خرجا بالسيارة من المرأب .. ضغط هو زرا في مسجل السيارة فتوقف صوت الموسيقى .. قال لها انها يمكنها ان تصل هاتفها بمسجل السيارة عن طريق (البلوتوث) .. قال لها ان تختار ما تريد ان يسمعاه ..
ارتبكت قليلا، ثم أوصلت هاتفها ببلوتوث السيارة .. أخذت تبحث في الهاتف .. هل تشغّل موسيقى كلاسيكية؟ .. ربما يظنها شخصية مملة .. هل تشغل أغاني شعبية (مهرجانات)؟ .. ربما يراها شخصية سوقية .. هل تشغل أغاني فيروز؟ .. سيظنها من متظاهري الثقافة .. هل تشغل أغاني شبابية (تراب)؟ .. وقتها سيظن أنها مراهقة تافهة ..
نظر هو لها ولحيرتها الظاهرة، ثم تناول الهاتف من يدها في بساطة وضغط على أول شيء قابل ابهامه .. تعالى من سماعات السيارة صوت (حمزة نمرة) وهو يغني "فاضي شوية نشرب قهوة في حتة بعيدة..." .. ابتسم هو وقال انها مصادفة لطيفة .. قال انه جوعان .. قال انه لا يحب الأكل وحيدا .. وسألها ان كانت تمانع ان يتناولا عشاء خفيفا في أي مكان تختاره ..
كادت ان تضرب صدرها لتسكت قلبها المتراقص بداخله .. تماسكت او تظاهرت باللامبالاة .. اخبرته انها لا تمانع .. سألها عما تريد ان تأكل، فنطقت قبل ان تفكر (بيتزا) .. ثم ضحكت بارتباك، وضحك هو لضحكتها .. لامت نفسها .. من هي الفتاة التي يخبرها رجل برغبته في تناول العشاء معها وتختار تناول طعاما كالبيتزا؟! .. لابد انها أكثر فتيات الكون حمقا وسذاجة ..
ولكنه -للعجب- قال انه بالفعل كان عازما على تناول البيتزا هذا المساء حتى قبل ان يقابلها .. هل يقول ذلك مجاملة ام انه صادق؟ .. لا تعرف ولكن كلامها اسعدها قليلا .. ربما هي ليست حمقاء إلى هذا الحد .. ستتناول البيتزا مع مروان .. هذا يحدث في الواقع وليس في خيالها ككل ليلة .. تتمنى فقط ألا تبدو خرقاء اثناء الاكل .. لا تريد ان تبدو كذلك امام مروان .. بالذات ..
قال ان هناك محلا للبيتزا قريب من منزله، المحل متسع وهو يعرف اصحابه ويمكنهما ان يجلسا دون مضايقات .. قالت في تلقائية انها موافقة إن كان يضمن جودة البيتزا .. ضحك وقال انها جيدة وان عليها الا تقلق فهو لن يخاطر ويأخذها لتناول بيتزا سيئة .. اخفت هي ابتسامتها بسرعة .. كانت فكرة ان تجلس مع مروان لتناول العشاء في مطعم رائعة للغاية .. أروع ربما من ان تكون حقيقة .. بل ان عقلها المتشائم ظل يخبرها بأنه لابد من ان يحدث شيء ليفسد الامر .. وان الحياة لم ولن تكون جيدة بهذه الصورة .. لا شيء يكتمل .. ابدا ..
وصلا للمحل .. نزلا من السيارة .. نظرت للمحل فعرفت ان عقلها المتشائم كان محقا للاسف .. المحل مزدحم تماما .. يبدو ان هناك حفل عيد ميلاد يحتل ثلثي الطاولات، وباقي الزبائن متكومين في الثلث الباقي .. ضاع حلم العشاء معه .. هي تعرف نصيبها في هذه الدنيا .. هي دائما سيئة الحظ .. دائما يحاصرها القدر ليفشل كل احلامها .. لقد اعتادت على ذلك، ولكنها ظنت ان تلك المرة كانت ستختلف .. ولكنها كانت مخطئة .. كالعادة ..
ولكن مروان قال ببساطة ان منزله يبعد عنهما خطوات، وسألها ان كان يناسبها أن يأكلا هناك .. ونظر لعينيها منتظرا الرد ...
أنت تقرأ
المرة الأولى (+١٨)
Romanceدلفت إلى الحفل .. تعلقت الأعين بها وبفستانها .. ما عدا العينان اللتان كانت ترغب فيهما ..