- ذلك المكان يحمل مشاعر كثيرة.
تحدثت مليكة قاطعة لذلك الصمت وهي تسير بين أشجار الغابة بهدوءٍ بينما اتجهت نظراتها إلى عاصف خلسة تتبين بما هو فاعل فوجدته ينظر لها بعينين ملتمعتين فحمحمت مُتحدثة:
- ما بك تنظر هكذا؟
عاد ببصره ناظرًا إلى الأمام ثم تحدث:
- ألا تظني أنه قد حان الوقت لكي تُصبحي صادقة مع نفسك؟
نظرت إليه وهي تُحاول فهم ما يرمي إليه وقد راودتها تلك المشاعر مجددًا، عندما ينظر عاصف إليها هكذا يقع قلبها له دون إدراك أو وعي، وكأنها تضرب بكل عهودها بعرض الحائط دون النظر إلى عواقب ذلك الأمر، أنه لا يُناسبها ولا يستحقها، عليها بتذكير نفسها مرارًا وتكرارًا حتى لا تقع في أخطاء لا مفر منها.
فأجابته بنبرة واثقة:
- إنني صادقة مع نفسي، لا داعي لقولك هذا.
فتحدث عاصف ساخرًا:
- هل تظني هذا حقًا؟
- ما الذي تريده الآن؟
- أريدك أن تكوني صادقة معي فحسب.
تنهدت وهي تُصفح عن ما بداخلها قائلة بقسوة ممزوجة بحزن تام:
- يبدو الأمر وكأنه كابوسٌ لا ينتهي، مَرَّت سنوات وداخلنا لا يزداد إلا قُبحًا، أكره كل شيء في هذا المكان وبدايتهم حُبك، ما كان يجب عليك أن تُحبني وما كان عليَّ أن أقول تلك الأشياء ذلك اليوم، وما كان عليَّ أن أظل هُنا، حيث أحاول إصلاح ما توارثته المملكة، أحاول إصلاح قوانين دائمة، أحكام شَرُها يفوقني ويفوق ذرة الخير التي أُحافظ عليها بداخلي.
نظر إليها بدهشة ثم نطق باستنكار:
- تكرهين حُبي لكِ؟ عيناكِ تقسو ولم أعد أجد بهما ما وقعت بحبهُ.. أنا آسف لأنني لم أكن الرجل الذي حلمتِ به، آسف لأن الشر تغلب على كل شيء في النهاية وتغلب عليَّ، وبالفعل أنتِ صادقة، هذا المكان كان هكذا وسيظل هكذا ولن يستطيع أحد إنقاذنا.
فنثرت كلماتها بقسوةٍ ممزوجة بحزن تام:
- لماذا تتحدث وكأنك الضحية في هذا الأمر؟ وكأنك لا تُظلم ولا تُؤذي أحدًا، وكأنك لا تعلم كم أنتَ أناني وتُفضل نفسك عن الجميع وتختار المناسب لك وإن كان هذا سيتسبب في موتنا جميعًا، أنتَ تريد الحكم أليس كذلك؟ وستفعل أي شيء لأجل ذلك وأنا أعلم جيدًا، لم أختار أن أتوقف عن حُبك عبثًا لأنني أعلم أنني إذا استمريت في حٌبك حينها سأكون اخترتُ نهايتي، ستكون نهاية سيئة وقاسية تمامًا مثل قلبك يا عاصف.
تسمر في مكانهُ، وقد شعر بتهشّم روحه من كلماتها، فنطق هو الآخر ببرودٍ:
- لماذا تفعلين هذا حقًا؟ لماذا تُخبريني في كل مرة بصفاتي تلك؟ هل تشعرين حينها بأنكِ لستِ مذنبة تمامًا وأن كل الخطأ عليَّ! سأخبركِ هذا يا مليكة وأتمنى أن لا تنسيه أبدًا.. أنتِ لستِ ملاكًا، تخطئين مرارًا وتكرارًا ولا يلومك أحد على هذا ولربما لهذا السبب فقط ظننتِ بأن لديكِ أجنحة بيضاء لذلك دعيني أُذكركِ.. أنتِ لا تقلين عني قبحًا ولكنكِ فقط تُحاولين التصرف عكس هذا، وأنا أفضل منكِ لأنني لطالما أصبحتُ صادق مع نفسي عكسكِ.
أنت تقرأ
•〈 المَمْلكَة العَتِيقة 〉•
Fantasyنحن لا نعرف الإجابات قبل الأسئلة، نحن لا نعرف النتائج قبل الأفعال، أو ربما نعرف ولكن لم نعتقد أن النتيجة ستكون سيئة إلى هذا الحد، فماذا يفعل المرء عندما تتمحور حياته لألغاز حلها في مُنحدر أخر من العالم؟ في مكان مجهول لا يعلم أحد بماهيته. - جميع الحق...