3- أفكار غريبة

97 14 5
                                    

بعدما قضى يومه في تنفيذ خطته الجديدة وهي إنشاء دار نشر تحمل اسمه، قرر عمر أن الليل سيكون للكتابة وأنه سيكتب اليوم لا محالة، لا يعلم كيف آتته فكرة دار النشر تلك أثناء مشاهدة أوراق البردي وكيفية صناعتها، ربما كل ما هو ورقي يستطيع أن يلهمه، وربما لأنه يبغض عمله كمرشد سياحي وبنفس الوقت لا يستطيع الكتابة والتي كانت تمثل عمله الأصلي لسنوات، وربما لأنه لم يعد يريد أن يكون عمله غير مستقر، لا يهم ما هو السبب الذي جعله يأخذ تلك الفكرة على محمل الجد الأهم هو السعي الصحيح نحو تحقيقها، يعلم أنها خطوة ليست بالهينة، تحتاج للكثير من المال والموظفين وجميع تلك الأشياء ولكنه يستطيع وسيتحدى كل شيء ليجعل تلك العوائق مثل البساط الممهد الذي سيسير عليه نحو وجهته.

- أما نشوف أخرتها معاك يا عمر.

قال ساخرًا بعد أن جلس في الشرفة في الطقس البارد وقد أقسم أن يكتب ولو كلمة واحدة حتى، وضع حاسوبه النقال على طاولة صغيرة أدخلها في الصباح وأمسك بطانية ثقيلة وضعها فوق كتفيه وجلس أمام الحاسوب يعيد قراءة آخر فصل كتبه.

ظل على تلك الحالة نحو ساعتين ولم يسطر سوا القليل من الكلمات حتى شعر بأن عيناه تنغلق من تلقاء نفسها من كثرة رغبته في النوم؛ لهذا نهض وتوجه لغرفته؛ لينام مبكرًا قليلًا حتى يصبح نشيطًا غدًا وقادرًا على مواجهة الجمع الغفير الذي سيجده بالمعرض.

أغلق الأضواء واستلقى فوق فراشه وما إن أغمض عينيه حتى شعر بشيء داخل عقله وكأنه صوت يهمس له ببعض الأفكار وكيفية صياغتها؛ لهذا قام منتفضًا وفتح المصباح بجانبه، أمسك بدفتره وقام بتدوين الأفكار، لا لن تكفي الأفكار الرئيسية فقط، قد ينساها، نهض سريعًا وهرول نحو حاسوبه ليقوم بالكتابة.

❈-❈-❈

استيقظت ليلى مبكرًا بحماس شديد لليوم الذي ينتظرها، ارتدت ملابسها وقامت بإعداد الإفطار لوالدتها ولقطها نعناع، ثم تركته يتناول إفطاره وذهبت لغرفتها لإيقاظ شقيقتها.

- ليليان، ليليان اصحي يلا، يا بت اصحي لسه هنروح نقابل هاجر الأول.

لم تستيقظ ليليان إلا بعد بعض من الوقت بصعوبة، نهضت وغسلت وجهها دون رغبة حقيقية في النهوض، فهي لم ترد أن تترك منزلها لأي سبب من الأسباب، ارتدت ملابسها بينما كانت تحثها ليلى على الإسراع، انتهت ليليان وسحبتها ليلى نحو السلم حتى كادت ليليان أن تسقط عدة مرات.

قابلتا هاجر في طريقهما، ثم استقلوا الحافلة التي تذهب للمعرض، جلست ليلى بجانب هاجر بالحافلة تتحدث معها طوال الطريق، بينما جلست ليليان بمفردها تتأمل الطريق بشرود، وضعت السماعات في أذنها لتسلي طريقها، لتتسرب لأذنها ألحان أغنيتها المفضلة. « مستنياك يا روحي بشوق كل العشاق. » دندنت بكلمات الأغنية خلف المغنية باستمتاع وقد بدأت تستمتع بيومها وشعرت أنه قد يكون يومًا لطيفًا. « مستنياك تاعبني تاعبني الفراق. » أسندت رأسها على كف يدها وأغمضت عينيها تستمتع بطريقها.

مرآة مزدوجةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن