ما أكرهه أكثر من صباحات يوم الإثنين بعد عطلة نهاية الأسبوع هو صباحات يوم الإثنين بعد عطلة نهاية الأسبوع والتي اتأخر بالنوم فيها.
مسرعاً شققت طريقي عبر الماره حتى لا يفوتني قطار الثامنة والنصف صباحاً لكن وكعادة محطة قطار أنفاق مجلس المدينة المزدحمة كانت مهمتي شبه مستحيلة.
اعتذرت لهذا وذاك بينما اشق طريقي عبرهم ومثلي تماماً كان الكثير منهم يحاولون اللحاق بأعمالهم ومشاغل حياتهم مما جعل اعتذاراتي لا تصل إليهم.
ومثلما توقعت وبينما كنت أمر عبر ممر التذاكر رأيت القطار يغادر المحطة دوني.
كل ذلك الأدرينالين والذي كان يحفزني للجري بسرعة وخفه عبر الإزدحام تبخر فور رؤيتي لذلك وحل مكانه خمول تبعته تنهيدة لمعرفتي أن القطار القادم سيكون في التاسعة، وأنني لا محاله سأكون من المتأخرين، ولذلك قررت أن استغل النصف ساعة هذه في شرب القهوة التي فاتني شربها وقراءة الصحيفه.
توجهت بخطوات بطيئة متململه عبر الجموع المتعجلة ناحية نافذة القهوة والتي رغم ازدحام المكان كانت شبه خالية، لأن لا أحد كان لديه الوقت لشراء القهوة.
استلمت كوبي وتوجهت إلى خارج محطة القطار حيث منصة الجرائد. ولكون المحطة تقابل مجلس المدينة كانت جميع محتويات منصة الجرائد سياسية بحته، اصطف أمامها رجلان وسيدة وبين أيديهم الصحف الصادرة هذا الصباح وهم يتفحصون بإهتمام آخر الأخبار.
مثلهم وقفت وأنا ارتشف من كوبي تباعاً وعيناي تفحصان العناوين بإهتمام، وحينما قررت أي الصحف سأشتري وضعت كوبي على حامل منصة الصحف حتى أخرج محفظتي، فإذا بالسيدة على الجانب الآخر من المنصة تمد قطعتين نقديتين قائلة: سأخذ هذه، شكراً لك.
لم تحتج ذاكرتي لأكثر من هذه الكلمات حتى تنتعش وتتذكر صوتاً مشابهاً لهذا الصوت كان حاضراً في ماضيّ، التفت ناحية صاحبته والتي تركت المنصة لتكون هيئتها وهي ذاهبة كفيله بتأكيد شكوكي.
لم أفكر مرتين وأنا أنادي بأعلى صوتي عبر الجموع باسمها.. ولكون سماع اسمها في مكان كهذا أمراً لم تتوقعه التفتت وعلى وجهها ملامح متفاجئه باحثة عن هوية هذا الذي يعرفها.
التقت عينانا ومثل ما حدث معي لم تحتج للكثير من الوقت حتى تتعرف علي، إذ سرعان ما تحول تفاجؤ ملامحها لابتسامة يملأوها الحنين.
نسيت أمر الصحيفة وكوب قهوتي وأنا أخطو ناحيتها بتلهف متعجل تسبب في أن أدوس على قدم أحد الماره، بالنسبة له من يبدو أنه قد تأخر عن موعد مهم كان اعتذاري المتعجل وبابتسامة كبيرة أمراً فظًا لكنه فضل اللحاق بموعده بينما عدت أخطو ناحيتها...
كان لقاؤنا الأول عندما كنا طلبة في سنتنا الأولى من الجامعة. متوترين ومرتبكين كان علينا تقديم عرض علمي لمادة صعبة، ربع ساعة كان الوقت الذي منح لنا واحتجنا لثلاثة أسابيع من العمل الدؤوب للاستعداد لها، مما ساعد على أن تنمو صداقة بيننا تجاوزت حاجز كونها إمرأة وكوني رجلاً.