طوى سليم سجادة الصلاة بعد أن انتهى من صلاته وجلس فوق فراشه يفكر، كان قد قرر مسبقًا أنه سيتوقف عن جميع عاداته السيئة، وأهمها العناد، كان الأمر أكثر سهولة عندما اعترف أنه يعاني من مشكلة مع عناده الذي يجعله يقوم بالكثير من الأشياء التي لا يرغب بها في الواقع، ولكن الاعتراف والرغبة في التغير بحاجه للإرادة ليتغير بالفعل، وهو رغم كونه يتحلى بإرادة تجعله يفعل أي شيء يريده، ولكنه بحاجه للتقرب إلى الله حتى يساعده على هذا الشيء ويعطيه الإرادة الكافية للتغلب على عناده، كان سعيدًا كونه اهتدى لتلك الطريقة بعد سنوات من التفكير لبعض الوقت والإهمال في معظم الأوقات.
فتح والده الباب ودلف على حين غرة ليجفل سليم، لاحظ والده السجادة فقال مقطبًا جبينه بتعجب:
- أنت كنت بتصلي؟
أومأ وعدل من نظارته، اختفت نظرة والده المتعجب وابتسم باتساع قائلًا:
- طب تعالى كل معايا، مش عارف أنام.
- حاضر
همس سليم ولحق بوالده نحو المطبخ، ليجده ينظر بحيرة للآواني الموضوعة على الموقد، فابتسم سليم وقال:
- قولي بقا، يعني جايبني علشان اسخن الأكل، وأنا اللي قولت رضي عني خلاص.
صفعة والده على مؤخرة عنقه وقال:
- سخن الأكل يلا وبلاش لماضة.
بدأ سليم باشعال الموقد بينما تركه والده وخرج للجلوس بغرفة المعيشة، عندما انتهى سليم وضع الأطباق على طاولة ليأتي والده ويجلس بجانبه، شرعا في تناول الطعام بصمت، حتى قطع والده الصمت قائلًا:
- توبت وبقيت بتصلي أخيرًا؟
أومأ سليم وهو يمضغ الطعام، فعاد والده يقول:
- بطلت رمرمة يعني؟
ابتلع سليم طعامه بصعوبة ونظر له بذهول، فضحك والده وقال:
- فاكرني مش عارف حاجه ولا تعرف تحور عليا زي علي وأمك؟ ده أنا الأصل.
ضحك سليم وقال:
- وأنا اللي كنت فاكرك على نياتك.
نظر له والده بمكر وقال بتفاخر:
- ده أنا كنت رمرام أكتر منك، أنت بردو خايب شوية.
ضحك سليم ونظر له باستنكار، بينما قال والده:
- أنا تقريبًا ربنا ابتلاني بيك من كتر اللي كنت بعمله في بابا زمان.
- وعلي يقعد يقولي جيبت السفالة دي منين، أتاريني ورثت دكتور شريف.
ضحك والده وقال:
- طب ربنا يرزقك بقا بواحدة تربيك زي ما أمك عملت فيا.
نظر له سليم مستفسرًا فأجاب والده عن تساؤله:
- أنت عارف إن أنا وهي كنا جيران، ف كانت تقعد تسمعني وأنا بكلم دي وبعاكس دي وتتعصب وتتنرفز مني لغاية ما في مرة قالت لي تصدق أنت حلال فيك تتجوزني علشان تتربى، واتربيت فعلًا.
أنت تقرأ
مرآة مزدوجة
Romanceالحياة عبارة عن مرآة مزدوجة، تعكس الجيد والسيء، الحلو واللاذع، الأبيض والأسود، فتصبح أنت أحد تلك الأجزاء الناقصة؛ لتضطر أن تدخل في رحلة بحث عن الشخص الذي يمتلك نصفك الآخر لتكتملا.