لماذا يريد منها تشغيل المكيف؟
لحظة .. هذا معناه أن ما قاله سابقا ولم تسمعه يتضمن كونها ستقضي ليلتها هنا .. في الغرفة ..ولكن السؤال الآن هو هذا: كيف ستقضي ليلتها؟ .. هل ستكون هي في الغرفة وهو في الخارج؟ .. أم ستكون هي في الغرفة وهو.. وهو أيضا في الغرفة؟ ..
دخلت إلى الغرفة .. أشعلت مكيف الهواء .. ثم وقفت تنظر لباب الغرفة مترددة .. ما الذي يجب عليها فعله الان؟ .. هل تغلق الباب ام تتركه مفتوحا؟ .. وكيف سيرى مروان هذا او ذاك؟ ..
إغلاق الباب معناه انها تريد قضاء الليلة وحيدة في الغرفة .. معناه انها ليست فتاة رخيصة .. معناه انها تراه صديقا لا اكثر .. والأهم، إغلاق الباب يحفظ لها ماء وجهها إن كان ما قاله مروان سابقا يقصد به أنه سينام بالخارج ..
أما فتح الباب فمعناه أنها لا تمانع .. أنها تنتظر .. أنها متاحة .. أنها تريد ..
لكنه أيضا سيسكب كل ماء وجهها على الأرض إن كان ما قاله قصد به أنه سيقضي ليلته على الاريكة .. أي أنه يمانع وأنه غير متاح وأنه لا يريد...صوت الماء الآتي من المطبخ يتوقف .. لقد انتهى من غسيل الكوبين .. تسمع خطواته تقترب من هناك .. يتملكها الهلع .. عقلها يصرخ فيها أنها إن لم تفعل شيئا سيظل الباب مفتوحا .. سيظن مروان انها تدعوه .. تدعوه للداخل ..
وقتها كيف سينظر إليها؟ .. سيحتقرها؟ .. أم سيتجاوب معها؟ .. أم سيتجاهلها تماما؟الخطوات تقترب و ضربات قلبها تتسارع بمعدل غير مسبوق ..
انغلق الباب .. هي من اغلقته .. في الواقع ليست هي بالتحديد .. بل جسدها هو من تصرف من تلقاء نفسه ومد ذراعها واغلقه ..
تبا لهذا الجسد .. اولا يريح رأسها عل كتف مروان ويجعلها تلتصق به، والآن يتصرف على النقيض تماما ويغلق الباب .. يغلق الباب بينها وبين مروان .. يغلق آخر فرصة لما كانت تتمناه .. يهيل التراب عل حلمها الصغير ..
ولكن .. أليس من الممكن ألا يشكل غلق الباب مشكلة؟ .. أي .. أنت تعرف .. ربما .. ربما الامر لم يصبح بهذا السوء..
ولكن صوت خافت في عقلها كان يخبرها أنها تخدع نفسها .. إن كان مروان يراها أختا او حتى صديقة، وقال في جملته المبهمة أنه سيترك لها الحجرة، فبغلقها للباب قد ثبتت هذه الصورة الذهنية للأبد .. ستظل بالنسبة له كائنا دون ملامح .. مجرد شخص اخر .. شخص يتناول معه الطعام ويبيتان في ذات الشقة، ولكن سيظل هناك حاجزا -أو باباً- مغلقا بينهما دائما ..
وإن كان قد قال انهما سينامان سويا، ولكنه وجدها قد اغلقت بابها، فقد خسرت أيضا كل فرصها المستقبلية .. لقد صدته بشكل صريح .. غلق الباب يقول بشكل واضح انها لا ترغب به .. انهما لن يكونا معا .. أبدا ...
كادت تبكي .. ما الذي فعله جسدها هذا الغبي .. هل أغلق الباب بالفعل أمام مروان؟! .. بعد كل هذا؟! .. بعد أن وصلت لمرحلة لم تصل إليها إلا في أحلامها الخاصة .. اللعنة ..
اقتربت على أطراف أصابعها من الباب المغلق .. تمنت لو يدخل مروان .. لو يقول لها انه يريدها ويعرف انها تريده .. لو يطلب منها أن يكون معها .. لو يصر على أن يفتح الباب .. على إزالة الحاجز بينهما .. بل كل الحواجز .. المادية والنفسية .. يقول انه يتفهم خجلها.. يتفهم خوفها .. يتفهم ترددها .. ولكنه لن يقبل بأي شيء سوى أن يكون معها ..
ألصقت أذنها بالباب .. خطوات مروان تقترب .. تتوقف .. التلفاز يسكت .. صوت ترتيب وسادات الأريكة .. صوت إغلاق مفتاح الكهرباء .. ضوء الخارج يختفي من تحت عتبة بابها ..
إذا .. هذا معناه أنه .. أنه سينام بالخارج ...موجة عنيفة من الحسرة تجتاحها .. تبخر الأمل الاخير ..
تتجه إلى الفراش في تثاقل .. ترقد عليه كيفما اتفق .. لا تريد شيئا من الكون الآن سوى ان تنام .. أن ينغلق نظامها الذهني قبل أن يستفيق وعيها ويدرك ما فعلته .. ان تجذب قابس عقلها قبل شلالات جلد الذات الاتية حتما .. وغدا .. غدا تعرف ان أفكارها السوداء ستلهو بها كثيرا .. ولكن ليكن هذا غدا، ولكن ليس الان .. لتنتهي تلك الليلة القاسية ..
أغمضت عينيها .. كادت تصرخ في ذلك النوم العنيد ليسرع .. ليس الان وقت الارق أبدا .. اللعنة .. كان قرار شرب القهوة هو أسوأ قرار في التاريخ ..
ولكن عينيها انفتحتا ثانية .. مقبض باب الغرفة يدور .. الباب ينفتح .. مروان يدخل .. بالفعل إنه هو .. مبتسما يغلق الباب مرة أخرى من خلفه وهو يقول شيئا .. كان يثني على غلقها للباب حتى لا يتلف مكيف الهواء...
أنت تقرأ
المرة الأولى (+١٨)
Romanceدلفت إلى الحفل .. تعلقت الأعين بها وبفستانها .. ما عدا العينان اللتان كانت ترغب فيهما ..