22- استراحة قصيرة

31 4 0
                                    

لم يهتم محمد بالنقاش بين والديه حول فشلهما في تربية ابنائهما، فنهض ولحق بهاجر، ليجدها تجلس متململة وغاضبة، فجلس بجانبها وقال محاولًا تهدئتها:

- معلش يا هاجر متزعليش، أنتِ عارفه ماما بقا مش جديدة عليكِ يعني. 

هتفت هاجر بتهكم:

- أيوه صح، ما هو ده العادي. 

تنهد محمد ونظر لها بصمت دون أن يجد ما يقوله لها، ليجدها تنظر له بعنف بعض لحظة وقالت بنبرة هجومية:

- أنت ازاي صحيح متقوليش إنك بتشتغل في دار الرنة؟ 

نظر لها محمد بدهشة من تحولها السريع من التهكم للهجوم وعلم أن غضبها سيطاله على أدنى شيء وأكثرهم سخفًا، أجابها سريعًا حتى لما تبدأ الصياح كما تفعل دائمًا عندما تتشاجر مع أحدهم:

- يا بنتي هو أنتِ تعرفي عني حاجه أصلًا غير إني اسمي محمد وأخوكِ؟ 

كانت حالة التباعد بينهما تؤلمه، فهو لا يعرف شيئًا عنها وهي كذلك، هي لا تعرف من أصدقائه أين يعمل أو ماذا يعمل حتى، وهو لا يعلم من أصدقائها وماذا تفعل عادة أو أين كليتها حتى، كانا كالغرباء الذي حكم عليهما بالعيش تحت سقف واحد، ولعله لم يتقرب منها إلا بعد أن عقدت خطبتها وشعر أن رحيلها قد اقترب، وجدها تتنهد بدورها بحزن وصمتت للحظة، لتشتعل عينيها بغضب مجددًا وعادت تهاجمه قائلة:

- بردو كنت تقولي، ازاي يعني أعرف حاجه زي كدا من ليليان؟ منظرنا ايه قدامها لما أخوات وميعرفوش حاجه عن بعض؟ 

زفر محمد وقال محاولًا مسايرتها:

- خلاص أنا آسف، هبقا أقولك على كل حاجه بعد كدا. 

شعرت هاجر أنه يسايرها فقط حتى تصمت، فعادت تقول حتى لا تجعله يحصل على ما يريد:

- بردو ازاي معرفش، يعني أنا متابعة لكاتب وقالبة الدنيا على رواياته وفي الأخر أكتشف إنه صاحب أخويا وأخويا بيشتغل معاه في الدار بتاعته؟ 

قطب محمد جبينه وسأل:

- قصدك على عمر؟ 

عقبت هاجر بتهكم:

- مين غيره يعني، ولا أنت بتصاحب كُتاب كتير وأنا معرفش؟ 

ضحك محمد، وعانقها وقال لينهي الشجار:

- لا مفيش غيره يا ستي، وأنا آسف تاني، هعرفك عليه وأجوزه لك كمان يكش تتبسطي وتتهدي شوية. 

صاحت هاجر معترضة:

- لا اتجوز مين؟ ده أنتوا الاتنين عواجيز كفاية عليا عجوز واحد. 

صفعها محمد على مؤخرة عنقها وقال بعد أن فصل عناقهما:

- أخرة خدمة الغُز علقة، بقالي ساعة براضي فيكِ وفي الآخر أنا عجوز؟ 

مرآة مزدوجةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن