- لا تتخذ قرارا وأنت في قمة سعادتك -
من المُسَلمات التي أُسيّر بها حياتي أن اليوم الذي يبدأ بحَدث سيئ سيستمر كاملًا بنفس السوء، هكذا استطيع الإستمرار في يومي دون الكثير من الآمال الزائفة بأن تتحسن الأوضاع.
ليس تشاؤمًا والعياذ بالله، بل من منطلق أن المصائب لا تأتي فرادى، وأن هناك حكمة من كل ما سأمر به من عثرات خلال هذا اليوم لذلك علي فقط بالصبر والإستمرار بقوة دون أن أدع هذه العثرات تهزم تفاؤلي!
استيقظتُ في وقت مبكر نسبيًا لكوني قد نمت مبكرة البارحة وذلك بسبب عودتي متأخرة من العمل، متعبة ومنهكة ونِمت مباشرة دون تفكير. سمح لي ذلك بأخذ قسط كافٍ من النوم وأن استيقظ بنشاط أكبر.
استيقاظي بمزاج رائق سمح لي بالقيام بروتيني المعتاد بأريحية، صليت وأديت تماريني الصباحية، ساعدت أمي في إعداد الشاي وجهزت حاسوبي وأوراقي للعمل، بل وقد سمحت لأختي الصغيرة أن تسبقني في تجهيز نفسها لأجل الذهاب لمسابقة جمال العالـ... أقصد الجامعة واستغلال غرفتنا المشتركة براحتها ريثما تبادلت مع أمي آخر أخبار الحي.
يكون العالم جميلًا عندما تستيقظ مبكرًا وكل شيء يسير ببساطة.
وفور أن جاءت السادسة وعشرون دقيقة انتهى وقت التدلل وذهبت لأخذ ملابسي لأقوم بكيها لأستعد للخروج.
لماذا أقوم بكي ثيابي في الصباح بدلًا عن اليوم السابق أو عطلة نهاية الأسبوع؟
لأني أحب أن تكون ثيابي مكوية حديثًا فهذا يعطيني طابعًا أرقى ومنظرًا أجمل.أخذتُ ثيابي إلى طاولة الكي وأوصلت المكواه بالقابس منتظرة بصبر حتى تسخن ثم أوصلت هاتفي بشاحنه هو أيضًا بينما أتفقدت آخر ما حدث في مواقع التواصل. اكتشفت حينها أن صديقة طفولتي فاطمة قد اتصلت بي قرابة عشر مرات خلال ليلة البارحة بينما كنت نائمة وعندما لم أرد أرسلت مئات الرسائل لتخبرني فيها عن جديدها.
وصل شقيقها المغترب إلى البلاد أخيرا بعد غياب لأربعة سنوات قضاها في الولايات المتحدة لذلك تعيش الأسرة هذه الأيام في عيد جاء قبل أوانه، وبالطبع كعادة السودانيين عند عودة مغترب بعد غياب طويل يجب أن يقوموا بما يسمى 'كرامة' تذبح فيها الذبائح ويدعى كل من هب ودب لتناول الطعام على شرف هذا العائد.
قامت فاطمة بدعوتي وأهل بيتي للكرامة التي يتكون بعد غدٍ الجمعة ولكوني صديقة لها منذ الطفولة فلقد اعتدت على الذهاب ومساعدة عائلتها في مناسباتهم والمبيت لديهم أيضا لكني هذه المرة غير متحمسة لذلك. لماذا؟ لنقل فقط أن لدي خوفًا منذ الطفولة من شقيقها محمد هذا ولهذا لم أكن دائما من المتحمسين لكل ما يخصه.
لكن ليس وكأنني سأستطيع التهرب.
تنهدت وقد أرسلت لها موافقتي على المجيئ لبيتهم ثم قررت العودة لثيابي. وفقط وعندما وضعت الهاتف جانبًا ليشحن نفسه وأمسكت بيدي المكواة... أظلمت الدنيا في وجهي!