حضر سليم باكرًا على غير العادة، فلم يجد أحد قد حضر بعد؛ لهذا قرر أن يذهب للمكان الوحيد الذي احتواه داخل تلك الجامعة على مدار ثلاث سنوات، المقهى، ذهب للمقهى واختار بقعة بعيدة كعادته ليجلس ويعبث بهاتفه بملل منتظرًا قدوم أحدهم، ولكن من قد أتى هو آخر شخص رغب في أن يراه الآن، تقدمت الفتاة منه راسمة ملامح معاتبة بدلال مصطنع وقالت:
- كدا تسيبني أسبوع كامل من غير كلام؟
❈-❈-❈
وصلت ليلى الجامعة بعد انتهاء المحاضرة الأولى والتي لم تحبذ حضورها لأنها لا تطيق الأستاذ الذي يقوم بشرحها، بحثت بعينيها عن هاجر التي مؤكد أنها قد حضرت منذ فترة لأنها تحضر المحاضرات الأولى فقط بالمقهى ما إن دلفت، لم تحاول البحث عن سليم لأنها كانت تعلم أنه ليس من حقها التحدث معه مجددًا فقد انتهى اتفاقهما بالفعل، وقد يواجه حديثه معها بالرفض، التقطت عيناها مشهد جعل فكها يسقط بتعجب واستنكار لما تراه، كان غريب الأطوار هذا يجلس مع إحدى الفتيات ويتحدثان، يبدو من تعبيرات وجوههما أنه ليس حديثًا عاديًا قد يحدث بين زميلين، كيف يمكن لفتاة أن تعجب بغريب أطوار مثله؟ خاصة أن تلك الفتاة تبدو من النوعية التي تحب أن تلفت الانتباه من مظهرها ومؤكد أنها ستفضل أن تكون بصحبة شاب جذاب يخطف الأنظار، والذين يكون في معظم الوقت زير نساء، وألم يقل هذا اللعين سابقًا أنه لا يستهوي هذا النوع من العلاقات وأنه لم يكن له سابقة من قبل؟ لكانت كذبت عينيها لولا أنه هو من يجلس أمامها، إذًا هو يكذب، يحاول أن يخدعها ربما، أو يستدرجها، في لحظة تغيرت جميع أفكارها عنه ولإيمانها بنظرية المؤامرة أصبحت تراه مخادع كاذب يستدرج الفتيات ، والأسوأ أنها بدأت تصنف أي مرض نفسي يمكن أن يعاني منه، عادت لأرض الواقع ونظرت له نظرة نارية لم يرها هو، قررت اغتنام الفرصة لمعرفة المزيد عنه؛ لهذا هرولت لتجلس على الطاولة المجاورة لهما وهي حقًا لا تعلم كيف لا يراها، ظهرها يقابل ظهر تلك الفتاة، همست متوعدة:
- قفشتك يا سايكو.
استمعت ليلى لحديثهما الذي بدا كآخر حديث بينهما، فقد قالت الفتاة باستنكار:
- الله! سليم أنت بتهزر صح؟
أجابها بجمود:
- لا مبهزرش، كدا كدا أنا وأنتِ عارفين من الأول إن اللي بنعمله ده لعب عيال، فـ خلينا نخلص بطريقة حضارية أحسن.
- سليم إديني فرصة..
قاطعها سليم بحدة:
- لا فرصة ولا نيلة، نهال أحنا الاتنين عارفين إن علاقتنا طولت قصرت كانت هتنتهي، فـ بلاش دراما بقا!
- تمام
همست تلك الفتاة ثم حملت حقيبتها ورحلت، راقبت ليلى انسحاب تلك الفتاة البطيئ بشفقة، سيطر عليها الغضب، فنهضت واستدارت لتواجهه وهي تقول بنبرة هجومية منفعلة:
أنت تقرأ
مرآة مزدوجة
Storie d'amoreالحياة عبارة عن مرآة مزدوجة، تعكس الجيد والسيء، الحلو واللاذع، الأبيض والأسود، فتصبح أنت أحد تلك الأجزاء الناقصة؛ لتضطر أن تدخل في رحلة بحث عن الشخص الذي يمتلك نصفك الآخر لتكتملا.