مسافر عبر الزمن

240 27 22
                                    


لطالما حذرته من ما يفعله، ليس لكونه سيكون سبب وفاته في يوم ما، بل لأنني سأكون متضررًا مثله تمامًا.

_____________

أخيرًا وصل إلى الشقة المطلوبة، متصببًا عرقًا رغم برودة الجو، عيناه حمراوتان ووجهه شاحب. من يراه يظن أنه سيغمى عليه في أي لحظة وبالتأكيد لن ننس تلك الرائحة البشعة التي تفوح منه، لكن كل ذلك لا يهم فهو قد وصل أخيرًا رغم الصعوبات.. وسينقذ صديقه!

أمام الشقة التي ألفها في مرحلة شبابه وقف ليوناردو ليلتقط أنفاسه، لا تزال الساعة السابعة إلا عشر دقائق ما يعني أن ساكن الشقة لا يزال داخلها بسبب اضطراره للنوم متأخرًا كل ليلة وبالتالي استيقاظه متأخراً صباحاً.

ترامت إلى مسامعه أصوات تحركات خفيفة من داخل الشقة فعلت ملامحه إبتسامة صفراء واسعة ثم سرعان ما طرق الباب بقوة هاتفًا:
-مايكل، مايكل افتح الباب..

ساد صمت داخل الشقة بينما تابع ليوناردو طرقه المتعجل إلى أن فُتح الباب على مصراعيه كاشفًا عن مايكل، وليس أي مايكل.. بل مايكل أنجلو نفسه الذي ألف ليوناردو شكله من ذكرياته عنه.

شاب أشقر نحيل الجسد طويل القامة، تعلو ملامحه دائمًا ملامح مستاءة ويفضل إرتداء الواسع من الثياب التي تجعله يبدو مريب الشكل دائمًا. ورغم شكله هذا إلا أنه كان تمامًا ما يريد ليوناردو رؤيته.

اغرورغت عينا ليوناردو بالدموع بينما بدأ مايكل المستاء الحديث قبل أن يقاطعه عناق ليوناردو الكبير:
-ماذا الآن؟ هل..

-لقد، لقد اشتقت إليك، لا تعلم كم تمنيت دائمًا، دائمًا رؤيتك.

-ماذا؟
وقبل أن يستفسر أكثر غمرت أنفه الرائحة العطنة التي جعلته يدفع به بعيدًاعنه بإشمئزاز.

حزن ليوناردو قليلًا لردة الفعل التي توقعها لكنه سرعان ما عاد لإبتسامته المشتاقة وقال:

-لم تعرفني، أليس كذلك؟ بالتأكيد لم تعرفني فأنا أكبر من ليوناردو الذي تعرفه بعشر سنوات.

-ماذا؟

كرر مايكل بنفس النبرة ليتابع ليوناردو:

-إنه أنا يا مايكل، ليوناردو دي ماريا صديق طفولتك! أعلم أن ما سأقوله سيبدو مجنونًا لكنها الحقيقة ويمكنني إثبات ذلك..

وفي ظل صمت مايكل تابع ليوناردو حديثه:
-أنا ليوناردو لكني لا أبدو مثل الذي تعرفه لسبب واحد، أنني قادم من المستقبل!

ثوانٍ دون تعليق رمقه فيها مايكل ثم أخيرًا أخرج نفسًا عميقًا وقال بعد أن نكش شعره الكثيف:

-وكيف يمكنني تصديق ذلك! السفر عبر الزمن مستحيل! قد تكون مجرد مجنون يشبه ليوناردو جاء ليسرقني.

علا الحماس ملامح ليوناردو وقد اقترب مع ابتعاد مايكل خطوة، أجاب:

-هو مستحيل بمقاييس هذه الأيام لكنه بعد عشر سنوات أصبح مكننًا، انظر...

وقفات قصيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن