كان بالكاد جالسًا بإنتصاب أمامي، فقد كان يقع بمصيدة التغافل من الحين للآخر. إنه الليل بطوله له وهو مُستيقظ بمكانٍ غريب دون أن يعلم أية تفاصيل عن سبب وجوده به.
- .. مقولتليش يا أستاذ شُهدي؛ إيه إللي خلّاڪ تشغّل واحدة عندڪ في الكافيتريا وإنت عارف كويس إنها هربانة من البيت، ده غير إن سُمعتها كانت زي الزفت؟
كانت عيناهُ حمراء كالجمر!
- .. أكل العيش مُرّ يا باشا، أنا عارف كويس قوي يعني إيه آنسة شابة تختار إنها تنزل تتهزئ يوميًّا مُقابل قرشين آخر الشهر، فَمش هبقىٰ أنا والزمن والظروف عليها.
تبسَّمتُ ضاحكًا فبدت علامات التوتر علىٰ وجهه، بالرغم من أن أكبر همَّهُ حاليًا هو أن ينام، إلَّا أن توتره كان من شئٍ آخر الآن.
هنا ارتفع صوتي مُناديًا علىٰ عادل، ففُتح الباب من الخارج لتدخل آنسة بأوائل العشرينات من عُمرها، عاقدةً أياديها من أمام قدميها كنوعٍ من التوتر، وقد بدت علامات التعجب المُمتزجة بالقلق علىٰ وجه راتب شُهدي.
أشرتُ لها بأن تجلس علىٰ الأريكة الموجودة بالمكتب فَفعلَت.
- منار، شغالة عندڪ؛ أكيد فاكرها، هي بصراحة كانت مُتعاونة جدًا من بعد ما عِرفت إن الموضوع له علاقة بالشرطة عمومًا وله علاقة بيڪ خصوصًا.
كان يتأملها بعيناه ويتأملني بأذناه.
- .. المُهم، منار قالتلي كلام غريب جدًا عن واحد كبير زي سعادتڪ يا أستاذ راتب.
هنا تأملني بعيناه وأذناه، فأكملت:
- قالت إنڪ كُنت بتتحرش بيها كُل يومين تقريبًا، مش هي وبس.. هي وكُل واحدة جديدة كانت بتدخل المكان؛ كارت تعارف يعني.
هنا توقف راتب علىٰ قدماه صائحًا:
- إيه الكلام إللي إنت بتقوله ده؟ إنت...
أخرجتُ مُسدسي من داخل سُترتي وقد أشهرتُ به نحوه ليجلس، ففعل بعد نصف دقيقة من الفزع، وقتها أكملت:
- ديه مش قضيتي يا راجل يا عايب!.. أنا كُل إللي عاوز أعرفه إنت عملت كدة مع سمر ولّلا لأ؟
صمت قليلًا، ثم قال:
- لأ.
- تعرفها من إمتىٰ؟
- يمكن سنتين.
هنا رمقتُ منار فأجابت:
- يعرفها من أكتر من تلت سنين ونُص يا باشا، وسمر بعظمة لسانها قالتلي إنه إتحرش بيها أكتر ما قبّضها.
التفتُّ له وقد وضعتُ كلتا يديَّ علىٰ خصري وكأنني أخبره أنه قد أخطئ بكذبه عليّ.
- راتب، متخليش مُصيبتڪ مُصيبتين! أنا مش هحاسبڪ علىٰ التحرشات إللي كُنت بتعملها ديه، بس مُمكن قوي أحاسبڪ علىٰ تُهمة إنت معملتهاش بكذبك علـيَّٰ!.. أحسنلڪ، ولآخر مرة هقولڪ؛ جاوبني بصراحة.
ثم قُلت:
- تعرف سمر من إمتىٰ وإيه آخر التطورات إللي حصلت بينكم؟
هنا قال راتب بنبرة قد أدعوها صادقة:
- من تلت سنين ونص يا باشا، زي ما قالت منار.
- علاقتكوا وصلت لفين؟
هنا انفعل راتب بنبرة صوته وغرار تحدثه:
- بُص يا باشا، سمر ديه مَرة كدابة! عشان العلاقة بينّا أصلًا كانت مُبتادلة، وإلَّا مكانتش فضلت كُل ده في الشُغل..
يا لها من نظرية!
- .. بس فكرة التحرش والهبل إللي بيتقال ده مش حقيقة.
- آخر مرة جَتلڪ الشُغل كانت إمتىٰ؟
- من حوالي اسبوعين، وأنا قلت عادي لإنها كانت متعودة تغيب عنّا في الشغل بالأيام، وأنا كُنت بحاسبها برضه بطريقتي علىٰ الأجازات ديه.
* * *
أنت تقرأ
جرافولوجي | Graphology
Mystery / Thrillerإنه ذلك الفندق الردئ الذي شاء قدره العظيم أن يستقر به العراب مُصطفى نزية لتلك الأجازة القصيرة.. وقد كان هذا قبل أن يتم اكتشاف أن إحدى النزيلات بالفندق قد قامت بالانتحار، قبل أن تُترك ورقة عليها اعترافها بالانتحار.. ليكتشف العظيم مُصطفى نزية عبر تمرس...