وقفت ليليان تنظر إلى هيئتها بالمرآة وقد بدت غير متأكدة من حسن مظهرها، بينما قالت والدتها وقد فهمت ما تفكر به:
- شكلك حلو يا ليليان ومنظم زي ما أنت عايزة أهو.
نظرت ليليان إلى التنورة الضيقة السوداء الطويلة، والقميص الأبيض ذي الأكمام الواسعة، وشعرها الذي عقدته على هيئة كعكة عالية مرتبة بعناية لا تخرج منها أي خصلة وقالت بسخرية:
- شكلي عامل زي ست عجوزة طالعة على معاش.
قهقهت ليلى عاليًا، ثم نهضت ووقفت بجانب والدتها خلف ليليان وقالت:
- قولتلك مش هينفع معاكِ غير الفستان المنقط بتاع شقط مدير الشركة.
- ليلى!
صاحت ليليان بتذمر، فضحكت ليلى وقالت موجهة حديثها لوالدتها:
- أنا عندي فستان سماوي جمدان هيليق عليها أجيبه؟
قالت ليليان معارضة:
- أنتِ عارفه كويس إن الفساتين مبتليقش عليا بشكل عام.
بينما قالت والدتها منهية النقاش:
- روحي يا ليلى هاتيه بدل ما البت بقت عاملة زي أبلة نعمات.
قالت ليلى بنبرة ضاحكة وهي تفتح خزانة الملابس:
- اسمها فتكات يا ماما.
ضحكت والدتها ولم تعلق بينما أعطتها ليلى الفستان وتوجهت نحو ليليان وقامت بفك ربطة شعرها وقالت:
- تعالي بقا نعملك تسريحة حلوة بدل كحكة التسعينات دي.
❈-❈-❈
وصلت ليليان أمام أحد المباني الراقية، أمكنها رؤية لافتات تحمل أسماء أطباء معروفين على بعض طوابق المبنى ولافتة أخرى تحمل اسم أحد المهندسين، تأكدت ليليان من العنوان المدون على الصفحة الرسمية للكاتب الذي أنشأ الدار، وتوجهت بخطى مترددة للداخل، وجدت موظفة الاستقبال فأخبرتها أنها أتت للمقابلة من أجل وظيفة حسب الموعد الذي حُدد لها عندما ملئت الاستمارة الالكترونية، فطلبت منها الموظفة الانتظار قليلًا، دلفت ليليان غرفة الانتظار وجلست على أقرب مقعد وجدته، كان هناك شابان آخران يجلسان في مواجهتها مما جعلها تبتلع لعابها بتوتر، فهي تكره التواجد في مكان به شباب، هذا يوترها ويجعلها تشعر بعدم الراحة، لا تعلم لماذا هي تشعر بتلك المشاعر ولكنها ببساطة تشعر بها، حاولت كثيرًا أن تتجاهل تلك المشاعر وألا تلقي لها بالًا علها لا تشعر بها مجددًا ولكنها في كل مرة كانت تفشل؛ لهذا لم ترد يومًا أن تعمل حتى لا تكون في بيئة مليئة بالشبان.
تنهدت بخفوت بينما لم تستطع إيقاف اهتزاز قدمها من فرط توترها، أخرجت هاتفها من حقيبتها وعبثت به دون اهتمام حقيقي، ثم شعرت بسخافة ما تفعله فأغلقت هاتفها وأعادت لحقيبتها، جلست تتأمل المكان بشرود، اللون الرمادي الفاتح الذي يقارب اللون السماوي يسيطر على جدران المكان، يوحي هذا اللون بالجدية ربما؟ لم تفهم لماذا تفعل هذا ولماذا تتأمل المكان رغم أن فرص قبولها بهذا المكان تكاد تكون معدومة.
أنت تقرأ
مرآة مزدوجة
Romanceالحياة عبارة عن مرآة مزدوجة، تعكس الجيد والسيء، الحلو واللاذع، الأبيض والأسود، فتصبح أنت أحد تلك الأجزاء الناقصة؛ لتضطر أن تدخل في رحلة بحث عن الشخص الذي يمتلك نصفك الآخر لتكتملا.