الفصل الاول: "ذِكْرَىٰ"

2.8K 108 15
                                    

تنويه: سيتم تعديل الفصول الثلاثة الأولى بعد إكتمال الرواية، و لكنه تم تعديل السرد بداية من الفصل الرابع، و أقول ذلك لعدم الحكم عليها من بدايتها.

*★*★*★*★*★*★*★*★*★*★*★*★*

"انتِ كنتِ اكبر غلطة عملتها فحياتي و لازم أصلح الغلطة دي...انتِ طالق"

استفاقت من تلك الذكرىٰ المؤلمة التي حاولت على مدار ستة سنوات ان تنساها و لكن لم تستطع، هل من الممكن ان نستطيع ان ننسىٰ الجراح التي تركها لنا اقرب الاقربين، على ما اظن ف الاجابة هي لا، هي ايضًا ظلت ست سنوات تجاهد في ان تتخطىٰ تلك الذكرى القاتلة بالنسبة لها و لم تقدر، عقلها استطاع المُضي قدمًا لكن قلبها مازال يقف عند تلك اللحظة، هذه الكلمات كانت بمثابة النصل الذي اخترق قلبها و لم تستطع اخراجه، بل من الصعب ان تخرجه، هي إن اخرجته ستموت حتمًا، لكنها فضلت ان تبقيه كي يذكرها دائمًا كلما كانت على وشك الوثوق بأحد.
ظلت شاردة بضع دقائق و افاقها من شرودها صوت انين ابنتها بجانبها، ضمتها بقوة فمن المؤكد انها كانت تحلم بكابوس، ظلت ضامة لها حتى غفوت هي الاخرى.

"في الثامنة صباحًا"

كانت تتجه "نيار" الى مقر شركتها التي ورثتها عن والدها بعد ان اقلَّت ابنتها "تالين" الى الروضة، كانت تدرو برأسها العديد من الافكار التي تخص العمل فهي على وشك عقد واحدة من اكبر الصفقات في تاريخ الشركة، فشركة والدها متخصصة في انتاج الالبومات الغنائية لأشهر المطربين، و اليوم هي تتعاقد مع احدهم، هي إلى الان لم يُبخبرها مدير اعمالها من هو ذلك المطرب، كل ما قاله لها انه اشهر مُطرب في الفترة الحالية، إذن فلننتظر لنعرف، وصلت سيارتها الى الوجهة المحددة و بمجرد ان دلفت الى الشركة وقف الجميع احترامًا لها، فمن المعروف عنها انها صارمة جدًا بالعمل، صعدت الى مكتبها، و بعد خمس دقائق تقريبًا دلف الى المكتب مدير اعمالها "رحيم"
نيار: ها يا رحيم البيه هيشرف امتى؟
رحيم: يا فندم هو المفروض يكون هنا الساعة خمسة.
نيار: نعم!! خمسة ده اية ان شاء الله، انت عارف اني مش بحب اطول فالشركة
رحيم:بس يا فندم ده جاي من لندن علشان كدا حددنا المعاد ف الوقت ده
نيار: انا مليش دعوة انا مش هينفع معايا المعاد ده، و كمان النهاردة عيد ميلاد تالين.
رحيم:طب هنعمل اية يا فندم
نيار: الغي المعاد اصلًا و أجله لبكرة.
رحيم: بس يا فندم..
نيار: مفيش بس يا رحيم، اتفضل على مكتبك دلوقتي و ابعتلي ارقام اشطر مصممين الحفلات علشان يبتدي شغل ف البيت قبل ٧ بليل.
رحيم: حاضر يا فندم، اي اوامر تاني؟
نيار: لاء شكرًا تقدر تتفضل.

و بالفعل قام رحيم بإحضار رقم اشهر مصممي الحفلات لنيار، اتفقت معه على ديكورات بيتها الكبير من اجل الاحتفال بعيد مولد ابنتها "تالين"، فهي اغلى شئ بحياتها، هي تعيش من اجلها فقط، ف كل شئ مات بها منذ ستة سنوات، لكنها حاولت التماسك لتقوى على تربية ابنتها بمفردها بعد ما فعله والدها بهم، حقًا لقد ندمت انها احبته في يوم من الايام، هو من اذاقها الخذلان،و الجرح، و العذاب، لكنها تعلمت الدرس و بشدة ايضًا، كلما تتذكر اليوم الذي تركها به وحيدة غير قادرة على فعل اي شئ، تركها بأكثر الاوقات كانت تحتاجه بجانبها، لكنها اكتشفت انه مزيف، تظل كل يوم تتألم، هي الى الان لم تقدر على مداواة جرحها، بل ما زال ينزف الى هذه اللحظة، لكنها ادركت انه قد انتهى عصر الضعف بالنسبة لها، و حان عصر القوة لتواجه جميع مصاعب الحياة و جروحها.
بعد انتهاءها من العمل اتجهت الى احد اكبر محلات الالعاب لتشترى اجمل هدية لـ"تالين"، بل هديتين ليس هدية واحدة، هدية منها و هدية و كأن والدها الذي ارسلها، هي دائمًا ما تقول لصغيرتها ان والدها خارج البلاد و لا يستطيع القدوم، لكن بكل عيد مولد لها تحضر هدية و تعطيها اياها و تقول لها ان والدها من ارسلها، مهما كان مدى كرهها له لا يجب ان تشوهه صورته امام ابنته التي حتى لا يعلم انها موجودة بالحياة.
انتهت من تحضير كل شئ للحفل و دعت جميع اهالي اصدقاء ابنتها، حتى لا تشعر الفتاة بأنها وحيدة، ابتاعت لها ثوب من اجمل الثياب للحفل فليس هناك اغلى من طفلتها، بدأ الضيوف بالحضور و وقفت لاستقبالهم و الترحيب بهم حتى اشارت لها المربية بأنها اكلمت تحضير الصغيرة، صعدت "نيار" الى غرفة "تالين" لتحضرها، فكانت تشبه الاميرات.
تالين: شكلي حلو يا مامي.
نيار: قمر يا قلب مامي.
تالين و قد تجمعت الدموع في عينيها و تحدثت ببراءة: مامي هو بابي مش هيجي عيد ميلادي ده كمان؟
نيار و قد حزنت هي الاخرى بسبب ذلك السؤال: يعني هو انا مش كفاية؟
تالين: لاء مش قصدي انا بحبك اوي بس.. بس كل صحابي عندهم بابي و انا مش عندي.
نيار: يا حبيبتي انا قولتلك قبل كده ان بابي مش بيعرف ياخد اجازة.
تالين: بس يا مامي انا نفسي اشوفه اوي مش بس ف الصور.
نيار: حاضر ليكي عليا يا ستي انا هكلمهولك و اقوله انك زعلانة و اخليه يجي.
تالين: بجد يا مامي.
نيار: طبعًا بجد.
و اخرجت "نيار" الهدية اللي احضرتها لــ" تالين" و كأنها من والدها.
نيار: غمضي عينك.
اغمضت الصغيرة عينيها و هي متحمسة للغاية.
نيار: فتحي يلا.
تالين: واااو دي حلوة اوي شكرًا يا مامي.
نيار: بس دي مش هديتي.
تالين: اومال مين اللي جابها؟
نيار: بابي هو اللي جبهالك.
تالين: طب هو فين؟
نيار: ما قولنا يا قلبي انه مش عارف ياخد اجازة بس هو بعتلك الهدية علشان عارف انك اكيد زعلانة منه.
تالين: لاء خلاص انا مش زعلانة منه.
نيار: اوكيه يلا ننزل بقاا اتأخرنا اوي.
تالين و عينيها تلمع من الفرحة: يلاا بينا.

"في الشركة"

: انا مش فاهم يعني ازاي تأجل المعاد لبكرة، ليه مقولتلهاش اني جاي من لندن مخصوص و معنديش وقت اني استنى.
رحيم: يا استاذ تيِّم ممكن تهدىٰ انا قولتلها والله بس هي رفضت علشان عندها مناسبة مهمة النهاردة.
تيِّم: و المناسبة دي اهم من العقد؟؟
رحيم: حضرتك المناسبة دي عندها اهم من اي حاجة.
تيِّم: و ياترى اية هي ؟؟
رحيم: حضرتك النهاردة عيد ميلاد بنتها الوحيدة و لازم تبقى جمبها.
تيِّم: و هي يعني البنت مفيش حد يقدر يقعد معاها الحبة دول ؟
رحيم: يا فندم المدام مُطلقة و جوزها سايبها و ميعرفش حتى ان عنده بنت و هي بتعاني بسبب الموضوع ده.
تيِّم: تمام انا هقدر ظروفها المرة دي و ياريت هي بعد كدا تقدر ظروفي.
رحيم: تمام يا فندم و ان شاء الله اخر كلام المعاد بكرة الساعة ٢.
تيِّم: تمام.

*******

في منزل تيِّم

دلف تيِّم للمنزل بعد يوم مرهق، و ملامحه يملؤها الضيق بسبب هذا الاجتماع الذي تم تأجيله.
تيِّم: عالياا انتِ فين، عاليااا.
الخادمة: مساء الخير يا بيه، عاليا هانم نايمة.
تيِّم: طيب، ممكن تحضريلي العشاء علشان ميت من الجوع.
الخادمة: تحت امرك يا تيِّم بيه.

اومأ لها تيِّم و جلس على اقرب اريكة و وضع رأسه بين كفيه، يقارن حياته الآن بحياته سابقًا، فمنذ تزوج من تلك الــ"عاليا" و حياته انقلبت رأسًا على عقب، هي كثيرة السهر، يوميًا تذهب مع اصدقاءها الى النوادي و الحفلات الصاخبة، و تظل نائمة طوال النهار لا يراها بتاتًا، حياته معها مملة للغاية، فسابقًا كان يحظى بجميع انواع الحب و الاهتمام، كانت حياته مليئة بالحيوية و المشاعر الجياشة، كان لديه حب والدته و اخته و اصدقاؤه و حبيبته الاولى و الاخيرة... ، لكن الان لم يعد بحياته سوى الجفاء، هو من فعل ذلك بذاته هو من خسر كل هؤلاء، ولكنه كان دون ارادته فعل ذلك رغمًا عنه، هو لم يريد ان تتدمر حياته بهذا الشكل، لكن كان هذا رأى القدر.

(Flash Back)

_بتحبيني قد اية؟
قالت بعيون تشع عشق=بحبك اكتر من حياتي كلها، انت اصلًا حياتي و روحي اللي مقدرش اعيش يوم من غيرها، انت بقا بتحبني قد اية؟
_انتِ النفس اللي بتنفسه انتي حبيبتي الاولى و الاخيرة و اللي مستحيل واحدة تدخل قلبي غيرك او اكون مِلك حد تاني غيرك.
=ممكن ف يوم تسيبني و تكسر قلبي ؟
_مستحيل، انا من غيرك اموت.
=اوعدني انك عمرك ما هتيجي ف يوم و تتخلى عني.
اردف بحب _اوعدك يا قلبي ان اليوم ده مستحيل يجي.
(Back)

تيِّم و قد تكونت طبقة من الدموع على مقلتيه: انا آسف، آسف يا حياتي، جه اليوم و سيبتك بس صدقيني كان غصب عني.
و اخرج صورة لها من جيبه و اخذ يتطلع بها و دموعه اغرقت وجهه و اردف.
تيِّم: بحبك، و هفضل احبك طول عمري يا عمري.

********************************

تعريف الشخصيات :

نيار الالفي: امرأة في الثانية و الثلاثين من عمرها، مطلقة و لديها طفلة، سيدة اعمال مشهورة للغاية في عالم انتاج الالبومات الغنائية، شعرها بالكاد يغطى رقبتها و به تموجات خفيفة و ذا لو بني غامق، و عنينيها بنية اللون ايضًا تشبه لون البندق، بشرتها قمحية عادية لا يوجد بها اي شئ مميز.
تيِّم النُصيري: شاب في نفس عُمر نيار جسده قوي و لديه عضلات، شعره بني، و خفيف ليس كثيفًا، و عينيه تتمتع باللون العسلي، و لديه غمازيتين يعطيانه جاذبية رائعة حينما يبتسم.
رحيم محسن: شاب في الخامسة و الثلاثين و يعتبر اقرب الاشخاص من نيار هذه الفترة و هو مدير اعمالها، ليس طويلًا ولا قصيرًا في المنتصف، ملامحه جميلة، و شعره طويل قليلًا و يربطه من الخلف.

 أين أنتِ؟ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن