"أشدَّ صُعُوبة."

229 32 59
                                    

أَقْبَل الصباح، وتوسّط قُرص الشمس السماء ببُزوغ، بينما تقف جَدل خارج المملكة تُحدق في اللا شيء، ينعكس ضوء الشمس على خُصلات شعرها الداكن فيزيد مِن لَمَعَانهُ، تُفكر وأفكارها لا تتركها فِي حال سبيلها، تُفكر به فقط، تُفكر في أبيها وقبيلتها، تُفكر في نفسها، وتُفكر في قلبها الذي بات ينبض لأجلهُ، ثم رأت شخص يأتي مِن مسافة ليست بِبعيدة على جواد أسود اللون وخصلات شعره الذهبية جعلت قلبها ينتفض، هل هذا جواد رواد؟
كلما اقترب الشخص تأكدت من شكوكها أكثر، أنه رواد بنفسهُ.

اقترب منها ليهبط من على جواده مُستندًا عليه، حدجها بنظراته للحظاتٍ ثم نطق:

- هل شعر قلبكِ بمجيئي؟

أبعدت نظراتها عنه قائلة:

- وجودك هُنا ليس بصوابٍ.

فهمس لها بهدوءٍ غريب:

- صواب؟ هل تركتِ لي عقل لأُفكر فيما أفعلهُ؟

- لا جدوى مِن حديثك معي، أنا لن أعود.

فنطق وعُبوس ملامحه يتعمق:

- ما الذي حدث؟ فلتُخبريني، ما الذي فعلته؟

هدرت غاضبة وهي تحبس دموعها:

- لا شيء، ليتك فعلتُ شيء أكرهك لأجله، ليتك تمنحني أسباب ولكن لا يوجد، أنا لا أستحق هذا الحب الذي تحملهُ لي، لا أستحق أي شيء مِنك، كل شيء منذ البداية كان كاذبًا، أرجوك أنا لا أود جرحك أكثر فكفى الذي فعلتهُ.

اقترب مِنها ليقول:

- أنا زوجك يا جَدل، ومن حقي أن أعلم ما سبب رحيلك بل من حقي أن أخذكِ معي الآن وأُعيدك إلى المكان الذي تنتمي له.

فقالت وثمة دموع تلمع بعينيها:

- أنا آسفة لأنني لا أُفسر لكَ، آسفة لإنني أتركك إلى أفكارك ولكن صدقني هذا أفضل من معرفة الحقيقة، ربما ستعرفها يومًا ولكن ليس الآن، إن أردتُ إنهاء الزواج فأنا موافقة، وإن لم تكن تُريد هذا فستُجبر لاحقًا.

أنهت كلماتها لتقترب منهُ وتحتضنه، يجب أن تودعه بطريقة تليق به، بينما هو وقف دون حركة، دون أن يُبادلها ذلك العناق حتى، مَرَّت ثواني لتبتعد وهي تُزيل آثار دموعها قائلة وقد لانت ملامحها للحظة:

- أُحبكَ يا رواد، أُحبكَ رغم إنني وعدت نفسي بأن لا أفعل، ولكن حُبي ليس كافيًا ولن يشفع لأفعالي، فلتُسامحني.

فنطق بغضبٍ مِن ما تقوله:

- أنتِ تختارين الأصعب!

- وُلدت هنا وسأموت هنا، وطوال تلك الفترة اعتدنا أن نختار الأصعب من بين جميع الأمور، وسنختار الأصعب دائمًا، تلك هي قوانينا يا رواد، تلك هي حياتنا، الأصعب من كل شيء وهذا ليس بيدي.

تركت يده التي تعلقت بيدها دون إدراك منهما، نظرت له وكأنها تودعه وتودع تلك المشاعر التي حملتها له، سيكون الأمر صعبًا عليها ولكنها ستعتاد على هذا الألم كما كانت تفعل دائمًا، ستتقبل وتخضع إلى هذا الظلم لأنها مُجبرة فحسب وليس أمامها حل آخر، ابتعدت عنه لتذهب إلى داخل المملكة بينما كان يُطالع اختفائها دون فِعل شيء، لقد اختارت الرحيل دون أي تفسير، لقد كذبت عليه، فأزال تلك الدمعة التي هربت من عينيه قائلًا بهمس غاضب ممزوج بحزن:

•〈 المَمْلكَة العَتِيقة 〉•حيث تعيش القصص. اكتشف الآن