٩

13.2K 128 16
                                    

بعد ما حدث .. لم يقولا أي شيء حينها .. ولا نصف كلمة ..

استمرا هكذا .. هو يحتضن ظهرها وهي تحتضن كفه .. لم ينظرا لبعضهما حتى .. بل ينظران لفيلم الزومبي ..

أشلاء تتقطع ودماء تتناثر، بينما هي ومروان متجاوران ملاصقان .. بشر بالجملة يموتون والعالم يخلو من الأحياء، وهما لا يزالان ممسكان ببعضهما ..

الأسماء تنحدر على (التتر) في موسيقى حالمة .. لقد انتهى الفيلم ..
ماذا الآن؟

مروان يقطع الصمت .. يسألها إن كانت ترغب في كوب آخر من القهوة .. لا تتكلم .. فقط تهز رأسها أن لا..
يسألها إن كانت ترغب في فيلما آخر .. لا تتكلم .. تهز رأسها بلا ثانية ..

يتنهد مروان .. تنهيدته تنتقل إليها من خلال التصاقهما ..
يفك أصابعه بلطف من كفها .. يربت عليها في رفق .. يسحب ذراعه من حولها .. ينظر إليها .. تنظر له .. يبتسم .. يقول شيئا .. ينهض .. يمسك بكوبي القهوة الفارغان .. يتجه إلى المطبخ .. يسود الصمت مرة أخرى ..
لحظة .. ماذا قال؟
ابتسامته أثرت على تركيزها .. كالعادة ..
تحاول تذكر ما قال .. بالطبع قال شيئا عن أنه سيأخذ الكوبين إلى المطبخ، أو أنه سيغسلهما أو شيئا من هذا القبيل .. ليس هذا بالأمر الهام ..

ولكنه قال شيئا اخر .. شيئا عن النوم .. ماذا كانت كلماته بالضبط؟ ..
ربما تمنى لها ليلة سعيدة .. ربما قال انه سينام على الأريكة وسيترك لها الغرفة ..
ربما قال شيئا عن النوم معا .. هل قصد في نفس التوقيت أم في نفس المكان؟ .. هناك فرق شاسع بالتأكيد ..
او ربما قال انه سيترك لها الاريكة لتنام هي عليها .. بل ربما قال انه سيترك لها الشقة بكاملها وسيذهب ليقضي باقي الليلة بالخارج ..
ربما قال انه سيوصلها إلى بيتها لتنام هناك .. اللعنة .. هل جف الفستان بهذه السرعة؟

لحظة .. هي بالفعل لا تتذكر .. يبدو أن عليها بعد ذلك تسجيل كل أحاديثهما حتى لا يفوتها شيئا كهذا .. يبدو أن عليها... هل سيكون هناك أحاديث تالية بينهما من الأساس؟ .. من الواضح أن الأمر بالنسبة له شيء عادي .. غير استثنائي..

بعد ثوان أدركت أن الأمر كله بالفعل لم يكن فيه شيء استثنائي ..
شخص رأى زميلة عمل في حفلة فاقترب ليصافحها .. وجدها ستعود لبيتها في سيارة مستأجرة فعرض توصيلها كزميل عمل شهم .. كان جوعانا وسألها بذوق ان كانت جوعانة هي ايضا، وعندما أجابت بالإيجاب ذهبا لتناول الطعام سويا .. زميل عمل لديه ذوق .. المطعم كان مكتظا فعرض ان ياكلا في بيته القريب .. زميل عمل متباسط قليلا .. هي من سكبت المشروب على فستانها، وعرض أن ينظفه ويعيرها بعض من ملابسه مؤقتا .. زميل عمل يتصرف بشكل منطقي .. هو يغسل أسنانه ويعرض عليها إن كانت ترغب بذلك هي أيضا .. زميل عمل حريص على نظافته ونظافة من حوله ..

ولكنه لف ذراعه حول ظهرها! .. ولكن هي من أراحت رأسها على كتفه أولا .. هل ظنها فتاة سهلة المنال وقرر أن يتجاوب معها؟ .. إذا حركتها العفوية حولته من زميل عمل طيب إلى متحرش .. أو ..

أو ربما أسوأ .. ربما هو ليس متحرشا .. ربما هو شخص لطيف لا أكثر .. شخص لطيف يلف ذراعه حول شخص آخر .. حول شخص لا يكن له أي مشاعر خاصة .. حول شخص مثل .. حول شخص مثل أخت ..

اللعنة .. إذا فكل هذا كان فقط مجرد أفعال أخوية لطيفة .. أهذا ما يراها عليه؟ ..
من الخارج يبدو موقفا يستحق عليه الثناء .. فهو قد تصرف كأخ حقيقي ..
ولكن من داخلها، كانت تشعر بإهانة بالغة ..
ربما تنتظر من رجال آخرين أن يروها بهذا الشكل .. ولكن مروان! .. لا ليس مروان ..

اللعنة .. للمرة المليون .. لو لم تره في هذه الليلة المشئومة .. لو لم يحدث كل هذا .. لربما كان ليكون لديها فرصة .. لكانت ظلت زميلة عمل بالنسبة له .. ولكان هو يظل كما هو بالنسبة لها .. يظل مروان ..

ولكن الآن كل شيء قد انهار ..
عليها الان ان تلملم اشلاء كرامتها الجريحة .. أن تغلق البوابة الكاتمة للصوت على خيبة أملها .. أن تنهض لترتدي فستانها الجاف مرة أخرى .. أن ترسم ابتسامة ممتنة كاذبة على وجهها .. أن تتحامل وتشكره على كرمه .. أن تتجاهل رغبتها في ركله في خصيتيه لتثبت له أنه لن تكون أختا ..

نهضت في تثاقل .. استدارت لتتجه إلى الحمام حيث فستانها السخيف .. أقسمت لتمزقه ما أن تصل إلى بيتها عقابا له عما وضعها فيه ..

ولكنها توقفت .. أوقفها صوت مروان الآتي من المطبخ .. كان يذكرها بتشغيل مكيف الهواء في الغرفة ..

ماذا؟! ... هل؟!.......

المرة الأولى (+١٨)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن