وقعت عينيَّ لا إراديًّا علىٰ ساعتي قبل لحظاتٍ من دخول فنجان القهوة الثالث لي بتلڪ الليلة وبتلڪ القضية المُميزة، فتناولته من علىٰ الصفحة التي كان يحملها عادل تمامًا كصبيان الشاي بمُديرية الأمن.
- شكلك تُحفة وإنت شايل القهوة!
صدرت مني دون رقيب، فتجاهل عادل الرد عنها لعدم وجود من يرانا أو يسمعنا بالمكتب. وبعد أن تأكد من تناولي للقهوة جلس بفنجان القهوة الخاص به.
- يعني سمر كانت معتبرة راتب الحُضن والدفىٰ إللي ملقيتهوش في أبوها.
أشرتُ نحوه؛ فقد كان هذا هو التحليل النفسي الأقرب لحالتها.
- بالظبط، لو إتكلمنا في الموضوع من الناحية النفسية، و ده بيأكد نظرية إن أبوها غلط في حقها فِ حياته، وأمها لأ؛ وإلَّا كانت اعتبرت رويدا هي كمان حُضن.
عقد عادل حاجبيه.
- .. أقصد يعني ساعات بنلجأ لحد في مكانة أهلنا لـمَّٰ بتكون في بينا وبينهم مشاكل، وبنعتبر الحد ده برضه من مكانة أهلنا؛ بس الكلام ده كُله بيحصل في حالتين، تأثير من الأهل وضعف من إرادة الطرف التاني.
فأومئ عادل برأسه علامة الإيجاب مؤكدًا استيعابه الأمر، بعدها توقفتُ علىٰ قدميَّ كعادتي ما إذا أردتُ تحليل موقف ما، وقد تجولتُ بالمكتب عاقدًا يديَّ من وراء ظهري.
- عابد حسَّان أهبل، ولِسَّه خارج من الخانكة من مفيش كام سنة، ولو افترضنا إن سمر كانت بتعامله كأخ أو كصاحب أو بير أسرار فَده عشان هو مُتخلف عقليًّا وعُمره ما هيمسڪ الكلام عليها.
- بالظبط.
قالها عادل بعد أن تناول رشفة من قهوته.
- .. وسامي سرور كان من عيلة كويسة، وسمر كانت عاوزة تتجوزه عشان تبدأ صفحة جديدة مع الدُنيا، وترجع تاني للمكانة إللي كانت مكفياهالها عيلتها الكبيرة.
ثم عبثتُ بساعتي لأواري توتري وتركيزي وأنا أردد:
- .. ومحمود عباس عارف حاجة كبيرة بس مخبّيها والحاجة ديه هي إللي مخلّياه مش متعاطف معاها، غير إنها مخلّية شكله وحش بالمشاكل إللي بتجيبهالُه كُل شوية بصفته قريبها، مُعيد زي محمود عباس وبيدّي دروس في جامعة القاهرة مُمكن يكون موقفه حساس شوية.
فأكمل عنّي عادل:
- .. و رويدا أقرب واحدة ليها.
التفتُّ له قبل أن ابتسم لا إراديًّا من أهمية إفادته، ثم قُلت:
- أنا مستنّي مُكالمة مُهمة من حد زميلي هو إللي هيخلّصلنا الحيرة إللي إحنا فيها ديه.
وبينما كُنتُ بتركيزي قاطعني أن طَرق أحد العُمال باب المكتب، ففتح له عادل ليجده يُخبره بمُشكلةٍ ما حدثت لأحد النُزلاء المُهمين، والتي تتوجب أن يكون عادل بنفسه حاضرها.
فاستئذن منّي الأخير قبل أن يرحل، وبمُجرد أن فعل رن هاتفي من الرقم المنشود، فقُمتُ بالرد بملامح مُنتبهة للفراغ.
- ... تمام، معاڪ.
* * *
أنت تقرأ
جرافولوجي | Graphology
غموض / إثارةإنه ذلك الفندق الردئ الذي شاء قدره العظيم أن يستقر به العراب مُصطفى نزية لتلك الأجازة القصيرة.. وقد كان هذا قبل أن يتم اكتشاف أن إحدى النزيلات بالفندق قد قامت بالانتحار، قبل أن تُترك ورقة عليها اعترافها بالانتحار.. ليكتشف العظيم مُصطفى نزية عبر تمرس...