القادم لمملكة أستينيا الكبرى.
لقد أعطاني جدي من الآن الصلاحيات، بما أنه قرر التنحي عن منصبه بعد عام من الآن؛ بسبب مرضه الذي تفاقم، وكشخص تم اعطاؤه الصلاحيات من الآن، فقد قررت تنحية الوزراء الأربع الكبار من مناصبهم، وأن أعيد جميع الكواكب التي كانت تحت تصرفهم إلى سلطة الحاكم"
ما قاله في الأخير جعل الهمس يكثر من هنا وهناك، حدق الوزراء إلى بعضهم "نعلم يستطيع إرجاع الكواكب لسلطته، لكن يريد تنحيتنا؟"
"لا يستطيع إن رفضنا"
قاطع همسهم صوت أنسيل قائلا "لكن قبلها، هناك هدية أريد عرضها على وزرائنا الأعزاء"
وأطفئ الضوء الوحيد لتبدأ بعدها شاشة في منتصف القاعة بالتشغيل، وتعرض الوزراء الأربع في المزاد الذي أقيم قبل شهر، وأظهر أيضا شجارهم واعترافهم بالجرائم التي فعلوها.
وحين انتهى التسجيل، كان الجميع يحدق بلا تصديق إليهم، مطلقين الهمسات والنظرات، ثم ظهر جنود من وسط الحشود، وأمسكوا بهم وكبلوا أيديهم، ومثلوهم أمام أنسيل الذي قال مقتربا منهم بصوت جهوري
"اختلاس أموال من الدولة، دعم المنظمات الإجرامية، اختلاس أموال المشاريع التطويرية وأموال الجمعيات الخيرية، الحبس ظلما لأكثر من مليار شخص، إخفاء كوكب بأكمله، وإنشاء لعبة الموت آكسيري هابراما، إقامة تجارب لا أخلاقية ومميتة على السكان، وأخيرا إشعال ثورة أستي قبل ثلاثين عاما وتمويلها مما أسفر عن الملايين من الضحايا"
"هل لديك دليل على كل ذلك؟ هناك تهم لا توجد في التسجيل"
"لقد اعترف لافريج حين أريته التسجيل"
"لقد زيفته، استعملتُ كاشف الأجهزة ولم أجد شيئا"
"يبدو أنه لا يستطيع كشف كاميرا من صنع البشر، اعتدت استخدام واحدة؛ لأسجل الغروب وأنا على متن قاربي، لذلك هي لا تفارق حقيبتي"
أردف قائلا "وبسبب كل هذه الجرائم الشنيعة في حق المملكة، أحكم عليكم بالنفي إلى هولان لمدة خمسة أعوام، ثم الإعدام بعدها"
صمت وهو يسمع حوله تعجبات الحاضرين ودهشتهم
"هولان؟!"
"أليس كوكب الرعب الذي بأكمله سجن؟!"
"سمعت أن الغبار والدخان يغطي غلافه؛ لذلك لا تصله الشمس"
"لن يروا شمسا"
"لن يستطيعوا الصمود ليوم واحد هناك"
"إنه حكم يستحقونه"
بدا الارتجاف واضحا على معالم وجوههم والخوف والهلع، حين سمعوا ما قاله الحاضرون.
"خذوهم"
فقال أحد الوزراء "لم لا تقتلنا فحسب؟"
فابتسم أنسيل وقال "أريدكم أن تفكروا طيلة الخمس سنوات القادمة في جرائمكم، ولقد اخترت كوكبا مظلما؛ لأنني لا أريد أن تروا شيئا أمامكم غير جرائمكم"
حدقوا إليه بلا تصديق وقال أحدهم "أنت وحش"
"قلتها سابقا للافريج الذي سيكون معكم، أنا الوحش الذي أخرجتموه حين قتلتم ذلك الطائر الطيب"
وبحزم أمر "الآن خذوهم من أمامي"
كان أنيليو بجانب ساندير ينظران إلى أنسيل، فقال أنيليو "إنه صارم وذو دهاء، لم أتوقع أن يحكم عليهم بهكذا حكم''
فأجابه ساندير "قد يمتلك مظهر والده، لكن لديه شخصيتك"
"الآن بإمكاني أن أرتاح"
أنت تقرأ
آكسيري هابراما - لعبة الموت (مكتملة)
Science Fictionماذا ستفعل إذا وجدت نفسك داخل لعبة موت صممها الرجل الذي دائما ما كنت تناديه بأبي؟ التحديث: القصة مكتملة.