"هَيْئة غَامضة."

13.3K 371 90
                                    

في قرية صَغِيرة تَلاءَم بها الناس حُبًا، شملت أصحاب الطبقة العالية والمتوسطة والفقيرة، تَساءَل الكثير من أصحاب المُدن المجاورة لماذا ما زالوا يمكثون في هذا المكان الصغير رغم نفوذهم؟ لماذا لا ينتقلون إلى مكان أفضل من تلك القرية التي أصبحت لا تفَسُح لهم من كثرة العدد؟

لم يُجيبهم أهالي القرية قط، هم فقط مَنْ يعلمون ذلك السحر الذي ينمو في قلوبهم تجاه ذلك المكان ومن أراد أن يُشبع فضوله فليُزيد القرية فرضًا لا أحد يُمانع.

جلست إليانا تُطَالع المكان بعيناها الزُمردتان، ارتد شعرها الأسود الداكن إلى الخلف أثر تلك العاصفة التي جعلت المكان وكأنه إعصارًا، ما الذي يحدث؟

هَرْولت إلى الداخل لتُحدق بنظراتها باحثة عن جدتها في أنحاء المكان، ليصل إليها رائحة المُعْجنات التي تصنعها جدتها لها لتأخذ خطواتها إلى غُرفة المطْبخ حتى تجدها تصنع الطعام بكل حُب.

كَمْ تُحب إليانا جدتها مارِيا، كَمْ هي ممتنة لوجودها معها.

فقالت بضيق:

- أراكِ تهتمين بالطعام أكثر مني في تلك الفترة.

ضحكت بصوت عالٍ وهي تتحرك هُنا وهُناك قائلة:

- حتى الطعام لم يسلم من غيرتكِ.

اقتربت إليانا لتُمسد بيديها على كتفيها بحنان بالغ قائلة:

- تُرهقين نفسكِ هكذا، تعلمين أنا لا أهتم بأمر أحد سواكِ.

ابتسمت جدتها لتقول:

- أنا بخير حقًا، لا داعي للقلق.

أدارت وجهها لترحل ولكنها تذكرت شيء ما فأردفت:

- هناك رياح شديدة بالخارج، لا أعلم ما باله الطقس.

فقالت جدتها:

- هذا التوقيت الخاص بكل عام، أظن أنكِ اعتدتِ على تلك الرياح.

فقالت بخفوت:

- نعم اعتدت.

ذهبت إلى غرفتها لتُمشَّط شعرها الذي خَربهُ الهواء، جلست أمام المرآة تُطالع وجهها في إعجاب، للحق هي تُحب نفسها كثيرًا، ربما مظهرها الخارجي يُعجبها ولكن شخصيتها أفسدت كل شيء.

إنها من النوع الإنطوائي لدرجة مُخيفة، لا تُحب التعامل مع أحد سوى جدتها، تُحب الخروج لرؤية السماء والسُحب والقمر والأزهار وتلك الطبيعة الساحرة ولكنها لا تبتعد عن المنزل، لا تتحدث مع أحد بالخارج، لديها برود شديد تجاه كل شيء.

لديها تحكم قوي في إنفعالاتها، تستطيع التحكم بنفسها وبمشاعرها جيدًا، تُتقن البرود واللا مبالاة كما أنها منظمة إلى حد كبير، وفي النهاية هي من النوع الهادئ جدًا.

ولسبب ما اختار عقلها أن تعيش بين ذكريات الماضي في تلك الليلة حيثُ والديها سديم ونوْفَل اللذان توفيا في حادث مجهول، كانت في العاشرة لتستمع إلى حديث جدتها مارِيا أنهم وجدوا جُثة والدها ولكن والدتها لم يكن لها أثر.

•〈 المَمْلكَة العَتِيقة 〉•حيث تعيش القصص. اكتشف الآن