٣

15.3K 140 1
                                    

عندما التفتت ووجدته هو ارتبكت .. فتحت فمها لتقول شيئا ولكن كل كلمات العالم اختفت فجأة .. كانت تلك الابتسامة الساحرة لا تزال على شفتيه .. وجدت شفتيها هي ايضا تبتسم .. ما الذي يحدث؟! .. والسؤال الاهم .. ما الذي سيحدث؟!

قال انه لاحظها بالصدفة عندما خرج الان للشرفة .. قال انه لم يعرفها في البداية .. قال ان الفستان يليق بها تماما .. ماذا .. ماذا قال؟!

تذكرت كلمة واحدة .. شكرا .. قالتها له .. أي شيء بدل من الخرس الذي أصابها .. هل قال ان الفستان يليق بها فعلا؟! .. تماما؟ .. قال يليق بها تماما؟!

سألها اين كانت طوال الحفل .. قالت انها كانت جالسة .. ثم أشارت على مقعديها السابقين .. اعتذر انه لم يرها فقد كان مشغولا .. كادت تقول له انها تعرف انه كان مشغولا .. وتعرف من اللاتي كان مشغولا معهن .. ولكنها لم تقل شيء .. ثم قررت ان تقول له ان لا بأس .. هل يرى فعلا ان الفستان يليق بها؟ .. تماما .. قال تماما ..

قال شيئا عن متاعب العمل .. هزت رأسها مجاملة .. لا تفهم حرفا .. كان عقلها في مكان اخر .. هل هي حقا واقفة تتحدث معه؟! .. على الشرفة؟

يقول شيئا ويصمت .. تنتبه .. يبدو انه كان شيئا طريفا وكان ينتظرها ان تضحك او شيء من هذا القبيل .. اللعنة .. لم شردت في هذا الوقت الحاسم؟

بدا بعض الخجل على ملامحه .. شعرت بقدمه تتحرك سنتيمترات للخلف .. اعتذر لها ان كان قد تطفل عليها اذ يبدو انها تفضل الوحدة، وانه يجب ان يتركها الان حتى لا يكون ثقيلا .. يا للهول .. ماذا فَعَلَت؟
لقد أحرجته .. لم تضحك على دعابته .. لم تتجاوب معه في الحديث منذ البداية اصلا .. انه مروان .. انه الشخص الذي لم تنفك تفكر فيه طوال الحفل .. بل طوال الشهرين الفائتين .. لقد أتى لعندها وقال ان فستانها يليق بها .. تماما .. وهي بغباء لا مثيل له جعلته يندم على مبادرته للكلام معها .. كم هي حمقاء .. لقد ضيعت كل شيء ..

قبل ان تدرك وجدت أصابعها تمسك بذراعه .. حركة عجيبة طفولية غارقة في الخرق .. لا احد يفعل هذا أبدا ..
نظر لها مندهشا .. سحقا .. تبخرت الكلمات مرة أخرى .. ما الذي يقوله الناس في موقف مثل هذا؟ .. في الواقع لا احد يضع نفسه في هذا الموقف من الاساس وبالتالي لا يوجد في قاموس البشر ما يصلح للقول الآن ..
آسفة .. كلمة واحدة وجدت طريقها للسانها .. ثم انتبهت .. كانت لا تزال قابضة على ذراعه .. اللعنة ..

ازالت أصابعها بسرعة ونظرت إليه .. تنفست الصعداء .. لقد كان مبتسما في لطف .. ابتسمت هي أيضا .. من الحرج او كعدوى من ابتسامته .. لا يهم .. المهم ان طرف عينها لاحظ قدمه وهي تقطع تلك السنتيمترات مرة اخرى ولكن عائدة إلى مكانها الاصلي ..

ولكنه ضيق حاجبيه .. كان ينظر لهاتفها .. تطبيق (أوبر) لا يزال مفتوحا .. سألها في دهشة عن سبب مغادرتها مبكرا .. كادت تقول له بسبب انه لم يلاحظ حضورها فشعرت بعدم أهمية وجودها .. ولكنها قالت انها شعرت ببعض الملل فقط .. وافقها ان الحفل ممل وانه يرغب في الرحيل ايضا ثم عرض توصيلها لمنزلها ان كانت ترغب .. كادت تقول له انه يجاملها فالحفل بالتأكيد لم يكن مملا بالنسبة له وهو يراقص كل تلك ال.. مهلا .. هل عرض ان يوصلها؟ .. هل هو عرض عادي من قبيل التأدب .. أم؟!

قالت انها ستأخذ ذلك ال (أوبر) .. انها لا تريد إرهاقه .. كان عقلها يغمز بمكر لها ويقول انها بالفعل تريد ارهاقه ولكن بطريقة أخرى ..
ولكن مروان أصر .. أصر حقا .. بل أنه بدأ بالفعل في السير ناحية مرأب السيارات وكفه تلمس ظهرها بخفة لثانيتين تقودها في اتجاه سيارته .. شعرت برعشة في جسدها من لمسته .. رعشة هي -حمدا لله- داخلية ولم تبد على ملامحها ..

وصلا للسيارة .. دار اولا ليفتح لها بابها .. يا للهول .. صرخ عقلها .. (چنتلمان) .. أخرست عقلها .. جلست على المقعد .. لاحظت ركبتها التي انكشفت من فتحة الفستان .. مدت يدها وغطتها بسرعة .. حسنا ليس بسرعة شديدة .. ربما تأخرت "دون إرادتها" لثانية او ربع ثانية ..

أغلق هو الباب في رفق، ثم دار حول السيارة .. فتح بابه .. جلس على مقعده .. أغلق الباب .. أدار المفتاح ليعمل المحرك .. نظر لها .. فارتبكت .. ساد الصمت لثواني .. ابتسم هو .. ابتسمت هي أيضا .. رفع أحد حاجبيه .. سألها إن كانت ستخبره عن العنوان أم أنهم سيقضون الليلة في السيارة؟ .. يقضون الليلة! .. ماذا يقصد؟ .. ثم أدركت انه يمزح .. هو فقط يريد العنوان حتى يوصلها .. انها مجنونة للغاية اليوم .. قالت له العنوان .. هز رأسه وانطلق بالسيارة .. نعم .. انها مجنونة.. بالتأكيد ..

المرة الأولى (+١٨)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن