سارق المجوهرات

664 77 32
                                    

سبحان الله العظيم وبحمده

التصنيف: دراما - غموض

××××××××××××

بالنسبة لليليان كانت العودة للمنزل بعد وردية عمل طويلة في المشفى الذي تعمل فيه أمرًا تنتظره لكي تعوض ساعات السهر الطويلة التي تقضيها وهي تعني بمرضاها، إذ أن عملها كطبيبة مقيمة في سنتها الرابعة كان صعبًا يستهلك منها كل قواها الجسدية لكن هذا ما كانت تفضله.

أن تنشغل بنفسها وذهنها عن حقيقة أنها عندما ستعود للمنزل لن تكون والدتها موجودة لترحب بعودتها وتقدم لها وجبة دافئة قبل أن تغوص في سريرها وتعوض ساعات نومها.

لذلك كان إنهاك جسدها لآخر قدرات تحمله هي استراتيجيتها لتفادي هذه الحقيقة ومحاولة العيش في سكينة كاذبة.

وفي ذلك اليوم كان الأمر كذلك، عادت ليليان صبيحة يوم سبت خريفي بارد بعد وردية عمل استمرت ليومين متتالين، ركنت سيارتها في موقفها أمام المنزل الكبير فترامى لمسامعها أصوات تكسر وريقات الشجر تحت عجلاتها.

بين يديها حملت معطفها الأبيض وحقيبة مقتنيات المشفى ثم ترجلت لتخطو هي الأخرى فوق وريقات الشجر التي تحيط بمنزلها.

لاحظت لتوها أنها ومنذ قرابة شهر - أي منذ أن دخل فصل الخريف - لم تقم بجمع ورق الشجر الذي تساقط في الحديقة، بل لم تقم بجز أعشابها وتقليم شجرها منذ مدة هي أطول من ذلك، فأصبح شكلها كحديقة موحشة لمنزل هجره أصحابه قبل وقت طويل.

وقد كان الأمر أقرب لذلك إذ أن المنزل الذي ورثته من والدتها وورثته هي الأخرى من والدها أصبح شبه مهجور لا تبقى فيه ليليان إلا لقضاء ساعات نومها وغسل ثيابها، وغير ذلك هو خالٍ لا يخطو داخله أحد.

في العادة ما كانت لتنشغل ليليان بالأمر كثيراً وستتركه لحين تفرغها لكي تقضي كل حوائج المنزل معًا مرة واحدة، لكنها لاحظت لكون منزلها هو الوحيد في حيهم الهادئ الذي يبدو على هذا الشكل مما جعلها تتساءل عن ما يكون جيرانها قد قالوه عنها من وراء ظهرها. عن إهمالها للمنزل الذي أحبته والدتها.

زفرت بضيق وهي تخلي طريقها من وريقات الشجر الملونة متجهة إلى الباب، وفي صمت الحي ذلك الصباح دخلت لمنزلها.

لم يمنعها تعبها من أن تقوم بروتينها، وضع ثيابها في الغسالة، صنع عجة بيض مع كرواسون بالشكولاته اشترته في طريقها، الاستحمام وغسل شعرها ثم أخيرًا إرتداء ثياب النوم والتوجه لسريرها لكنها اليوم توقفت في منتصف طريقها لغرفتها.. حيث تقع على يمينها مباشرة الغرفة التي كانت تخص والدتها في يوم ما.

لم تخطو ليليان ناحية تلك الغرفة منذ قرابة تسعة أشهر حينما أغلقتها آخر مرة بعد جنازة والدتها، وما كانت لتخطو داخلها لمدة مماثلة وربما أكثر إلى أن يتعافى قلبها من ألمه ويصبح من السهل عليها دخولها، لكنها اليوم وبدون معرفة السبب توجهت إلى هناك.

وقفات قصيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن