٧

12.5K 123 15
                                    

غمرت وجهها بالماء .. اتخذت قرارها .. ستكون هي .. ليقبل بهذا او يرفض .. هي لا تهتم .. او ربما تهتم، ولكن ليس بدرجة كبيرة .. حسنا، هي تهتم للغاية، ولكنها ستفعل ما هي مقتنعة به على أي حال ..

مساحيق التجميل تسقط بفعل الماء والصابون في الحوض لتلون لونه الابيض لثوان .. بالطبع لا يوجد غسول خاص لإزالة المكياچ لديه .. لا تحتاج أن تسأله لتتأكد .. في الواقع سيصيبها الذعر ان وجدت لديه شيء كهذا .. هذا معناه أنه ينتمي لإحداهن -الغسول لا مروان- .. على الأرجح ..

تخلصت من كل شيء كان على وجهها وعينيها .. جففت بشرتها بمنشفة كانت هناك .. طالعها وجهها المُجهَد في المرآة .. وجه هادئ يخفي أطنانا من التوتر .. وجه دون تجميل .. وجه عادي .. وجهها هي .. ماذا سيقول مروان عندما يراه؟ .. هل سيصاب بالدهشة؟ .. بالاشمئزاز؟ .. هل سيشعر انه قد خُدِع بشكل ما؟ .. هل سيغضب لانها تخلت عن مساحيق تجميلها؟ .. هل سيأمرها بوضعهم مرة أخرى؟ .. لن تفعل ذلك .. ليذهب الى الجحيم ..

تسمع صوت خطواته مقبلا .. استعدت للمواجهة .. لديها مخزون لا بأس به من الشتائم لمواجهة قلة ذوقه الآتية .. نعم .. هي ليست ممن يستقبلون الاهانة باكيين .. علمتها الحياة أن تظهر انيابها عند اللزوم .. ستلقنه درسا لن ينساه .. سيتعلم ألا يفرض معاييره الذكورية على النساء، فكل النساء جميلات، في كل احوالهن .. ستعمل على ان يتذكر هذا حتى اخر يوم في حياته ..

دلف مروان للحمام .. ونظر ناحيتها .. وفتح فاه وتكلم .. قال انه سيفرّش أسنانه ولديه فرشاة جديدة لها ان كانت ترغب .. ماذا؟ .. ألن يقول شيئا؟ .. ألا يشعر بالقرف من شكلها دون مساحيق؟ .. ألن يجاملها حتى بالقول انها لا تزال جميلة بالرغم من ذلك؟! .. ألن يعلق على ما فعلته؟ ..

كان هو يفتح الخزانة الصغيرة القابعة على الحائط ويخرج فرشاة اسنانه ثم ينظر إليها متسائلا بينما باب الخزانة مفتوحا .. سحقا .. انها لم تجب على سؤاله .. ابتسمت مرتبكة وأومأت برأسها إيجابا .. بالتأكيد تحتاج لفرشة أسنان .. هي لا تعرف كم ستظل هنا .. تقصد .. على الاقل حتى يجف الفستان ..

ناولها فرشاة أسنان غير مستخدمة وأنبوبة معجون أسنان مستخدمة .. أزالت الغطاء البلاستيكي ثم وضعت قليلا من المعجون على رأس الفرشاة .. كانت هناك فرشاة أخرى .. كان هو مادّا فرشاته لتضع عليها بعضا من المعجون كذلك .. في المرآة كان وجهه مبتسمها في هدوء .. هل أسنان تلك الابتسامة تحتاج تنظيفا حقا؟! .. وضعت لفرشاته بعض المعجون .. بدأت في غسيل أسنانها بالفرشاة .. وبدأ هو أيضا ..

كانا واقفان جنبا إلى جنب يفرشان أسنانهما .. صوت التلفاز يأتي من الخارج ورائحة القهوة تتسلل من باب المطبخ المفتوح بينما مرآة الحمام تتسع لكليهما .. تكتم ضحكتها عندما تلتقي عيناها بعينيه في المرآة .. هناك أمر غريب في كل هذا .. وبالرغم من كل شيء فإن هذا الأمر الغريب يبدو مألوفا .. مألوف بغرابة .. اثنان يغسلان اسنانهما جنبا إلى جنب .. إلى أي درجة ينتمي هذا النشاط في سلّم العلاقات؟! ..

ينتهي هو قبلها .. يفتح الخزانة ويضع فرشاته .. يخبرها انه سينتظرها بالقهوة في الخارج .. لا تعرف لماذا أسعدتها تلك الجملة .. عقلها يعمل بلا منطقية شديدة الليلة .. ومن ضمن لا منطقيته انه يحثها على الانتهاء من اسنانها سريعا .. يقول عقلها حتى لا تبرد القهوة، ولكنها تشعر بأن هناك شيئا اخر لا يقوله .. ربما أشياء ..

انتهت .. جففت فمها ووجهها بالمنشفة .. وضعت فرشاتها في الخزانة إلى جانب فرشاته .. عقلها يهمس بأنه لا توجد أي فرشاة أخرى .. ولا غسول إزالة مكياچ أيضا ....

المرة الأولى (+١٨)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن