أتى ضُحى يوم جَدِيد، مُعلنًا عن ما جَثَم في فُؤاد رواد الليلة المَاضِية، حيثُ أنه يقف الآن أمام المملكة العتيقة، وفي جَعبتِه ما يُريد إفراغهُ، وأسئلة كثيرة يُريد معرفة إجاباتها، وها هو ينتظر مجئ جَدل، قد حاول التواصل معها عن طريق قواه، ولا يعلم إن نجح أم لا ولكنه يُخمن بأنه قد نجح، فقد صَبَّ قوته بأكملها على هذا الأمر.
رأها تخرج من المملكة، فابتسم بداخلهُ بينما منع نفسهُ من الظهور بمظهر المُشتاق لها، ربما هي السبب في قتل أخيه، وهو لن يسامحها إن عَلِم بهذا، فاقتربت منهُ قائلة بنبرة ساكِنة:
- إن أردتُ التحدث، فلا يجب أن نتحدث هُنا.
أومأ لها قائلًا:
- اتبعيني.
ابتعدا عن المملكة وقد قرر رواد أن يأخذها إلى الغابة، وبالفعل قد وصلا إلى وجهتهما بعد مرور مُدَّة، فنطق رواد متساءلًا:
- مَنْ أنتِ يا جَدل؟ جَارِية في مملكة ما أليس كذلك؟ اختارها حاكمها لقواها الفَرِيدة، وكان يودَّ قتلها، ثم أجد إنكِ مع ذلك الحاكم الذي أراد انهاء حياتكِ، هل هذا مَعْقول بالنسبة لكِ؟
طالعتهُ بنظراتٍ غير صَرِيحة، وقد شعرت بأنه قد حان الوقت لكي يعرف كل شيء، يجب أن تُخبره بالحقيقة، وها هي الآن تُفْصح عن ما رَقَد بداخلها لأعوام:
- أنا جَدل، لستُ جارية، بل أنتمي إلى قبيلة عَظِيمة، أُبي هو أخي، وكل ما حدث لم يكن إلا مُجرد خطَّة بيننا يا رواد، قبل أربعة أعوام من الآن، أرسلت لنا سديم رسالة، وسديم هي والِدة إليانا، أخبرتنا عن مملكتكم، وكيف تُسير الأمور وأنتَ تعلم جيدًا ما أعنيه، لقد تجاهلنا الأمر، كُنتم خطر على هذا العالم ولكن ليس إلى هذا الحد الذي يدفعنا إلى التدخّل، ولكن الأمير مُلهم.. أبي، أراد معرفة المزيد عنكم لذلك استخدمني أداة لفعل كل هذا، قوتي تقبع بداخل عيناي، وهذا تحديدًا ما فعلتهُ، لقد حاولتُ أن أجعلك تراني وفعلت هذا مِن خلال قوتي، بالنسبة لأُبي فقد فعل كل هذا للضغط عليك ليس أكثر، كُنت أريد دخول المملكة عاجلًا أم آجلًا، وأنتَ تزوجتني بالفعل في مُدَّة قصيرة، إن توقفتُ الآن عن إتمام حديثي فستظن إنني خائِنة.. ولكنني لستُ كذلك يا رواد.
استكملت حديثها وهي تُراقب ملامحه الخَالِية من أي تعبير يُذكر:
- نحن نُعرف بالمملكة الخَفِية، أي لا يعلم أحد بوجودنا، واجبنا نحو هذا العالم هو إنقاذهُ إن تعرض لأي خطر، وحاكم المملكة إن لم يُنفذ حكم هذا العالم، فغيرهُ سينفذ، ثم سيحكم علينا جميعنا بالموت، أبي ليس رجلًا مُتفاهمًا، وقد ظهر هذا على جسدي بأكمله، أنه يُريدنا أن ننفذ كل ما ينطق به فقط دون الرجوع إلى أنفسنا حتى، هو يُقرر ونحن نُنفذ وإن كان هذا القرار غير صحيح فليس من حقنا إبداء رأينا، هل تعلم؟ لقد أذاني هذا الرجل بشكل لا تستطيع الكلمات وصفها لكَ، لم أجد به رحمة أو شفقة علينا، كان قاهِرًا، لذلك يا رواد أيًا كان ما فعلته فهذا ليس بِمحض إرادتي، لقد أذاني بسحرهُ وقوتهُ ولم أستطع التفوَّه بحرف واحد، أنا لا أُخبرك بكل هذا لكي تتعاطف معي حقًا، أنا أُخبرك فقط بإنني لستُ خائِنة يا رواد، بل أنا أُجْبرت على هذا، ورؤيتكَ تنظر لي بهذا الشكل تُؤلم روحي أكثر، فلعلَّ كلماتي تكون شفاء لك ولو بنسبةٍ قليلة، فأنا لا أريد شيء سوى أن تُسامحني.
أنت تقرأ
•〈 المَمْلكَة العَتِيقة 〉•
Fantasiaنحن لا نعرف الإجابات قبل الأسئلة، نحن لا نعرف النتائج قبل الأفعال، أو ربما نعرف ولكن لم نعتقد أن النتيجة ستكون سيئة إلى هذا الحد، فماذا يفعل المرء عندما تتمحور حياته لألغاز حلها في مُنحدر أخر من العالم؟ في مكان مجهول لا يعلم أحد بماهيته. - جميع الحق...