٢١. ماضي ليكسس وأنيليو

166 26 4
                                    

قبل خمسة وعشرين عاما

طرق رجل قوي البنية، أصلع الرأس، أسمر البشرة، ذو وجه حاد الملامح رغم كبر سنه، ولحية بيضاء خفيفة، ويرتدي قميصا طويل الأكمام يصل إلى ركبته، وتحته بنطال سكري اللون كالقميص باب الحاكم أنيليو، وقال حين رآه يحدّق في حنين إلى صورة ابنه الميت

"أما زلت على عهدك يا أنيليو؟ لقد قُدّرَ موت أليخيو منذ خمسة أعوام حين سمم، ولم يسمع عنه أحد أبدا؛ لأنه اختفى فجأة"

فرد عليه أنيليو في ضعف وتمني "لا أعلم يا ساندير، أحيانا أفكر بأنه في مكان ما يوجد ابني، أو شيء من ابني، أحيانا كثيرة أضيع وسط ذلك الأمل المزيف، ولا أعلم ما هو الحل يا صديقي؟"

اقترب ساندير منه وربت على كتفه قائلا "الحل أن نبدأ في البحث عن ولي عهد مناسب، وندربه جيدا للحكم"

"وماذا عن ابنك يا ساندير؟"

"ابني وأنا أعرفه أكثر من الجميع، إنه لا يصلح للحكم أبدا، نحتاج إلى شخص يقدم شعبه على نفسه، وهو خير معين لهم، علينا أن نجده، وإلا سيأخذون الحكم من بعدك، وتضيع المملكة في انقسامات"

"وكيف؟ وكيف لنا أن نجد شخصا مثل ذلك؟"

'لا تقلق، إنه موجود، فحيثما يوجد شيء يوجد عكسه أيضا"

كان أنيليو هائما في همومه متنكرا أثناء سيره في حديقة عامة، كان أثناء سيره يفكر بالذي قاله فارسه الشخصي وصديقه المقرب عن مواصفات ولي العهد المطلوب.

استوقفه في تلك اللحظة طفل في العاشرة من عمره ذو شعر أسود وعينين واسعتين، وملابس رثة متسخة، لكن كان على محياه السعادة وهو يحدق في كسرة الخبز التي في يده، ومن الواضح أنه لم يأكل من أيام.

هم الصغير بالأكل قبل أن يأتي مجموعة من الأطفال، كانوا ثلاثة، أكبرهم يبدو في السادسة، وأصغرهم في الثالثة. حدقوا في كسرة الخبز في صمت وقد أحس الصغير بجوعهم فقام بتقسيم الكسرة إلى ثلاثة أقسام وناول كل واحد منهم قسما.

ثم سأله الطفل الأوسط قائلا "وماذا عنك؟"

فابتسم قائلا "تناولت إفطارا شهيا هذا الصباح لذلك لست جائعا لتلك الدرجة"

فالتهم ثلاثتهم ذلك الخبز التهاما من فورهم، والصبي ينظر إليهم في سعادة والابتسامة لا تفارق وجهه، حتى انصرفوا شاكرين له، وحتى بعد انصرافهم كان مبتسما وقد ازدادت سعادته أكثر. أحس أنيليو بنضج ذلك الصبي وطيبته فاقترب منه، وسأله

"أين والداك يا بني؟"

"مات والدي حين كنت رضيعا، وأمي كانت من ضحايا حريق بلدة ألكير الكبير"

"وهل لك أقارب هنا؟"

"لا"

"ومن أين لك بالطعام؟"

"أعمل في مصنع قريب"

فقال له أنيليو "لابد أنك جائع بعد أن شاركت وجبتك، دعني أدعوك على غداء شهي"

أكل الصبي ذو العاشرة الطعام بنهم ما إن أحضره النادل، وبعد أن فرغ من الطعام سأله أنيليو بابتسامة، وبنبرة حنونة "ماذا تريد أن تصبح يا بني؟"

"أريد أن أكون في وظيفة أساعد فيها أكبر قدر ممكن من الناس، أمي كانت امرأة طيبة، أريد أن أصبح مثلها"

"وماذا لو عرضت عليك أن تترك وظيفتك وتبدأ في وظيفة معي ستساعد فيها هؤلاء الأطفال الصغار؟"

فاجأ ذلك الصبي الصغير، وجعله فضوليا فقال "كيف؟"

"اتبعني يا بني"

تبعه الصبي إلى أن وصلوا إلى مبنى الحكومة، فقال الصبي في شهقة "أليس هنا حيث يعيش الحاكم؟" لم يعقب أنيليو بشيء بل اكتفى بالابتسام، وأخذا المصعد إلى أن وصل إلى مكتبه حيث كان ساندير ينتظره "سيدي أين كنت؟"

"وجدته يا ساندير، يوجد فيه ما لا يوجد في غيره: الإيثار، وأيضا الحياة عصفت به حتى أنضجت عقله وتصرفاته"

ثم التفت أنيليو إلى الصبي، وقال له 

"ما اسمك يا بني؟"

"ليكسس "

"حسنا يا ليكسس، أنا أنيليو وهذا ساندير، سنساعدك من الآن وصاعدا في أن تنقذ أكبر قدر ممكن من الأرواح"

برقت عينا الصبي وقال "أنت الحاكم؟ ولكن ما الذي سأفعله؟"

"سنجعلك ولي العهد"

ضاع أنيليو في ذكريات الثلاثة أثناء تدريبهم له ليصبح ولي العهد، كل تلك المحادثات المضحكة، الغاضبة، الحزينة، والسعيدة مع ليكسس، قبل أن يقاطع سيل ذكرياته ساندير، وقد بدا الحزن واضحا على وجهه رغم تماسكه، وقال

"لقد وجدوا مكان اللعبة أخيرا، لقد نجا ابن إنخاها والذي كان معه من الدخان المميت، واتضح أن إنخاها قد أخبر ابنه بمكان اللعبة، وهذا الآخر قال المكان الذي اتضح أنه كوكب تم ادراجه على كونه ميتا في مملكتنا"

"وكيف نجا ابن إنخاها؟ لقد رأيت الدخان يقتله"

"ذلك ما أجهله أنا الآخر"

آكسيري هابراما - لعبة الموت (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن