الفصل 17

81 4 0
                                    

لامستني اولى خيوط الشمس الذهبية، فتحت عيني لاجد نفسي محاطة بذراعين قويتين مألوفتين...
لا اصدق بانني نمت في حضنه مجددا، اخشى ان اتعود على هذا الشعور و لا اتمكن من النوم دونه.
لم اتحرك من مكاني، و انما بقيت استمتع بذلك الدفء و اتذكر ايام ثانويتي المبهمة، مهما حاولت التذكر، اتذكر خيال شاب و يعتري قلبي الم كبير… اثر تلك الحادثة التي هي كل ما اتذكره من ايام دراستي و لا اتذكر شيئا بعدها، كأن ذكرياتي كلها مسحت تلقائيا لتفسح المجال لذكرى تلك الحادثة فاتذكرها بكل تفاصيلها.
………….
امل: هاي حلا هل تعلمين اين ذهب مايكل؟
رمقتني بنظرات مترددة استبدلتها بابتسامة مترددة: لم اره اليوم
امل: حلا هل تخفين شيئا عني؟
اتسعت عينيها للحظة: لااا انها فقط مشاكل عائلية كالعادة، لا تقلقي
حضنتها برفق، انها حقا مسكينة لتعاني من مشاكل عائلية و هي بهذا العمر، لكنني ساكون بجانبها دائما!
مضت الحصة الصباحية، و جاء وقت الغداء و مايكل لم يظهر بعد، لماذا يختفي دائما؟ حتى انه لم يرد على رسائلي او اتصالاتي او حتى يخبرني بانه سيغيب!
قررت بانني لن انتظره اكثر و اتجهت للسطح لاتناول غدائي وحدي لانني لم اجد حلا ايضا.
لطالما احببت السطح كثيرا، لان به هواءا عليلا و الهدوء لان ليس هناك شخصا يستطيع الدخول هنا سواي.
احد اسباب حبي لهذا المكان ايضا هو انه يمكنني رؤية الجميع، ليس كأنني اريد ذلك لكنني احب مشاهدة تصرفات الناس و تحليلها.
بينما كنت اراقب الطلاب، وجدت حلا تتسلل بين الاشجار و رايت خيال شاب واقف بجانبها... بدى كأن.. كأنه مايكل؟ انهما يقبلان بعضهما!
لا بد انني اتخيل فهي اخبرتني انها لا تعلم... من اخدع؟ لم اكن اظن ابدا بانني غبية الى هذه الدرجة لانني دائما ما تجاهلت نظراتها اتجاه مايكل و كيف يحمر وجهها عندما يحدثها او عندما تلتقي عينيهما اثناء الحصة، حتى عندما نتحدث عنه تبدو متحمسة...
هو لم يجبني لكنه حظر ليقابلها...
احسست بقلبي يعتصر من الالم من تلك الافكار التي سكنت تفكيري رافضة تركي وحيدة مع حزني.
جمعت بقايا طعامي و توجهت للفصل لاجمع باقي اغراضي و اغادر، عندها دخل مايكل و حلا مع بعضهما يضحكان و عندما رأياني توقفا عن الضحك و رمقاني بنظرات مترددة.
ابتسمت رغما عني و اشرت لهما بيدي كما افعل عادة
امل: مايكل اين كنت؟! لقد اتصلت بك لكنك لم ترد، هل كرهتني؟~
انهيت بكلامي بابتسامة مصطنعة جعلتني ارغب في التقيئ.
مايكل: لقد كنت نائما، تعلمين انا احب النوم اكثر من اي شيء اخر
امل: اجل اعلم اعلم، اذا كيف التقيتما؟
ارجوك اخبريني بالحقيقة، اريد تصديقك و تكذيب نفسي... ارجوك!
حلا: لقد التقينا في الممر
عندما قالت ذلك احسست بان كل عالمي ينهار، صديقتي التي وثقت بها لسنوات كذبت علي؟
امل: اه، يال عجيب الصدف
جلسا في مقاعدهما بينما انا اجمع باقي اغراضي لاغادر
حلا: امل ماذا تفعلين؟
امل: انا مغادرة لقد اتصل بي والدي لامر طارئ
كذبة مقززة اخرى
حلا: ماذا حدث؟
امل: لا شيء، ظرف عائلي.
حلا بابتسامة: ارجو ان تحل مشكلتك قريبا
رددت عليها بابتسامة مصطنعة و اتجهت للباب، لاتفجأ بيد تسحبني للخارج و تحاصرني على الحائط
مايكل: هل هناك مشكلة؟
هناك مشاكل، قلبي يحترق و يموت ببطئ!
امل بابتسامة: لا شيء لتقلق بشأنه، يمكنك اكمال نومك فلن اكون معك لايقاظك لكن يمكنك الاعتماد على حلا
دفعته بعيدا وسط دهشته و اكملت السير نحو الدرج لانزل، سمعت صوته فبدات اجري و الدموع تنهمر من عيني، لا ادري اين تأخذني قدمي...
ركضت و ركضت حتى تعبت قدمي من الركض فانهرت باكية عند ضفة النهر الذي لطالما اجتمعنا فيه و تشاركنا فيه احلى ذكرياتنا التي تحترق بداخلي كنار تأبى الشبع و تبتلع كل ما مرت به.
بكيت و بكيت حتى جفت دموعي و انتبهت بان الظلام حل.
نهضت متثاقلة احاول العودة الى المنزل الذي نسيت وجوده. بينما انا امشي احسست بشخص يتبعني، زدت من سرعتي فاحسست بالخطوات خلفي تتسارع ايضا، بدأت بالركض باقصى سرعتي رغم حالتي قدمي لكنني كنت ضعيفة فسقطت و لم اتذكر اي شيء بعد ذلك حتى استعدت وعي لكن لم اتمكن من تحريك يدي او رجلي، بدى كان حبلا يقيدني، فتحت عيني ببطئ لاجد نفسي في غرفة مظلمة وحيدة... يبدو انني اختطفت...
بعد مدة سمعت صوت خطوات و شخص يقترب من الباب و يفتحه.
مجهول: اذا لقد استيقظت الاميرة
لم استطع الكلام لييدس لكوني خائفة و لكن لأن ذلك الوجه بدى مألوفا، لقد كان صديق مايكل، جاك
جاك: يبدو انك تعرفت علي يا انسة، جيد هذا سيجعل الوضع اسهل
نظرت بنظرات استفهام، قابلها بابتسامة مستفزة
جاك: ان حبيبك المزعوم قد سرق منا شيئا في غاية الأهمية، حتى اهم من حياتنا و اريده ان يرجعه و انت ايتها الجميلة سوف تساعديننا.
نظرت له بابتسامة حزينة متذكرة ما حدث هذا الصباح لتغمرني الدموع مجددا
جاك بابتسامة: لا، لا تبكي~ وفري دموعك عند حديثك مع حبيبك
امل: هو ليس حبيبي!
جاك: انت تعلمين ان هذه الكذبة صعبة التصديق
امل: لك الحرية في تصديقي او لا، لكن ذلك الشخص قد كان يقبل صديقتي المقربة امام عيني... كيف … كيف يمكن ان يكون حبيبي!!
انفجرت بالبكاء مجددا، ارتبك جاك و لم يعرف ماذا يفعل فاتصل بمايكل
جاك: اهلا صديقي العزيز، هل تصمع صوت البكاء هذا، انها حبيبتك العزيزة وحدها تبكي في هذا المكان المليء بالشباب و المظلم، اذا اردت انقاذها تعال وحدك للمكان المعتاد و احضر معك ذلك الشيء.
اقفل الخط و نظر لي بانتصار
امل: هو لن يأتي، هو لا يحبني بعد الان
جاك: دعينا نرى ذلك.
مر الوقت، ربما يومان و مايكل لم يظهر، في تلك المدة تم فك الحبل حول يدي و تجلب وجبتان خلال اليوم.
جاك: هذا هو طعامك، و حبيبك لم يظهر بعد
امل: اخبرتك هو لن يظهر
جاك: يبدو انه لم يحبك قط، فقط لو اعلم مكان سكنه!
انا اعلم اين لكنني لسبب ما لا اريد ان اخبره، على الاغلب بسبب ذلك الحب الاعمى الذي لم يسبب لي سوى الالم، لكن اثناء قضائي تلك الفترة هنا يمكنني القول ان جاك كان ياتي اغلب الوقت ليتحدث معي و لم يتركني وحدي، حتى انه يساعدني على تخطي حزني بالقاء النكات السيئة.
امل: هل يمنك ان تخبرني ماذا سرق مايكل؟
سكت لفترة ثم تنهد ليتغير تعبيره الى الجدية
جاك: مايكل جاسوس امريكي ارسل ليجمع المعلومات حول والدك، اسمه الحقيقي هو مارك، هذا هو اقصى ما يمكنني اخبارك به، اسف
غادر بعد قول تلك الكلمات التي سقطت كالصاعقة علي، جاعلة مني جسدا بلا روح.
اذا كل تلك الذكريات، تقربه مني، دخوله لحياتي، اعترافه لي، قدومه لمنزلي كل يوم كان فقط من اجل جمع المعلومات! و عندما اخذ الشيء الذي يريده، توجه ليكون مع الفتاة التي يحبها حلا...
احسست كأن عالمي ينهار و دخلت في حالة ضحك هستيري جعلت جاك يركض عائدا الي
جاك: هل انت بخير؟!
امل: لم اكن افضل حالا من اليوم! دعني اخرج
تردد جاك و اعتلت وجهه نظرات قلق و ارتباك
جاك: انتظري ساجري اتصالا ثم سأعود.
خرج و بعد فترة عاد و علامات السعادة على وجهه
جاك: يمكنك المغادرة، تعالي ساوصلك للبيت
تم اخراجي و اخذي للمنزل من قبل جاك، عندما دخلت استقبلني والدي بالدموع و الاحضان
سمر: ابنتي عزيزتي هل انت بخير؟! اين كنتي ؟!
سمير: اوقفي ذلك انت تخفين الفتاة باسئلتك!
اتجهت الى غرفتي و اغلقت الباب متجاهلة صراخ و نداء والدي، نزعت ثيابي و غطست في حوض الماء محاولة نسيان ذلك الكم من الحزن الذي احسست به في الايام الماضية.
بعد مرور فترة احسست كانها سنوات خرجت من الحوض و قابلت المرآة.
امل: انا امل، اقسم بشرفي و اسمي و دمائي ان لا اثق باي شخص ابدا، لن احب شخصا آخر و لن اسمح لرجل آخر بالدخول في حياتي، سانسى مارك! ساصير شخصا لا و لن يكسر و لن يسمح لاحد من هذا العالم المتخلف ان يتحكم فيه.
امسكت المقص بيدين مرتجفتين و عينين تنذران عن دموع متراكمة تأبى السقوط، قصصت شعري الذي كان فخري و لطالما تفاخرت به، مع كل شعرت تسقط احس بأن مشاعري تتساقط معها.
في الغد اتجهت للمدرسة، فقابلني وجه حلا القلق الذي جعلني اشعر بالاشمئزاز، تجاهلتها و كل شخص يسألني، جلست في مقعدي محاطة بكل طلاب فصلي يتسألون عن سبب غيابي و قصي لشعري، الذين قابلتهم بالتجاهل حتى ملوا و عادوا لاماكنهم، اما حلا استمرت في محاولة التحدث معي.
حلا: امل هل سمعت، مايكل انتقلت من المدرسة.
استدرت لها بابتسامة باردة: من سوء حظك
تفاجأت و رمقتني بنظرات خائفة، استبدلتها بابتسامة متوترة: اجل فقد فقدت صديقي و حبيب صديقتي.
لازلت تمثلين دور الفتاة الصالحة حتى الآن
تجاهلتها و اكملت دراستي، اصبحت الاولى على مستوى المدرسة، تم تكريمي بوسام تشريفي، دخلت كلية الطب و كنت الاولى دائما و اخبرا اصبحت طبيبة.
بالنسبة لحلا فمع استمرار تجاهلي لها، غيرت المدرسة خاصة بعد انتشار الشائعات ان سبب شجارنا هو كونها حضيت بعلاقة سرية مع حبيبي، تعرضت لشتى انواع التنمر حتى غادرت، ليتها علمت انني من كنت السبب.
*********
لكن اثر الصدمة التي حدثت لي وقتها حدثت مشكلة في ذاكرتي فنسيت معظم ذكريات طفولتي اظن انها كانت تسمى فقدان الذاكرة التراجعي، بحيث ينسى المريض بعض الذكريات التي حدثت قبل الحادثة و قد تحصل له في بعض الحالات فجوات زمنية في ذاكرته تجعله ينسى فترات معينة من حياته، قد تعود تلك الذكريات ببطء او تعود فجأة او لن تعود ابدا.
لكن مع تذكري لتلك الحادثة تذكرت بعض التفاصيل الاخرى لكن رأسي بدأ يرن مجددا، اظن انه من الافضل لي التوقف عن التذكر و النهوض من الفراش الآن لان الماضي يبقى ماضي و لن يلحقني للحاضر...

عندما ينبض القلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن