الفصل 22

31 3 0
                                    

دخلت الى المنزل الذي كان فارغا مجددا، حقا اولئك الاثنان لن يملا من السفر و ترك كل العمل لي، ابتسمت لنفسي و توجهت لغرفتي و كل ما يشغل تفكيري حسام.
من هو؟ كيف يعرف بماضي؟ و ما علاقته بأنا من الماضي؟
ظلت تلك الأسئلة تحوم في عقلي طول الوقت بينما كنت استحم، فكان اول شيء فعلته عندما انهيت استحمامي، الاتصال بجان، لأنني كنت اعلم جيدا بأنني لن اجد شيئا بالبحث على النت او سؤال الناس لأنه أولا عقيد في الجيش و معلوماته بالتأكيد لن تكون متاحة للعامة و ثانيا لشكي بكون حتى اسم حسام مزيف، و لهذا اختار تلك الوظيفة ليلمح لي بأنه حتى لو اردت التأكد فلن استطيع!
فقط التفكير بتلك الاحتمالية جعل البرد يصلي في عروقي، ماذا لو كل ما اعرفه حوله كان كذبا؟ ماذا لو كان شخصا يحاول التقرب مني لأجل غاية في نفسه مثل الماضي؟
ما ان تذكرته مجددا حتى عاد صداع الرأس اقوى هذه المرة، كأن هذه اشارة بأن ما افكر به صحيح! على كل اخذت الهاتف و اتصلت بجان.
جان: مر وقت طويل منذ آخر اتصال سيد..
قطعته وسط الكلام: اختصر ثرثرتك، املك لك عملا مهما.
جان بخيبة امل: لمرة واحدة قومي بتحيتي مثل الناس العاديين.
امل: اريدك ان تبحث لي عن معلومات عن شخص ما.
جان: لقد استنتجت ذلك منذ رأيت اسمك على شاشة هاتفي.
امل: اسمه حسام، عقيد في الجيش.
جان: اسمه الأخير على الأقل؟
امل: ... لا اعلم
جان: اخبريني انك تمزحين! كيف يمكنني العثور على ابرة في كومة قش؟!
امل: بمعرفتي لقدراتك، اعلم انك تستطيع، الست افضل مخترق حواسيب في البلاد؟ ارتقي لسمعتك اذا.
جان: هاي انا لا اعمل عند...
امل: بل تفعل، الآن حرك اصابعك التي اصابها الصدأ.
اغلقت الخط قبل ان استمع الى مزيد من شكواه، بالرغم من كونه لعوبا و غير جدي و يثير اعصابي الا انه جيد في عمله اكثر من اي شخص عرفته.
لم اكن اريد حقا اللجوء الى هذه الطريقة لأنني ابتعدت عن ذاك العالم منذ مدة طويلة لكن ها انا اليوم مجبرة على العودة
يال سخرية القدر، تجعلني اعود رغم كل محاولاتي بالمغادرة، لماذا؟
الجلوس هنا و التفكير الزائد سيقودني للجنون كالمرة السابقة و لا فائدة من ذلك حقا، نظرت لنفسي في المرآة، حقا لم اتغير كثيرا، كأنني من الماضي و على وشك اقتراف نفس الأخطاء!
مستحيل! لست ضعيفة لتلك الدرجة! يجب علي توديع الماضي اذا اردت عيش المستقبل، حتى لو ارتكبت نفس الأخطاء فلن اتعامل معها كالماضي فقد نضجت و كبرت كفاية لأتعلم التخلي عن المشاعر المظلمة و الندم طريق سيقودني للجنون فقط، اليس كذلك؟
نظرت لانعكاسي في المرآة، لم اعد تلك الفتاة الضعيفة، الصغيرة، تمسكت بالماضي لدرجة موت روحي رغم ان جسدي كان يضج بالحياة و مع ذلك انت لم تستسلمي و بقيت تحاولين ارجاع نفسك و بريقك، لطالما كرهت الأشخاص الذين يكافحون من اجل امل ضعيف ظنا مني انهم اغبياء، كرهت المتفائلين و المبتسمين،
كرهت كل من امتلكو ما افتقده، شمتمتهم لأنني كنت احس بأنني اضعف منهم ما لم اقم بفعل ذلك، كنت اعلم بالفعل الحقيقة ؤغم انني كنت انكرها، انا ايضا اردت الابتسام دون هموم، اردت التمسك بالحياة، و ها انا اليوم انظر لنفسي منذ مدة طويلة و ارى بريق عيني بعد مدة طويلة، اسفة حقا.
تلقيت اتصالا من امير، لما يتصل الآن؟
امل: اهلا
امير: هل انت بخير؟ هل وصلتي للمنزل بأمان؟
هل امير قلق علي؟ اعلم انني اذا سألته هو لن يجيب
امل: اجل، وصلت منذ مدة، لما؟
امير بغضب: كنت قلقا! ذاك المتطفل سرقك مني و خرب موعدي! من يظن نفسه!
هل اعترف بنفسه الآن؟ انه لطيف على نحو غريب، لم اشعر بنفسي الا و انا اضحك، انه حقا طفل صغير
امير بانزعاج: لا تضحكي علي انت ايضا! انا حقا غاضب
امل: سأعوضك، اعدك
امير: لقد وعدتني لا يمكنك التراجع الان!
امل: هل كانت خطتك منذ البداية ان تستدرجني سيد امير؟
امير: محال، انا لطيف جدا~ و كيف بامكانك الظن انه انا امير بامكاني خداع الذكية امل، مستحيل، لا احد سيصدق، اين دليلك؟
امل: يبدو انك و اخيرا تمكنت من خداعي، هل تريد ان تنصب هذا اليوم كعطلة مدفوعة الاجر؟
امير: ممم لست سعيدا لتلك الدرجة بعد، حاولي يوما آخر
امل: مدير متعصب
امير: انظر من يتحدث...
استمرت المحادثة مدة طويلة، لم احس بمرور الوقت حقا
يبو بأنه تمكن من صنع جسر للعبور الى قلبي حقا، لأتمكن من محادثة شخص مدة طويلة على الهاتف بعد كل ذلك الوقت، اليس كذلك، حلا؟ و على غير العادة عندما ذكرت ذلك الاسم لم يعد يجلب لي الصداع و لا جعلني ارغب في قلب امعائي.
امير: هل نمت؟
امل: اه اسفة فقدت تركيزي
امير: هل تريدين النوم؟ الوقت متأخر... اه انها الواحدة صباحا! اي مدير انا ابقي موظفتي الغالية مستيقظة؟
امل: انت غبي حقا، على كل نسيت ان اسئلك كيف حال امك؟
امير: اعادتني للمنزل و مازالت تطلب مني احضارك لزيارتها كي تصدقني
امل: انت ت س ت ح ق كل ذلك، زير نساء
امير: اعلم اعلم، سيدة "انا دائما على حق"
امل: لست كذلك، لكنني اميل لأن أكون دائما على حق، لأنني أفكر بعقلي و ليس بقلبي.
امير: لن أسألك لماذا، لكن من الجيد الوثوق بالناس أحيانا، فليست جميع اصابعك متماثلة.
امل: لن أثق بك على الأقل~
امير بانزعاج: أعلم فما فعلته ليس قليلا و أعلم انني جرحتك
امل: انت!! لا تكن لطيفا فجأة أحس بأنني شخص سيء اذا فعلت ذلك.
امير: انت كذلك~
امل: غبي
امير: سأخصم نصف راتبك.
امل: جرب و ستقوم أمك بالقائك من شرفة غرفتك
امير: اههه كم أكره كون امي صديقة والدتك!
امل: و انا احب ذلك
امير: على كل ليلة سعيدة أمل، نلتقي غدا
امل: بالتأكيد
وضعت هاتفي جانبا و اتجهت للشرفة، كانت السماء مظلمة حتى النجوم كانت مخبأة خلف السحب، كل شيء كان مظلما، أسودا، شعرت بالدفئ و أحببت ذاك المنظر.
عدت لسريري بذهني صافي من الأفكار التي كانت تؤرقني، لا أريد التفكير بأي شخص أو شيء لأن أهم شيء بالنسبة لي الآن هو نفسي، سعادتي و راحتي، لقد كنت اكثر شخص أخطأ في حقي، حرمتها سنوات مهمة من حياتها، و حان الوقت لاستدراكي و تعويض اخطائي.
استلقيت على سريري حاضنة دميتي المفضلة دايزي، و استسلمت للنوم.
استيقظت على صوت رنين هاتفي، انه جان.
امل: م..
جان بخوف: امل يجب عليك الهرب!
امل: ماذا تعني؟
جان: حسام ليس شخصا عاديا، لم استطع العثور على اي شيء يخصه ابدا! كأنه شبح، لا ماضي، لا ممتلكات، لا سجلات، لا يملك أي شيء، حتى وجهه لا يتطابق مع أي شخص على وجه الكرة الأرضية!
احسست بالبرودة كأن شخصا افرغ سطل ماء بارد علي!
امل: ربما لأنه في الجيش ل...
جان بصراخ: لقد اخترقت جميع منصات الجيش، لا وجود لاسم حسام بذلك الوجه الذي ارسلته!! لقد امضيت الليل بطوله اعمل لعلي اجد شيئا، حتى انني طلبت مساعدة ساندي، لكن لا يوجد شيء، انه شخص لا وجود له!!!
امل: ا..ا حسنا شكرا لك.
جان: ام..
اغلقت قبل ان اسمع رده، لقد كنت مصدومة، لماذا؟! ماذا يحدث؟! لماذا الماضي يعيد نفسه؟ هل يمكن..؟ اوقفت الفكرة قبل ان تصل لرأسي لأنني رأيت جثته، لقد كنت الشخص الذي اطلق عليه في النهاية، لقد كنت من قتله، لا يمكن ان يكون حيا!!
لحظة ماذا اقول؟ من اطلق على من؟
اجتاحني الم رأس قوي، لا الألم كان في كل جسدي، احس بالحرارة، قلبي يؤلمني.
بدأت شيئا فشيئا افقد وعيي جراء الألم و آخر شيء اتذكره هو صوت ينادي باسمي من بعيد "امل"!!!
_______________________________________
اسفة على التأخير، هاهو الفصل المنتظر، ارجو ان تستمتعوا!

عندما ينبض القلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن