البداية .
بملامح شاحبة ووجهٍ بدا عليه الإرهاق وكأنه يحمل أثقال العالم، ترجلت ٱيلين من سيارتها، التي أوقفتها بعناية في حديقة منزلها. كان المعطف يتدلى من إحدى يديها، بينما قبضت على حقيبتها باليد الأخرى. الساعة التاسعة ، والصمت يغمر الأجواء، وهي تخطو نحو بيتها بعد غياب طويل أثقل كاهلها بالهموم. كانت تدرك جيدًا أن عليها أن تصوغ تبريرًا مقنعًا لهذا الغياب المفاجئ الذي سيُثير بلا شك الكثير من التساؤلات.
محاولتها إخفاء إصابتها كانت بارعة، وكانت فصول الشتاء في صفها، حيث ستساعدها الملابس الثقيلة على تمويه الجرح الذي يتربص تحت جلدها. ولجت إلى المنزل بخطواتٍ وئيدة، غارقة في الظلام الذي يخيم على كل زاوية فيه. راحت تصعد الدرج، باتجاه غرفتها، وكل ما كان يشغل تفكيرها هو حاجتها الماسة إلى حمام ساخن يطهر الجرح المتعمق في جسدها. لكن بين هذه الرغبة الملحة وحاجتها لرؤية الطبيب كان هنالك صراع يتجدد.
عندما وصلت إلى غرفتها، ألقت ما بيدها على الأريكة المجاورة للسرير، وكأنها تفرغ نفسها من حمل ثقيل. توجهت مباشرة إلى الحمام، وغمرت نفسها في مياه ساخنة تنساب على جسدها، كأنها تأمل أن تذيب آلامها وتطهر جراحها. رغم الألم الذي يعتصرها، تحملت حرارة الماء، مستمدة منها بعض الراحة.
بعد ساعتين من الاسترخاء والشعور بالشرود في خضم أفكارها المتشابكة، استلقت على سريرها ببيجامة بيضاء حريرية، ناعمة كأنها تلامس الحرير لأول مرة. حدقت في السقف، وعيناها تنطقان بالأفكار التي تملأ رأسها. ولكن، عمن كانت تفكر؟
كان الجواب واضحًا كوضوح الليل: إنه آدام. ذلك الرجل الذي أثار زوبعةً في حياتها وجعل أفكارها تتشابك بلا هدوء. كان تصرفه الأخير غير متوقع، وخصوصًا بالنسبة لها، إذ تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها لنفسها. بعيدًا عن مهمتها الاستخباراتية، كان ما فعله آدام خطأً في عرفها الشخصي.
بعد مغادرتها المطعم، استرجعت تفاصيل اللحظات التي عاشتها، لتدرك أنها أخطأت بالسماح له بفحص جرحها، فقد كان ذلك خطأً فادحًا. لكن ما أثار دهشتها هو السؤال الذي ظل يتردد في ذهنها: كيف سمحت له بالوصول إلى هذه النقطة؟ لا شك أنه شخص إذا أراد شيئًا، فإنه يسعى لتحقيقه بلا هوادة، وقد نجح بالفعل في تحقيق مبتغاه.
لقد نجح في تشتيت كيانها، فبعثر أفكارها ومشاعرها في آن واحد. لكن ما أرقها حقًا كان كلماته الأخيرة؛ ترى، ماذا كان يقصد بها؟ هي التي اعتادت فهم كل حديث مبهم أو رسالة مشفرة، إلا أن تلك الجملة الأخيرة كانت تخفي وراءها شيئًا لا يزال غامضًا بالنسبة لها.
كانت تحاول جاهدةً فك شيفرة الكلمات التي ألقاها على مسامعها.
"اجتازتِ الحدود المحظورة..."، همس بها وكأنه يفتح لها باباً نحو عالم لم تعرفه من قبل. الوصيلة... هل كان يقصدني بها؟ تساؤلات تتشابك في عقلها، مثل شبكة معقدة من الخيوط التي يصعب تتبع نهاياتها.
أنت تقرأ
أضعٍفني عٍشُقٌڪ
Actionتُصبح "آيلين" فتاة الاستخبارات الإيطالية الجريئة، لاعبةً رئيسيةً في لعبةٍ خطيرةٍ تُمزج فيها بين الحبّ والواجب. تُكلف "آيلين" بمهمةٍ لا تُنسى في شوارع روما الراقصة، حيث يجب عليها مراقبة وتجنيد عميل محتمل يعتبر تهديداً لأمن الدولة. لكن ما لم تكن "آيلي...