تجاوز الوقت الثانية عشرة مابعد منتصف الليل عندما قرر صخر أن الوقت قد حان لبدء العمل. يوم طويل من التخطيط إنتهى بأن جهز خطته المحكمة لإقتحام منزل أفعوان الذي يقع في ضاحية المدينة.
لم يكن صخر قد زار المنزل الكبير من قبل لكنه كان دائمًا ما يرى جيرانه وهم عائدون من هناك بغنائمهم المتنوعه لتتراكم في داخله الرغبة بإقتاح ذلك المنزل. وكما في كل ليلة وفور إغلاقه لكل الأنوار في المكان خرج صخر عبر باب منزله الصغير إلى حيث المدينة الهادئة.
غشي المكان الظلام، اكتست صفحة السماء بالسواد كأن القمر وأصدقاءه النجوم عقدوا إتفاقًا بمساندة صخر في مهمته، ليجعله ذلك يتقدم منتشيًا منذ الآن بنجاح مهمته.
لم تكن ظلمة السماء وحيدة بل أظلمت جميع بيوت المدينة تباعًا فور خروج صخر لتجعل من الأفق الممتد أمامه كلوحة سوداء رسمها فنان مصاب بالإكتئاب، ورغم ذلك إلا أن صخر كان يمشي بثقة خفاش ذاهب لإصطياد فريسته متجاوزًا في سيره جميع من مروا به بخفه شخص محنك.
سرعان ما وصل صخر إلى وجهته، منزل أفعوان الممتد، مساحته الكبير كانت السبب في سهولة اقتحامه لذلك لم يتوقع صخر أن يجد أحدًا يتسلل خارجًا من نفس الموضع الذي إختاره هو. ذعر الإثنان للحظة لكن وفي إتفاق صامت تجاهلا بعضهما وقفز الآخر برشاقه رغم كونه يحمل بين يديه كيسًا داكنًا وثقيلًا تصدر منه ضوضاء متعددة.
خشي صخر أن يكون قد وصل متأخرًا وأن الآخر قد حظي بكل المقتنيات الثمينة لهذه الليلة، لكنه ذكر نفسه أن الأثمن دائمًا ما يكون بعيدًا عن الأعين غير المتمرسة، وهو بالتأكيد متمرس بما فيه الكفاية ليرى كل شيء.
وبحذر أكبر اقتحم صخر المكان ليجد كما توقع أن جميع المقتنيات الظاهرة قد تمت سرقتها قبل وصوله مما يعني أنه قد تأخر بما فيه الكفاية ليسبقه سكان المدينة إلى غنيمته، لكن تأخره لم يثنيه وتقدم بين غرف وممرات المنزل المظلمة وهو يبحث في تلك الأماكن التي لا تخطر على قلب بشر.
المطبخ حيث تواجدت بواقي طعام اليوم متناثرة في قدور فخاريه مختلفه، أدخل صخر ملعقة خشبية التقطها من الأرض وحركها تباعًا لتصطدم كما توقع بشيء صلب في الداخل.
أخرج غنيمته الأولى والتي لفت في كيس قماشي مربوط بإحكام وبعد محاولات عدة فتح الكيس عن غنيمته، عقد زين بأحجار كريمة ملونة ومختلفه الأشكال والأحجام، لابد أن هذا لم يكن شكله الأصلي بل أن سارقه أو سارقيه السابقين كانو يضيفون إليه كل جديد من مسروقاتهم حتى بدا بهذا الشكل مما يرفع قيمته إلى حد كبير.
أشرقت ملامح صخر البائسة وهو يعاين غنيمته الأولى لكنه قصر إحتفاله عندما سمع صوتًا يدل على إقتحام آخر للمكان. لقد إزداد منافسوه.