نرىٰ أربعة رجال بالغين وامرأة يقفون أمام مكتب صاحب الفُندق، لنجد أن مَن كان يجلس مِن وراء المكتب ليس صاحب الفُندق.. بل كان أنا، المُحقق غير الرسمي بتلڪ القضية التي جعلت مِن صاحب المكتب الذي أجلس عليه الآن بموقفٍ حرج.
أحدهم كان ابن عمَّها؛ محمود عباس، والآخر كان مُديرها السابق في العمل؛ راتب شهدي، والثالث خطيبها السابق؛ سامي سرور، والرابع كان أحد أقرب الأقربين إليها؛ عابد حسَّان. وأمَّا المرأة الوحيدة الموجودة من بين أولٰئِڪ الرجال فقد كانت أعز صاحباتها، والتي كانت تعلم بوجودها سمر هُنا بآواخر أيامها، أنا أتحدث عن رويدا عرابي.
كان كُل ما يهمُّني وقتها هو رؤية تلقائيات أجسادهم والتي حتمًا ستؤكد لي ما يُفكرون به، فحاولتُ أن أظهر لهم أنني مُلتهيًا بتقديح سيجارة من لدُنّي في حين كُنت في قمة تركيزي مع إيماءات أجسادهم.
- مُمكن أعرف أنا بعمل إيه هنا مع البني آدم ده؟
صدرت من عابد وقد ألقىٰ نحو سامي بكلامه، فردَّ الأخير دون أن أتحدث أو حتىٰ أُصدر أية إيماءات:
- لأ والله!؟ علىٰ أساس إني طايق أشوف وش أهلڪ تاني!
وبالرغم من هذا الخلاف إلَّا أن رويدا قد قالت مائلة بوجهها للأمام نحوي وهي تسأل بعلامات تؤكد أنها كانت خائفة من حدوث أمرٍ ما.
- هي سمر جرىٰ لها حاجة يا باشا..؟
وفي ظِل ذلڪ الهرج والمرج وجدتُ محمود يقول بنبرة لا مُبالية وناظرين يتأملان السقف من فوقنا مع رأسٍ مائل لليمين قليلًا:
- مُمكن يا أستاذ عادل تقولّنا إنت عاوز مننا إيه عشان نمشي..؟!
استنتجتُ أنه قد توصل لإسمي من لوحة المُدير الموضوعة علىٰ المكتب، وقد كانت تلڪ القشة!
- أنا مش أستاذ عادل، أستاذ عادل هو صاحب الفُندق، أمَّا أنا فَأنا دعوة أم واحد أو واحدة فيكوا عليه في ليلة سماها كانت مفتوحة، عشان أنا كُنت موجود صُدفة لحظة وقوع الحادثة.
هنا سأل راتب:
- حادثة؟! حادثة إيه يا باشا..؟
ردَّدتُ قائلًا:
- سمر إتقتلت إمبارح في أوضتها الموجودة هنا في الفُندق، والقاتل ساب ورقة تحت مخدتها مكتوب عليها أساميكوا إنتوا التلاتة ومعاها رسالة.
سأل عابد:
- رسالة إيه يا باشا؟
وكان ردّي تلڪ المرة بمنتهىٰ الحزم:
- مش شُغلڪ!.. إنتوا الخمسة موجودين هنا عشان نعرف مين فيكوا إللي قتلها.
وبمُجرد أن أنهيتُ جملتي سمعتهم جميعًا يصيحون بوجهي بأقوالٍ مُختلفة عن بعضها البعض، فمنهم مَن كان يسُبها ويلعنها هي واليوم الذي عرفها به، ومنهم مَن كان يُخلي طرفه من تلڪ الجريمة، ومنهم من كان يُحاول التحدث بمنطقية نظرًا لقرابته بها.. فكيف له أن يقتلها إذًا؟ ومنهم من كان الصدمة عليه أقوىٰ حتىٰ من أن يُخرج كلماتٍ مُترابطة.
فقاطعتُ كلماتهم التي لم تكن لتتوقف لولا أن فعلتُ هذا بقولي:
- أنا خلصت كلامي، قُدامكوا تلت ساعات وهجمعكوا تاني واحد واحد.
بعدها استعنتُ بأمن الفُندق للتحفُّظ علىٰ كُلًا منهم لوحده بغُرفة مُختلفة عن الآخر لعدم ترابط الأفكار فيما بين المُتهمين.
* * *
أنت تقرأ
جرافولوجي | Graphology
Mystery / Thrillerإنه ذلك الفندق الردئ الذي شاء قدره العظيم أن يستقر به العراب مُصطفى نزية لتلك الأجازة القصيرة.. وقد كان هذا قبل أن يتم اكتشاف أن إحدى النزيلات بالفندق قد قامت بالانتحار، قبل أن تُترك ورقة عليها اعترافها بالانتحار.. ليكتشف العظيم مُصطفى نزية عبر تمرس...