•〈 المَمْلكَة العَتِيقة 〉•

"ستُصبحين مُنْقِذتنا."

لم تفهم لمى كيف علم أَوْس بما حدث، ولم تشك للحظة واحدة أن الفاعل هو غيث فرغم ما يفعله معها إلا أنه لن يتمادى لتلك الدرجة، ازدردت ريقها قائلة:

- لا يوجد شيء.

فصاح بها:

- ما الذي يحدث معكِ؟

- وإن كان يحدث شيء بالفعل فما دخلك بي؟ هل تذكرتُ الآن أن لديك أخت لم تتحدث معها منذ وفاة أبيها إلا ببضع كلمات لا أهمية لها؟

صمت عندما لمح عينيها الممتلئة بالدموع، فأردف بعد برهة بصوت هامس:

- آسف لأنني لم أستطع التحدث معكم لشهور ولكنني كُنت أتألم بسبب ما حدث.

- جميعنا تألمنا لأمر رحيله وخاصة أنا، لم يواسيني أحد في تلك المملكة سوى غيث، أتدرك ما فعلته بي بابتعادك عني؟ أتعلم كم انتظرت كلمة منك تُخفف بها مرارة ما شعرت به؟

- أنا آسف.

- بما يفيد اعتذارك لي؟ لقد هدمتم فتاة لم تتخطى العشرين من عمرها.

ثم أضافت:

- يخبرني غيث كم أنا أنانية، لقد أصبحت مثلكم فحسب.

- لمى..

- توقفوا عن لومي قليلًا، أرجوكم توقفوا.

ثم شرعت في بكاء حاد جعل أَوْس وريان مُندهشين، فتقدم أَوْس منها قائلًا:

- كان يجب عليَّ الوقوف بجانبكِ أعلم، ولكنني كُنت تائه، لقد فقدت نفسي لشهور.

- وبعد كل هذا؟ أفقت من ما حدث لك لتذهب إلى إليانا ثم لا تنظر إلى وجهي مجددًا.

ابتسمت بسخرية وهي ما زالت تبكي:

- أتعلم شيء؟ تظن أنك سئ ولكنني أيضًا سيئة.

- لا أنتِ لستِ سيئة.

- اسمع ما سأقوله لكَ، عندما حَكمت تلك المملكة لأنك الأقوى بيننا ثم لم تؤدي ما عليك وتركت كل شيء لأجل حزنك شعرت بأنك لا تستحق كل هذا ولكنني كُنت أعلم بأنني لن أنال ذلك المنصب في حياتي؛ لأن قوتي لا تُقارن بك لذلك أردت أن يكون لي منصب أخر في مكان مختلف، أتعلم ما هو ذلك المكان؟

ثم أضافت بعدم اكتراث:

- أنها مملكة الفسقة يا أخي، نعم كما أخبرتك لا تنظر لي هكذا، كنت حينها واقعة في حُب غيث ولا أُنكر فأنا ما زلتُ أحبه ولكني كُنت أتألم مثلك تمامًا ففعلت الشيء الأكثر سذاجة وشجاعة في العالم.

وأكملت حديثها:

- وَهمتُ صفوان أنني واقعة في حُبه، في كل مرة كنت أذهب إلى الغابة مع غيث أترك له رسالة بطريقتي، كان غيث يظنني ألهو لفترة وكُنت أخبره أن يثق بي فحسب، حتى أخبرته أنني بالخطأ وقعت في حُب صفوان لكي يبتعد عن مُراقبتي ويتركني في حال سبيلي أفعل ما أُريده، تعاهدت مع صفوان أنني إن أعطيته الأحجار السوداء التي في مملكتنا سيتزوجني وأُصبح سيدة المملكة بعد موت جواد، ولكنه أصبح يُخبرني في كل رسالة أن أنتظر أكثر حتى قرر غيث أن يمتنع عن الذهاب معي إلى الغابة وهكذا لم أستطع مُراسلته مجددًا.