الفصل 11

60 4 1
                                    

غادر الجد و تركنا انا و حسام وحدنا، اظن انه فعلها عن قصد ليتركنا وحدنا...
جلس حسام امامي، و ابتسم ابتسامة مشرقة
حسام: انا اسف بشأن اخر مرة، انا لم اعني حقا التدخل في خصوصياتك او ان اسبب لك المتاعب، اردت فقط مساعدتك، انا اسف حقا.
ظهرت تعابير الحزن على وجهه و بدى نادما حقا، لم استطع رفضه.
امل: لا باس، لم تكن تعلم و قد نسيت الامر بالفعل.
تهللت اساريره و ابتسم من جديد
حسام: اذا كيف حالك؟
تنهدت و اخرجت نفسا عميقا لم اكن اعلم انني احبسه
حسام مبتسما: لا بأس كل شيء سيكون بخير و ستبقى الذكريات الجميلة.
امل: اي ذكريات جميلة تتحدث بشانها، الحياة متعبة حقا.
نظرت له بتمعن و هو يبتسم دون هموم
امل: حقا كيف يمكنك ان تبتسم دون هموم و انت عقيد في الجيش و دائما حياتك في خطر؟
نظر لي بدهشة لوهلة ثم ضحك بقوة
حسام: لانني ادرك ان لا شيء يستحق ان احزن من اجله…
تغيرت ابتسامته الجميلة الى ابتسامة حزينة
حسام: لقد رأيت العديد من زملائي يموتون في الحرب، منهم من ترك زوجته غاضبة في البيت و منهم من افترق عن عائلته و هو متخاصم معهم، رأيت الندم في اعينهم قبل الموت لانهم تركوا اشياء لم يفعلوها او غير مكتملة ورائهم، لذا قررت ان لا احزن من اي شيء و ان افعل ما اريد و اقول ما اريد، و اذا اردت شيئا سأسعى لأمتلكه حتى اخر نفس لي، الحياة جميلة بحلوها و مرها، فلو كان كل شيء سهل لما احسسنا بطعم الاشياء التي نحصل عليها.
انهى كلامه بابتسامة متحمسة تركتني مندهشة، انه حقا قوي و شجاع… ليس مثلي، ابتعد عن المشاكل، و اهرب من الناس فقط لانني خائفة، ادعي الكمال في حين انني اكثر شخص معيوب، انا حقا ميؤوس مني…
لطالما تمنيت ان يعود الزمن الى تلك الحادثة و اغير العديد من الاشياء، كنت غبية كثيرا و نقية اكثر من اللازم…
لطالما تمنيت ان اتمكن من التخلص من خوفي و ضعفي لكن لم اتمكن يوما من ذلك، اطياف الماضي تطاردني اينما ذهبت و تمنعني من العيش كباقي الناس.
اعلم انني لست الوحيدة التي عصفت بها الحياة و القتها للهاوية لكنني اعلم انني اضعف من هبت بهم عاصفة الحياة، لا استطيع الاستسلام عن كل شيء او المحاربة من اجل الحصول على كل شيء، انا عالقة في المنتصف، محتارة عند نفس مفترق الطرق التي توقفت عنده منذ 6 سنوات، لم اتقدم و لم اتأخر، ساعتي متوقفة في تاريخ 11 افريل 2014.
لا ازال تلك الطفلة التي تبكي و تتأثر بكل شيء…
حسام: انسة امل انت… تبكين؟
كان سؤالا اكثر من ملاحظة، لمست خدي لاجد شيئا رطبا، انها دموع؟ الم تجف دموعي دموعي بالفعل؟ هل يعقل ان ابكي بعد كل هذه المدة؟
نظرت لحسام بدهشة، كانني اسأله هل ما يحدث حقيقي؟
لم افق الا و احسست بذراعين لطيفتين تلتفان حولي بلطف، لم ادرك حتى كيف انفجرت كل تلك الدموع و المشاعر التي حبستها ل6 سنوات، بكيت و بكيت و بكيت لا اعلم لكم من الوقت لكنه لم يتركني لحظة و لم يبتعد عني، انما زاد حظنه لي اكثر و يده تمسد ظهري بلطف
حسام: لا بأس لقد ابليت جيدا، لقد عشت جيدا…
لا اعلم متى نمت لانهض لاجد نفسي في سرير مريح، لكنه ليس سريري، هناك رائحة مريحة، رائحة الخشب و الاشجار.
فتحت عيني لاجد نفسي في غرفة جميلة، تتصف بالبساطة و الجمال، جدرانها خشبية و الارضية، السرير من خشب ايضا، طغى عليها لون الخشب البني و اللون الابيض للاثاث، كانت مريحة و دافئة… لكن ماذا افعل هنا؟
فجأة تذكرت ما حدث، و احمر وجهي كثيرا، لقد بكيت في حظنه و نمت ايضا؟!
يال الاحراج، لحظة كم الساعة؟!!! 
نظرت للحائط لاجدها 9، لقد تأخرت كثيرا، لكن لا بأس انا كنت سادفع عطلتي من الاساس لذا لا اهتم.
وجدت اتصالين من امير و رسالة يقول فيها انه قلق علي و انني تأخرت عن العمل.
فجأة فتح الباب و اطل بابتسامته اللطيفة و هو يحمل صينية فيها كاس عصير معه كعكة شوكولاطة
حسام: لقد استيقظتي اخيرا، اسف لم اوقظك لانك بدوت تعبة جدا و ايضا… احمرت وجنتاه قليلا و ابتسم: بدوت لطيفة و انت نائمة.
احسست بخداي تحمران من الخجل، انزلت رأسي و نظرت خارج النافذة.
حسام: اسف لاخذك لغرفتي، لكنني لم اعلم ماذا افعل عندما نمت فجأة و اخبرني جدي باحضارك هنا.
انه حقا لطيف و صادق، و انا قمت بفعل ذلك له، انا غبية
امل: لا بأس شكرا، و اسفة على التسبب بالمتاعب لك و للجد
حسام: لا، لقد اهتممت بجدي لمدة طويلة عندما لم اكن موجودا و احسنت اليه و اهتممت بي ايضا لذا هذا اقل ما افعله من اجلك.
ابتسمت دون وعي: ان الجد غالي على قلبي و اعتبره مثل عائلتي.
نظر الىبعمق ثم ابتسم: ابتسامتك لطيفة.
غطيت وجهي بيدي دون وعي و احسست بحرارة جسمي ترتفع. انا حقا محرجة!!!
سمعت صوت ضحكات مكتومة فنظرت اتجاه الصوت لاجده يكتم ضحكته و خداه متوردان..
انه لا يبدو كعقيد في الجيش بل يبدو كفنان او رسام، يملك مشاعر مرهفة و حسا بالعدالة و صدقا خالصا…
انتبهت لكوني احدق به مطولا.
امل: اه يجب ان اغادر الى المشفى حالا، انا متأخرة
بدى حسام خائب الامل، ابتسمت لتعبيره اللطيف ذاك
امل: لا تقلق سأتي غدا و اساعد في عمل المقهى و ربما استأجر احدى الغرف التي هنا، احب الأجواء التي عندكم.
ابتسم ابتسامته المشرقة، انه يبدو كجرو صغير
حسام: سانتظرك!!
ودعت الجميع ثم غادرت الى المشفى.
وصلت الى المشفى فوجدت الجميع يحدق بي، بالتأكيد انها اول مرة اصل متأخرة. توجهت مباشرة لمكتب امير، فتحت الباب لاجد سوزي تجلس على المكتب و يديها حول رقبة امير.
يبدو انهما يتحدثان في موضوع مهم جدا، ما ان رآني امير حتى ابعد يدي سوزي و وقف. بسرعة متجها ناحيتي
امير: امل انا..
اوقفته برفع يدي في وجهه كاشارة للتوقف
امل: اتيت لادفع عطلتي فقط، لا اكثر و لا اقل.
وضعت الورقة فوق المكتب الذي كانت تجلس فوقه، فرمقتني بنظرة كلها تعال و غطرسة استجبت لها بابتسامة مصطنعة
امل: ارجو ان تكملا ما كنتما تفعلانه و اسفة على المقاطعة.
هممت بالمغادرة فامسكني امير من يدي
امير: استمعي لما ساقوله
سحبت يدي بقوة
امل: لست مجبرة لسماعك فانا في عطلة و هذا يعني ان ابتعد عن كل مصادر الازعاج التي انت من ضمنها.
ابتسمت ببرود
امير: بيننا اتفاق!
امل: فسخت الاتفاق، و اذا بقيت تهددني اقسم انني ساقدم استقالتي المرة القادمة، ايها المدير العزيز.
غادرت تاركة اياه يشتعل غضبا، حسنا انه جزاؤه.
_________________________________________
اسفة لكن المشاعر غلبتني!
حسام الطف من امير و لكن من يعلم ما يخبؤه القدر؟

عندما ينبض القلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن